إسرائيل اليوم – بقلم أمنون لورد- كي نحصل على توازن ما إزاء التقدم السريع في تحسين العلاقات بين إسرائيل والسعودية، ينبغي لنا العودة قليلاً إلى أكثر من نصف سنة إلى الوراء.
لقد اتخذت السعودية خطوة مفاجئة، وخلقت هزة في الشرق الأوسط وأصابت الأمريكيين بالصدمة؛ فقد استأنفت العلاقات مع إيران بوساطة الصين. وبدا فجأة أن الولايات المتحدة تتبخر من المنطقة بينما يصبح محور الصين – إيران – روسيا سائداً إن لم يكن متحكماً بالشرق الأوسط، وبدت أيضاً كضربة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. في فترة ما قبل الانتخابات، وفي أيام تشكيل الحكومة، عرض علناً رؤية سلام مع السعودية وتطبيع العلاقات معها، وهي خطوة دراماتيكية تعمق وتعزز اتفاقات إبراهيم، لكن إدارة بايدن قاطعت “حكومة اليمين المتطرفة”. وكان يبدو أن السعوديين، الذين كانوا في حالة انتظار، فهموا بأن الضلع الثالث في تطبيع العلاقات مع إسرائيل، أي الولايات المتحدة، خرج من الصورة. انتظروا شهرين ونصف شهر، وعندها اتخذوا خطوتهم تجاه إيران والصين.
أطلقت أقوال متفائلة هنا وهناك جاء فيها أن السعودية لم تغلق الباب على السلام مع إسرائيل. واعتقد رئيس الوزراء نتنياهو بأن إعادة العلاقات مع إيران تتركز في اتفاق حول اليمن. هكذا بحيث أن الاختراق فيما بدا كمبادرة أمريكية والأجواء المتفائلة التي سادت في أثناء انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة، هي المفاجأة الكبرى لهذه السنة.
مقارنة بما كان معروفاً منذ أكثر من 20 سنة كـ “مبادرة السلام السعودية”، التي في مركزها دولة فلسطينية إلى هذا الحد أو ذاك في حدود 1967، يدور الحديث عن انعطافة تاريخية. فقد ادعت محافل مختلفة الأسبوع الماضي بأن الحدث لا يهم عن أي تنازلات من إسرائيل، فالفلسطينيون لا يحصلون على دولة؛ لكن الواضح في هذه المرحلة أن السعودية لا تنتظر الفلسطينيين الذين لا بد سيرفضون أي مبادرة، وذلك بروح هجمات الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الذي يتهم السعوديين بالخيانة.
ستواصل المملكة السعودية حملة التطبيع مع إسرائيل مع أو بدون الفلسطينيين. يتبين أن السعوديين يهتمون بأنفسهم، والتقرب من إسرائيل ضروري لهم أكثر من الحل للفلسطينيين.
فضلاً عن ذلك، ورغم اشتراط الاتفاق مع إسرائيل مقابل اتفاق عسكري مع الولايات المتحدة، لا يبدو أن السعوديين ينتظرون، فقطار الوزراء الجوي إلى الرياض بدأ الآن – حاييم كاتس، والآن شلومو كرعي. بهذه الوتيرة، ربما نرى لاحقاً زيارة رئيس الوزراء نتنياهو إلى المملكة أيضاً، وبعد ذلك السجود الملكي في الأقصى.
يعرف بن سلمان كيف يصلي بقدر لا يقل عن أردوغان، الذي أعلن عن خططه الآن. ثمة إحساس، وقد يكون مغلوطاً بأن السعوديين والإسرائيليين يتقاربون معاً دون تعلق بالأمريكيين. لقد نشر الأمريكيون تقديراً بأن إيران على مسافة أسبوعين من قدرة نووية. لكنهم يميلون إلى تخفيض التوتر والاحتواء، فيما تعنى إسرائيل والسعودية بالردع والمنع.
إن المصلحة المتبادلة للدولتين مختلفة، والنتيجة تثبت بأن فكر نتنياهو كان صحيحاً على مدى السنين؛ بمعنى أنه يمكن صنع السلام مع السعوديين دون إقامة دولة فلسطينية، ودون الانسحاب من “المناطق” [الضفة الغربية] ودون إخلاء المستوطنات. فمن حلم بهذا؟