نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا أعدته ياسمين كاميرون- تشيلشي قالت فيه إن رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس تتعرض لضغوط كي تتخلى عن تحركها “المتهور” لنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس.
ونقلت تحذيرات لتراس من أن التحرك سيترك “هزات حول العالم”. وحذر خبراء السياسة الخارجية رئيسة الوزراء وطالبوها بإعادة النظر في مراجعة الحكومة نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، وسط مخاوف من أن التحرك قد يضر بسمعة بريطانيا ويعرض أمنها للخطر بالمنطقة.
وأكدت تراس في لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في الشهر الماضي أنها ستراجع موقع السفارة البريطانية الحالي في تل أبيب، بشكل سيؤدي لاتخاذ قرار يشبه قرار دونالد ترامب عام 2018 بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس. وفي أثناء حملتها لقيادة حزب المحافظين في الصيف الماضي كتبت تراس رسالة إلى مجموعة أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين تعهدت فيها بـ “بمراجعة التحرك والتأكد من أننا نعمل على قاعدة صلبة مع إسرائيل”، هذا لو فازت بقيادة الحزب.
وأثارت الرسالة إلى جانب تعليقاتها للبيد المخاوف في الدوائر الدبلوماسية. ولا تزال بريطانيا ملتزمة حتى الآن بأن القدس هي عاصمة مشتركة لإسرائيل والدولة الفلسطينية التي ستنتج عن مفاوضات للتسوية. ونقل السفارة يعني الاعتراف وبشكل فعلي أن القدس هي عاصمة إسرائيل وحدها.
ولم تنقل سوى الولايات المتحدة وكوسوفو وهندوراس وغواتيمالا سفاراتها إلى القدس.
وقال وزير الدولة السابق في وزارة الخارجية سين ألان دونكان والذي تولى المنصب ما بين 2016- 2019 محذرا بأن نقل السفارة البريطانية سيكون “تهورا ولا يقوم على مبادئ” و”سيمثل تحولا أساسيا في السياسة الخارجية البريطانية”. وناقش في رسالة إلى “فايننشال تايمز” قائلا “لو تمت متابعة القرار للنهاية، ونقلت السفارة فستتدمر سمعة بريطانيا في احترام القانون الدولي وستتقوض مكانتنا في العالم”.
وفي نفس الوقت جادل أليستر بيرت، وزير الدولة البريطانية للشؤون الخارجية السابق أن نقل السفارة يعتبر خرقا لقرارات مجلس الأمن الدولي بشأن إسرائيل وفلسطين والتي دعمتها بريطانيا في السابق. وقال “نحث بقية الدول للعمل بشكل جماعي والالتزام بواجباتها الدولية ولا نريد أن نظهر بمظهر من يتخلى عن واجباته”.
وناقش سير سايمون فريزر، الدبلوماسي السابق والمساعد الدائم السابق لوزير الخارجية أن نقل السفارة هو بمثابة إشارة “ضعف” بشأن التزام بريطانيا بحل الدولتين.
وحذر آخرون من أن القرار قد يترك عواقب سلبية أخرى على بريطانيا. وقال سير فينسنت فين، القنصل العام البريطاني السابق في القدس إن القرار “سيزيد من عداء العرب والعالم الإسلامي وبدون سبب مشروع” وربما عرض اتفاقية التجارة بين بريطانيا ومجلس التعاون الخليجي للخطر.
وتأمل الحكومة أن تضيف الصفقة إلى اقتصاد بريطانيا 1.3 مليار جنيه في العام. وأضاف فين أن التحرك قد يترك آثارا أمنية خطيرة، مشيرا إلى مقتل 50 فلسطينيا بعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس “حياة الناس في خطر” و”القدس هي علبة كبريت وعلى تراس إطفاء عود ثقابها”. وقال مكتب الحكومة في داونينغ ستريت إن المراجعة جارية ولكنها لم تحدد موعدا للنتيجة. وقال حزب العمال والليبراليون الديمقراطيون إنهم يعارضون أي نقل للسفارة.
وفي نفس الوقت حث القادة الدينيون أسقف ويستمنستر الكاردينال فينسنت نيكولز وأسقف كانتبري جاستين ويلبي الحكومة على إعادة النظر في التحرك.
وهناك نوع من عدم الارتياح وسط النواب المحافظين في البرلمان. وحذر ويليام هيغ، زعيم الحزب السابق في مقال نشرته صحيفة “التايمز” من أي تحرك، مجادلا أن التحرك “سيضع بريطانيا إلى جانب دونالد ترامب في السياسة الخارجية”.
ووصف نائب بالمقاعد الخلفية منظور التحرك بأنه “جنون”، وقال إن النواب قلقون من موقف الناخبين المسلمين والتأثير الأوسع على مصالح السياسة الخارجية واستقرار المنطقة. وحذر مسؤول بارز في الحزب من أن التحرك “سيحدث توترات حول العالم”.