كشفت مصادر مصرية، مطلعة على الوساطة التي تقودها القاهرة بين فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي، تفاصيل الساعات الأخيرة في تحركات الوسطاء، الخاصة بوقف إطلاق النار في القطاع، موضحة أن المفاوضات “تشهد اضطراباً كبيراً”، مضيفة أنه “بعدما كانت الأمور تسير في اتجاه التوصل لاتفاق وكانت قريبة للغاية من هذه النقطة، انهارت المفاوضات في أعقاب اغتيال القيادي بحركة الجهاد أحمد أبو دقة (عضو المجلس العسكري لـ”سرايا القدس” الجناح العسكري للحركة)”.
وأشارت المصادر لصحيفة العربي الجديد إلى أنه “خلال مباحثات ليلية، حاولت مصر استيعاب الانتكاسة التي حدثت في المفاوضات، في أعقاب اغتيال أبو دقة، وقدمت بالفعل ورقة تفاوض (مُعدلة) للجانبين للتوافق على خطوط عريضة يجري بموجبها إعلان وقف فوري لإطلاق النار، على أن تُستكمل المفاوضات لاحقاً”، لافتة إلى أنه “أمام تواصل المفاوضات طوال ساعات الليل من دون التوصل لاتفاق نهائي، وما تبع ذلك من إطلاق المقاومة صواريخ وصلت تل أبيب، جاءت الانتكاسة الثانية من الجانب الإسرائيلي، الذي أبلغ الوفد المصري الموجود في تل أبيب منذ أمس الأول الخميس، بوقف المفاوضات”. وبحسب المصادر، فإن القاهرة “لم تستسلم حتى الآن، وتسعى لتحريك العملية التفاوضية مجدداً، من أجل الوصول لقرار سريع بوقف إطلاق النار”.
وقالت المصادر إنّ “إحدى نقاط الخلاف الرئيسية، هي موعد دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، حيث يرغب كلا الطرفين في أن يكون هو صاحب الكلمة الأخيرة”، مشددة على أن “الورقة المعدلة التي قدمها الوسيط المصري، تضمنت وقفاً متزامناً لإطلاق النار”.
كما أشارت المصادر إلى “نقل حكومة الاحتلال، رسائل تهديد لحركة الجهاد عبر مصر، مفادها أن (كل ساعة تمر بدون التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإنهاء إطلاق الصواريخ تجاه الأراضي المحتلة، سيسقط خلالها قيادي بارز بالحركة من قادة الصفوف الأولى)”، لافتة إلى أن “اغتيال القيادي بسرايا القدس، أحمد أبو دقة، كان تفعيلاً لتلك التهديدات”.
في المقابل، بدت حركة “الجهاد الإسلامي” متمسكة بموقفها وشروطها الخاصة بوقف سياسة الاغتيالات الإسرائيلية، وفق تعهدات واضحة ومكتوبة برعاية الوسطاء، وتسليم جثمان الأسير خضر عدنان فوراً، ومنع “مسيرة الأعلام” التي ينوي المستوطنون تنفيذها.
ورجحت المصادر أن “يجري التوافق بشأن المطلب الخاص بوقف سياسة اغتيال القيادات، بتفاهمات شفهية، كما كان الحال خلال موجات التصعيد الماضية”.
وأكّد رئيس الدائرة الإعلامية في حركة “الجهاد الإسلامي”، أنور أبو طه لـ”العربي الجديد”، أنّ المقاومة لن تتنازل عن شرطها وقف الاغتيالات لـ”مجاهدينا وأبناء شعبنا”.
ويرفض الاحتلال الإسرائيلي، وفق معلومات متعددة، التعهد بعدم العودة لسياسة الاغتيالات ضد القيادات الفلسطينية وعناصر المقاومة شرطاً لوقف إطلاق النار، والذي بدأ جولة التصعيد الحالية باغتيال ثلاثة من أبرز قادة “سرايا القدس” فجر الثلاثاء الماضي.
وقال أبو طه إننا “أمام هذا العدوان الجبان والغادر الذي استهدف قادة المقاومة وعائلاتهم، نقول لقادة العدو إن سياسة الهدوء مقابل الهدوء التي يسعى إليها قد ولّت”.
ووجه أبو طه رسالة للإسرائيليين قال فيها: “ليعلم العدو الصهيوني أن سرايا القدس ما زال لديها الكثير والمؤلم من الضربات لكل أماكن وجوده”.
وقالت حركة “الجهاد الإسلامي”، الجمعة، إن موفدها للعاصمة المصرية القاهرة، يناقش مع مسؤولين، عدداً من الأفكار والمقترحات بشأن التوصل إلى تهدئة في قطاع غزة.
وقال القيادي في الحركة، إحسان عطايا، في تصريحات صحافية “قُدمت لموفدنا في القاهرة أفكار للتهدئة، وجارٍ مناقشتها”.
وكان رئيس الدائرة السياسية لحركة “الجهاد الإسلامي” محمد الهندي قد وصل القاهرة، الخميس، بدعوة رسمية من المسؤولين في جهاز المخابرات العامة، وذلك بعد ما رفض الأمين العام للحركة، زياد النخالة، تلبية الدعوة المصرية في الوقت الحالي.