بأعجوبة بالغة نجا المواطن الخمسيني يوسف نايف محاجنة، من بين أنياب الكلب البوليسي الذي هاجمه بحراسة جنود الاحتلال الذين لم يستجيبوا لصرخاته خلال اقتحامهم لمنزله في حي “خلة الصوحة” بمدينة جنين، فجر الإثنين الماضي، وما زالت تتذكر صور اللحظات الرهيبة التي عاشتها خاصة عراكه مع الكلب الإسرائيلي، واستماته في الدفاع عن حياته حتى تمكن من تخليص نفسه بعدما نهشه في يده.
صور مروعة ..
ويقول محاجنة، “لم يكن أمامي خيار سوى التصدي ومقاومة الكلب الذي هاجمني بشراسة والقاني أرضاً، وبينما كنت أدافع عن نفسي، وقف الجنود يتفرجون علي ولم يتحركون لإنقاذي، رغم صرخاتي المتكررة وحالة الرعب التي سيطرت على أسرتي التي احتجزوها ومنعوها من الوصول لغرفة النوم وإنقاذي”.
محاجنة الذي يعاني من مرض القلب، وخضع لعملية جراحية مؤخراً، روى، “أنه عندما أوقعه الكلب على الأرض، صرخ في وجه الجنود: “أبعدوه عني أنا مريض، وأجريت عملية قلب مفتوح، لكن دون جدوى لم يتحركوا، وبقيت أعارك الكلب، ولم يتدخلوا إلا بعدما نهشني، فاحتجزوني وعزلوني عن أسرتي، حتى انتهت العملية بعد 3 ساعات دون علاج”.
كوابيس رعب ..
صرخات محاجنة، أثارت قلق وغضب أسرته، كما تروي كريمته الممرضة “وعد”، التي طلبت من الجنود السماح لها بعلاج والدها كونها ممرضة ولكنهم رفضوا، وتقول: “عشنا كوابيس رعب وقلق، عندما سمعنا استغاثة وصرخات والدي، فقد استيقظت على صوت صراخ قوي، وعندما فتحت الباب لمعرقة ما يجري داخل منزلنا، وجدت المستعربين يقفون أمامنا ويغلقون باب الغرفة، وشاهدت والدي ملقى على الأرض والكلب ينهش به، ووالدتي تصرخ لإنقاذ والدي وإبعاد الكلب عنه، بينما كان يقفون ويوجهون سلاحهم نحونا”.
وتضيف: “حاولت الوصول لوالدي لمساعدته عندما شاهدت دمه ينزف أرضاً، لكن الجنود حاصرونا وأشهروا أسلحتهم بوجوهنا، واحتجزونا في غرفة الصالون وهم يهددون باعتقالنا”.
لم ينتهي المشهد، قوات الاحتلال احتجزت وعد ووالدتها وشقيقها شادي، ونقلوا شقيقها البكر أحمد (21 عاماً) لغرفة أخرى، وأخضعوه للتحقيق الميداني، وتقول “رغم تهديداتهم، كررت طلبي بإخلاء سبيلي لعلاج جرح والدي، لكن دون جدوى رفضوا، بغضب طلبوا منا التزام الصمت، ألقوني ووالدتي وشقيقي أرضاً على وجوهنا وهم يصرخون، ثم قيدونا بالكلبشات البلاستيكية وشدوها بشكل مؤلم وموجع، وكلما طالبنا بعلاج والدي يستنفرون، ثم ضربونا أنا ووالدتي، بينما تعرض شقيقي أحمد للتحقيق”.
وذكر محاجنة، أن قوات الاحتلال انسحبت من منزله وتركته ملقى على الأرض، وبقيت زوجته وكريمته مقيدين، دون فك القيود حتى حضر الجيران وحلوها، وتبين اعتقال نجله أحمد، ويقول: “ما تعرضنا له، استمرار لجرائم الاحتلال الذي تركني أنزف وبعد انسحابه تلقيت العلاج في المشفى، بينما ابني لم يكن مطلوباً، بل كان يعيش حياة طبيعية، ويواصل عمله المعتاد على دراجة نارية لتوزيع الطلبات على المواطنين”، محملاً الاحتلال كامل المسؤولية عن حياته.
اقتحام واشتباكات
نفس المشاهد، تكررت في منزل شقيق محاجنة، المرحوم سمير نايف محاجنة، والتي انتهت باعتقال نجله ساهر (22 عاماً)، فقوات الاحتلال اقتحمت المنطقة وداهمت المنازل، ونصبت فرق القناصة عليها، لدعم الوحدات الخاصة التي تسللت تحت جنح الظلام لإحياء الصوحة والجابريات والمراح، وحاصرت عدة منازل، وجوبهت بمقاومة عنيفة من المقاومة التي اشتبكت مع الاحتلال بالرصاص الحي والعبوات الناسفة حتى انسحابها.
تخريب وتنكيل ..
تقول المواطنة الخمسينة أم ساهر “إن العشرات من الجنود اقتحموا منزلها بعد تفجير بوابته الرئيسية، وخلال لحظات تحولت العمارة التي تقيم فيها ومنزلها لثكنة عسكرية”.
وتضيف “واحتجزونا، وعزلوني وابنتي في غرفة، فقد عاثوا فساداً في كل الأثاث، ودمروا الأجهزة وأغراضنا وملابسنا، ولم يراعوا كون ابنتي مريضة، نقلوا ابني ساهر للصالون، وضربوه، وسمعتهم وهم يحققون معه، وعندما حاولت الوصول إليه وطلبت منهم عدم ضربه، منعوني وصرخوا وتعاملوا معنا بطريقة وحشية”.
أصعب لحظة لمحاجنة، عندما عجزت كما تعبر عن إنقاذ بكرها، وتقول: “شعرت أنهم يعتقلوني معه، عصبوا عينيه وقيدوه، وقلبي يتوجع ويبكي، لعجزي وقلة حيلتي وعدم قدرتي على إنقاذه من قبضتهم”.
وتضيف: “ما أعلنه الاحتلال كون ابني مطلوب، عار عن الصحة، ولو كان مطلوباً لما وجدوه نائما بشكل طبيعي في فراشه وسط أسرته، هذه كذبة مفبركة، لخداع العالم وتبرر ممارساتهم التعسفية، ساهر يعيش حياة عادية ويعمل بشكل منتظم، وليس لها أي نشاط سياسي ولا ينتمي لحزب أو جهة”.