تمكنت مصر وسوريا بمساعدة الاتحاد السوفيتي قبيل وخلال حرب أكتوبر بالطائرات والمعدات العسكرية، من تحقيق انتصار على إسرائيل.
بداية القصة عندما توجه عدد من المهندسين والمستشارين السوفيت إلى مصر لإصلاح الطائرات الروسية التى استوردتها من روسيا من طراز ميغ – 21 و ميغ – 25 قبل حرب أكتوبر عام 1973.
وظهرت مجموعة من المستشارين السوفيت الذين كان له الأثر الكبير في انتصار مصر في حرب أكتوبر وهم فيكتور شاروف وفيكتور سابجين.
كان فيكتور شاروف، ملازما شابا وهو خريج مدرسة الطيران العسكرية متخصص في تقنيات الطائرات وانضم إلى الخدمة في فوج الطيران “47 أوجراب . 36795” في مطار شاتالوفو السوفيتي.
وانتقل شاروف إلى القاهرة في أوائل ربيع عام 1972 مع مجموعة من الطيارين وموظفي الصيانة في قاعدة جوية غرب القاهرة حيث كانت تتواجد طائرات من طراز ميغ – 25.
عاش شاروف مع مجموعته بالقرب من مطار القاعدة في الثكنات.
أم فيكتور سابجين فهو من مواليد 28 فبراير عام 1949 والتحق بالمدرسة الفنية للطيران، وتخرج مع مرتبة الشرف وفي الفترة من سبتمبر 1971 إلى سبتمبر 1992، خدم في فوج الطيران “47 أوجراب . 36795” .
وكان المهندسان الروسيان ضمن الدفعه الثانية من الطيارين المدربين السوفيت الذين وصلوا إلى مصر في مارس 1971، وكانت تشمل المجموعة طيارين على مستوي عال جدا ومعهم أحدث نسخه من طائرات ميغ 25 والذي ترأسهم الميجور جنرال بيافيسكي والذي حقق 19 نصرا جويا خلال الحرب العالميه الثانية.
كانت مهام تلك الطائرات المتقدمة جدا على درجة عالية من السرية، لأنها تتضمنت عمليات استطلاع داخل إسرائيل ذاتها وليس سيناء فقط، وكانت قوة الاستطلاع تتكون من طائرتين من نوع MIG 25R وطائرتين – MIG 25 RB.
وتم نقل طائرات الميغ – 25 بطائرات أنطونوف – 12 التي كانت تحمل العلامات المصرية، وكانت من المفترض أن يكون وصولها سرا لكنه ظهر مقال في جريدة الأهرام في 18 ديسمبر 1971 يعلن وصول طائرات سوفيتية جديدة مع صورة للميغ 25 أثناء طيرانها، وقد عبر رئيس أركان القوات الجوية السوفيتية عن غضبه من تصرف المصريين وسأل كبير الخبراء السوفيبت عن سبب نشر تلك الصورة ورد كبير الخبراء بافيسكي بأن المصريين عرضوا صورة لميغ 25 من طراز بي، وهي صورة ترجع إلى العرض الجوي في دوموديفو عام 1967 وأن الطائرات التي وصلت مصر من نوع مختلف تماما .
وبعد وصول الطائرات إلى مصر تم وضعها ضمن السرب 63 المستقل (سرب سوفيتي) وتمركزت في غرب القاهرة وحظى هذا السرب الخاص بخصوصية، خاصه وأن تلك الطائرة وهؤلاء الطيارين كانوا من نخبه الطيارين السوفيت الذين يطيرون بأفضل الطائرات السوفيتية. وتدرب الطياريون على مسارهم داخل إسرائيل بمسار بديل مشابه لما سيقومن به، واستخدموا ميدان معركة العلمين ومخلفات الحرب هناك للتصوير الاختباري.
وتم تشغيل المحركات من داخل الدشم والانطلاق في أزواج حتى إذا ما سقطت إحدى الطائرات يمكن للطيار الآخر إرشاد فريق الإنقاذ إلى مكان قفز الطيار مما يعزز نجاح المهمة. وبالطبع كان الصمت اللاسلكي واجبا في مثل تلك الطلعات.
وفي شهر مايو عام 1972، شهدت القاعدة الجوية غرب القاهرة عرضا للطائرات السوفيتية الجديدة سو – 17 و ميغ – 25 بحضور وزير الدفاع السوفيتي جريتشكو، وقائد سلاح الجو السوفيتي كوتاخوف، بحضور الرئيس المصري أنور السادات وكان لهذا العرض تأثيرا مذهلا.. ففي اليوم التالي، زينت الصفحات الأولى من معظم الصحف المصرية بعناوين “معجزة جديدة روسية في سماء القاهرة”.
وكان يتم التنسيق بين إقلاع تلك الطائرات وطائرات تتواجد في مطار بني سويف من طراز “ميغ – 21” للحماية والتدخل للاشتباك إذا دعت الضرورة، ونظرا للتقدم الإسرائيلي في التنصت اللاسلكي والتليفوني في التشويش على الاتصالات بين تلك الطائرات، وأيضا لرصد الاتصالات المتبادله ومعرفة أن هناك طلعة استطلاع يتم التجهيز لها.
الجدير بالذكر أن المهندين السوفيت استطاعوا بحلول أبريل 1971 الوصول بسرعة الطائرة إلى ثلاث أضعاف سرعة الصوت في ثماني دقائق فقط مما أعطى الطيارين السوفييت الثقة في طائراتهم وبدأوا في الطيران فوق إسرائيل نفسها .
وكان المتبع أن تقلع طائرتان من طراز “ميغ – 25” لحماية تشكيل ميغ – 21، وبعدها تكتسب ميغ – 25 سرعة وارتفاعا عاليا فوق البحر المتوسط حتى تصل إلى ارتفاع 25 كيلومتر وسرعه 2.5 ماخ فوق سيناء أو إسرائيل طبقا للمهمة، وكان من الصعب على أي طائرة إسرائيلية أو أمريكية مقاتلة في ذاك الوقت الوصول إلى هذا الارتفاع.
وقد لاحظ الطيارون السوفيت محاولة الإسرائيلين الوصول إليهم عبر صواريخ هوك والتي يصل ارتفاعها إلى 12.2 كيلومتر فقط، وتم رصد محاولات الفانتوم الاقتراب منهم بلا جدوى مما زادهم ثقتهم في أنفسهم، حيث تابع المصريون ذلك على شاشات الرادار بسعادة كبيرة، فقد رصدوا محاولات الطائرات الإسرائيلية الإقلاع خلف تلك الطائرات وفشلهم في الوصول إليها.
وتمت مكافأة الطيارين بايفسكي والكولونيل بيزافيك والكولونيل بورهوف بلقب بطل الاتحاد السوفيتي، وكان يفترض على بايفسكي أن يظل في مصر لمده شهرين للحصول على صور الاستطلاع، لكن تقارير المخابرات السوفيتية أفادت بوصول منظومة صواريخ “نايك هركوليز” الصاروخية والتي تستطيع إسقاط طائرات فوق ارتفاع 20 كيلومتر مما أدى إلى توقف طلعات الاستطلاع للطائرات ميغ – 25.
وفي نهاية فترة خدمته في مصر سلم بايفسكي القيادة إلي نائبه الكولونيل شودين، حيث ظل السرب 63 المستقل في مصر لمدة عام واحد وعاد إلى الاتحاد السوفيتي في أبريل 72 تاركا خلفه أربع طائرات ميغ – 25 تمركزت في اليمن لكي يطير عليها طياريون سوفييت.
أصدرت الأوامر للخبراء السوفيت بمغادرة مصر عام 1972، لكن المرحلة التالية لدور الخبراء السوفيت في مصر بدأت في أكتوبر 1973، عندما اتضح أن الحرب لا تسير في صالح العرب، بدأ السوفييت جسرا جويا مماثل للجسر الأمريكي لإسرائيل، وتمت كل طلعات الجسر الجوي ليلا وفي صمت لاسلكي تام، وطارت الطائرات إلى المنطقة وهي تحمل النجمه الحمراء “رمز الاتحاد السوفيتي”، وشملت مئات الأطنان من الأسلحة والذخيرة وقطع غيار الطائرات، وتم إرسال كبير المستشارين السوفييت سريعا إلي مصر لمعاونة القوات الجوية، وتمركز 220 من الخبراء في السفارة السوفيتية تحت قياده الجنرال دفورنفيتش.