نشرت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية، الجمعة وثيقة قالت إنها تظهر توقيع قطر وبرلمان الاتحاد الأوروبي اتفاقية “سرية” تسلط الضوء على المزاعم المتعلقة بقيام الدوحة بإغداق الأموال والهدايا على بعض النواب الأوربيين للتأثير على صنع القرار في بروكسل.
وأفادت الصحيفة بأن الوثيقة، الموقعة في أبريل من عام 2018، توضح كيف تمكنت دولة أجنبية من إقامة روابط جوهرية مع المشرعين في برلمان الاتحاد الأوروبي من دون إطلاق أي جرس إنذار داخل المؤسسة الأوروبية.
وقع الوثيقة من الجانب الأوروبي النائب السابق في البرلمان الأوروبي بيير أنطونيو بانزيري ومن الجانب القطري علي المري باعتباره رئيسا للجنة الوطنية لحقوق الإنسان القطرية.
وتقول اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان على موقعها الإلكتروني إنها تتمتع “باستقلال كامل” عن حكومة قطر.
تشير الصحيفة إلى أن الاتفاقية ربطت برلمان الاتحاد الأوروبي بلجنة حقوق الإنسان في قطر، حيث تضمنت تعهدا “بتوثيق التعاون” بين الجانبين ولفتت إلى “المشاريع” السنوية وتبادل “التجارب والخبرات”.
وتتابع الصحيفة أن بنود الاتفاقية وضعت الأساس لسنوات من التعاون، بما في ذلك تكاليف المؤتمرات ورحلات فاخرة مدفوعة الثمن للمشرعين الأوروبيين إلى الدوحة.
ومع ذلك، تقول الصحيفة إن الاتفاقية غير موجودة رسميا، ولم تُعرض أبدا على المشرعين لمراجعتها، ولم تمر عبر أي قنوات رسمية للموافقة، وفقا للبرلمان الأوروبي.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول في الخدمات الصحفية بالبرلمان الأوروبي القول إن “البرلمان ليس لديه معرفة رسمية بالوثيقة المشار إليها”.
الوثيقة التي نشرتها صحيفة بوليتيكو
الوثيقة التي نشرتها صحيفة بوليتيكو
وبحسب الخدمات الصحفية بالبرلمان فقد وقعت الاتفاقية في مكتب بانزيري، وكان حينها يشغل منصب رئيس اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان بالبرلمان الأوروبي.
لكن صورة مراسم التوقيع تظهر حضور أحد موظفي البرلمان الأوروبي، بالإضافة إلى وجود العلمين الرسميين للاتحاد الأوروبي وقطر، وفقا للصحيفة.
وقال شخص آخر مطلع على عمل اللجنة الأوروبية إن التوقيع جرى في إحدى غرف المراسم الرسمية بالبرلمان، والتي تستخدم عادة من قبل الوفود الأجنبية.
في عام 2019، بعد عام واحد من التوصل إلى “هذا التفاهم”، شاركت قطر في تنظيم أول مؤتمر لها في الدوحة بالشراكة مع البرلمان الأوروبي أو على الأقل باستخدام شعار البرلمان داخل المؤتمر، بحسب الصحيفة.
خلال المؤتمر، أشاد بانزيري بقطر باعتبارها نقطة “مرجعية” لمعايير حقوق الإنسان العالمية، وكيف أن المؤتمر كان ثمرة مباشرة للاتفاقية.
بعدها عقد مؤتمر في الدوحة عام 2020، جرى تنظيمه بالاشتراك مع البرلمان الأوروبي.
لكن مسؤول الخدمات الصحفية بالبرلمان نفى أن يكون الحدث منظما بشكل مشترك، قائلا “لم يكن حدثا للمؤسسة، لكن لا يزال يتعين علينا التحقيق في كيفية استخدام المنظمين لشعار البرلمان”.
تكشف الصحيفة أن قطر دفعت تكاليف الرحلات الجوية للحاضرين وعددهم 300 شخصا، بالإضافة إلى تكاليف إقامتهم في فندق ريتز كارلتون وعشاء في متحف قطر الوطني.
كان من بين الحاضرين نائبة رئيسة البرلمان الأوروبي في حينه اليونانية إيفا كايلي التي شكرت بانزيري على “تنظيم هذا الحدث”.
وكان من بين الحاضرين أيضا النائب عن الحزب الاشتراكي والديمقراطي مارك تارابيلا، الذي اعتقل الأسبوع الماضي على خلفية مزاعم الفساد.
ويشتبه المدعون البلجيكيون في أن تارابيلا أخذ ما يصل إلى 140 ألف يورو نقدا من بانزيري للتأثير على عمل الاتحاد الأوروبي لصالح قطر.
وتحقق السلطات البلجيكية في تورط عدد من النواب الأوروبيين في “مؤامرة رشى” قامت قطر والمغرب من خلالها بتحويل أموال عبر منظمات غير حكومية للتأثير على قرارات للبرلمان الأوروبي.
وقالت الشرطة في وقت سابق، إنه تم اكتشاف ما يقرب من 158 ألف دولار داخل منزل النائبة اليونانية، إيفا كايلي، وهي متهمة بتلقي رشاوى من قطر.
وفي 13 ديسمبر، قال المتحدث باسم مكتب المدعي العام الاتحادي البلجيكي، إريك فان دويز، للصحفيين، “كان الغرض من الرشوة هو دعم هذه الدولة الخليجية في القرارات الاقتصادية والمالية والسياسية للبرلمان الأوروبي”.
وفي حين نفت الدوحة أي ضلوع لها في القضية، أكد المغرب أنه ضحية “هجمات إعلامية” غير مبررة على خلفية مزاعم الفساد.
والفضيحة محرجة بشكل خاص للبرلمان الأوروبي الذي يعتبر نفسه البوصلة الأخلاقية في بروكسل إذ يصدر قرارات تنتقد انتهاكات حقوق الإنسان في العالم ويوبخ الحكومات الأوروبية.
وهزت الاتهامات البرلمان وأرخت بظلالها على مؤسسات أخرى للاتحاد الأوروبي في بروكسل.
الفضيحة التي أطلق عليها عدد من النواب ووسائل الإعلام اسم “قطر غايت”، قد تلقي بظلالها على الانتخابات المقبلة للبرلمان المقررة في غضون 18 شهرا.
ولم يرد مكتب الاتصال الحكومي في قطر على طلب أرسله موقع “الحرة” عبر البريد الإلكتروني للتعليق.