تبددت فرحة عائلة علاونة بعيد الفطر السعيد، بتجديد الاحتلال الاعتقال الإداري للمرة الثانية لنجلها الجريح الأسير براء كفاح علاونة، فعندما شارفت محكوميته على الانتهاء، وعندما كانت تستعد لاستقباله لتستعيد فرحتها التي حرمها الاحتلال منها بتغييبه عن موائدها خلال شهر رمضان المبارك، عاشت الحزن في ظل قرار التجديد لمدة 6 شهور ثانية، مما شكل صدمة لوالدته الاربعينية أم باسل.
وقالت والدته: “طوال الفترة الماضية، لم أعرف طعم النوم والحياة لقلقي على براء المعتقل بشكل تعسفي وظالم، فالاعتقال الإداري مصيبة وكارثة كبيرة تسلب الأسير حياته، وتنغص على أسرته في ظل بقاء مصيره مجهول”.
وتضيف: “أيام رمضان كانت مؤلمة ونحن نفتقده، وبحلول العيد تفاقمت معاناتنا، فلم نعرف طعم الفرح ولم تدخل بهجة العيد منزلنا، وسنبقى في دوامة الألم حتى حريته وعودته لأحضاننا، وخلاصه من ويلات السجون”.
في مدينة جنين، أبصر براء النور قبل 22 عاماً، ليكون الرابع في عائلته المكونة من 9 أفراد، نشأ وتربى في أزقة البلدة القديمة، التي تعتبر قلعة للنضال في جنين، وسط أسرته المناضلة التي قدمت الشهداء والأسرى والمناضلين والجرحى، وكان منها المطلوبين والمستهدفين للاحتلال وبينهم والده المناضل كفاح علاونة، بينما أخر شهداء العائلة أحمد نظمي علاونة ابن عمه الذي ارتقى خلال مقاومته للاحتلال على أبواب مخيم جنين بتاريخ 28-9-2022.
في منزل عائلته الذين يتزين بصور الشهداء، ويتوسطها براء تحدثت والدته الصابرة نجلاء علاونة “أم باسل”، بتأثر ولوعة عن محطات حياته وسيرة نجلها الأحب لقلوب جميع أفراد العائلة، التي عانت الكثير بفعل استهداف الاحتلال لها، فقد تعرض زوجها للمطاردة والإصابة خلال انتفاضة الحجر، وتقول: “عاش حياة طبيعية، تعلم في مدارس جنين حتى أنهى الصف الأول الثانوي، لكن ما عايشته عائلتنا من صور وأحداث أثرت على شخصيته، فتميز بالشجاعة والبطولة وحب الوطن والانتماء إليه، شارك في كافة الفعاليات الوطنية والمسيرات”.
وتضيف: “بتاريخ 24/4/ 2021، كتب رب العالمين له حياة جديدة، فقد نجا من الموت بأعجوبة، بعدما أصيب برصاص الاحتلال في كلتا قدميه خلال مواجهات عنيفة على حاجز الجلمة”.
وتكمل: “خضع لعدة عمليات جراحية، وقضى عدة شهور تحت العلاج والمتابعة حيث تم زراعة بلاتين في قدميه، وبرعاية رب العالمين، استعاد صحته وعافيته”.
خلال الانتفاضتين، تعرض منزل عائلة علاونة، للكثير من عمليات الدهم والتفتيش والتخريب، خلال ملاحقة واستهداف أبنائها، وبعد مرور سنوات طويلة، وعندما كانت ما زالت تعيش وجع وألم فقدان شهيدها المشتبك أحمد رغم اعتزازها ببطولاته وشجاعته، عاد ليتكرر المشهد في ذاكرتها، فجر تاريخ 20/10/2022 بعملية جديدة، نفذتها وحدات المستعربين الخاصة، انتهت بانتزاع براء من وسط أسرته.
ويقول الوالد الخمسيني أبو باسل: “تحت جنح الظلام، تسللت وحدات المستعربين لمحيط منزلنا في البلدة القديمة، مستخدمة مركبات فلسطينية، دون أن نتنبه لها حتى فوجئنا بهم، يقتحمون المنزل بطريقة همجية، دون مراعاة وجود نساء وأطفال”.
ويضيف: “بعد العملية اكتشفنا أن الاحتلال حول المنطقة لثكنة عسكرية، بمحاصرة منزلنا بعد احتلال العمارات والأبنية المجاورة، ونصب فرق القناصة عليها، لتصفية واغتيال براء إذا حاول الهرب، ولقطع الطريق أمام المقاومة من التصدي لها”.
ويكمل: “لكن براء كان يتواجد في المنزل بشكل طبيعي، كونه غير مطلوب، ونفذوا الهجوم المباغت على منزلنا بسرعة، ملثمين ومقنعين ومدججين بالسلاح، احتجزوا العائلة واعتقلوا ابني واعتدوا عليه بالضرب، رغم كونه مصاب بقدميه، ثم عصبوا عينيه وقيدوا يديه، وصادروا هاتفه الخلوي واقتادوه معهم للتحقيق”.
رغم عدم إدانته بأي تهمة ودون محاكمة، نقلت قوات الاحتلال الجريح براء لسجن مجدو، وفور وصول لأقسام الأسرى، سلموه قرار تحويله للاعتقال الإداري لمدة 6 شهور بذريعة الملف السري، ويقول والده: “خلال اعتقاله نقلوه إلى مشفى العفولة الإسرائيلي، بسبب حاجته للرعاية والعلاج، ولكن لم يبقى سوى يوم واحد، ولم يتلقى العلاج، بالطريقة المناسبة، كأسير له حق في العلاج والرعاية، ونقلوه إلى سجن مجدو، ولازال يعاني الأمرين من مضاعفات مستمرة في قدميه المصابتين، ويرفضون علاجه وهو يحتاج إلى طبيب مختص لمعاينته ورعايته لمتابعة وضع إصابته”.
ويضيف: “منذ اعتقاله، نعيش أجواء القلق والتوتر لخوفنا على حالته الصحية، خاصةً في ظل غياب دور وتقصير المنظمات الإنسانية والدولية، إضافة لمخاوفنا من دوامة التجديد العقاب الذي يمارسه الاحتلال بشكل ظالم، لأن الاعتقال الإداري ليس له نهاية”.
بفخر واعتزاز، تحدثت الوالدة أم باسل عن حبيب قلبها، وقالت: “كلنا نعتز بصموده وصبره وثباته، وتحديه للاحتلال رغم جرحه النازف، وكأهالي أسرى، دوماً هاماتنا شامخة ونرفع رؤوسنا بأبطالنا، ونتمنى أن يتمكن المحامي من كسب قضية الاستئناف التي قدمها ضد التجديد الثاني”.
وأضاف والده: “هذه الممارسات تعبير عن افلاس الاحتلال وسياساته الظالمة لعقاب الأسير وأسرته، وكلنا أمل بحرية براء وكل الأسرى حتى نفرح بأعيادنا التي ستبقى أسيرة، فعيدنا يوم حريتهم وحرية أرضنا وشعبنا”.