أعلنت شركة الهايتك العملاقة “بابايا” وصندوقا رأس مال مجازف عن سحب أموالهم من إسرائيل، احتجاجا على خطة نتنياهو ليفين لتعديل القضاء، وفق ما ذكرت وسائل إعلام عبرية يوم الخميس.
أعلنت شركة الهايتك العملاق “بابايا غلوبال”، الخميس، أنها قررت “إخراج جميع أموال الشركة من إسرائيل”، وفقا لما جاء في صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية.
وكتبت المديرة العامة ومؤسسة الشركة، عينات غيز، في حسابها في تويتر أنه “في أعقاب تصريحات رئيس الحكومة نتنياهو أنه عازم على تمرير الإصلاحات التي تستهدف الديمقراطية والاقتصاد، اتخذنا قرارا تجاريا بإخراج جميع أموال الشركة من إسرائيل. ولا يوجد في الإصلاحات المخطط لها أي تأكيد على أنه بإمكاننا إدارة أنشطة اقتصادية دولية من إسرائيل. وهذه خطوة تجارية مؤلمة لكنها مستوجبة”.
و”بابايا غلوبال” هي شركة إسرائيلية مقرها في مدينة هرتسيليا، طورت برمجيات تستند إلى السحابة من أجل إدارة عاملين وحسابات أجور لشركات عالمية، بينها “إينتل”، “مايكروسوفت”، ماكدونالدز، جنرال إلكتريك وغيرها.
كذلك أعلن صندوقا رأس المال المجازف، DISRUPTIVE و DISRUPTIVE AI، الخميس، للمستثمرين لديهم عن عزمهما إخراج أموال الصندوقين إلى خارج إسرائيل. ويدير الصندوقان معا 250 مليون دولار.
وقال رئيس الصندوقين، طال برناح، لصحيفة “كلكليست” الاقتصادية، إنه في حال تنفيذ خطة الحكومة “سينشأ عدم استقرار اقتصادي في دولة إسرائيل، وفعليا ستكون سلطة واحدة تنفذ ما تشاء وبضمن ذلك تعديلات وتغييرات في الضرائب وشكل عمل الشركات. فالاقتصاد مبنيّ على الاستقرار. وأنا موجود حاليا في لندن، والتقيت مع مستثمرين لديّ وهم قلقون جدا. وهم يقولون إنه إذا تم تمرير الإصلاحات، فليس واضحا لهم إذا كانوا سيستمرون بالاستثمار في إسرائيل ومن الجائز أن يضطروا إلى إجراء تغيير لأنهم لا يريدون أن يكونوا تحت رحمة سلطة واحدة”.
وأضاف أن هذه الخطوة تعني أنه “لدى الدعوة المقبلة للمال من المستثمرين، فإنه سيبقى في بنوك خارج البلاد وليس في البلاد. والرسالة هنا هي أن الأنشطة المصرفية في إسرائيل أيضا ستضرر، وهذا ما لا يدركونه وهو أن التاليين الذين سيتضررون سيكونون مواطني إسرائيل وسيكون هناك مال أقل للأشخاص المحتاجين له”.
أزمة حادة
تواجه إسرائيل أزمة تقول المعارضة إن نتائجها قد تكون وخيمة بما في ذلك على الاقتصاد، وسط سعي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى دفع خطة لإصلاح القضاء تصر المعارضة على أنها “انقلاب” سيمثل بداية النهاية للديمقراطية الإسرائيلية.
ووصل نتنياهو إلى سدة الحكم مجددا أواخر الشهر الماضي على رأس ائتلاف حكومي من أحزاب تمثل أقصى اليمين القومي والديني في إسرائيل.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، عرض وزير العدل في حكومته ياريف ليفين ملامح خطة لإصلاح القضاء يتوقع أن ينتهي من صياغتها بنهاية الشهر الجاري.
وتشمل الخطة سيطرة الحكومة على تعيين القضاة والحد من سلطات المحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية في إسرائيل)، التي لن يكون بإمكانها الاعتراض على قوانين تم تمريرها بأغلبية 61 صوتا في الكنيست (يملك تحالف نتنياهو 64 مقعدا من أصل 120 بالكنيست).
ويوم الثلاثاء، عقد محافظ بنك إسرائيل (المركزي)، أمير يارون اجتماعا طارئا مع نتنياهو، أبلغه فيه بمخاوفه من أن تتسبب خطة إصلاح القضاء في أضرار جسيمة للاقتصاد.
ووفق هيئة البث العبرية الرسمية، فإن يارون العائد مؤخرا من المؤتمر الاقتصادي في “دافوس” أبلغ نتنياهو أن كبار الاقتصاديين في العالم ومسؤولين في شركات التنصيف الائتماني قد حذروه من أن خطة نتنياهو قد تدفع بالمسثمرين إلى الهروب من إسرائيل وتتسبب في تراجع التصنيف الائتماني لإسرائيل والتي صنفتها العام الماضي شركة “S&P” عند مستوى (AA-) مع توقعات تصنيف “مستقرة”.
رؤوساء جامعات وخبراء اقتصاد
وأثارت تصريحات محافظ بنك إسرائيل ردود أفعال واسعة داخل البلاد، وفي وقت سابق من يوم الأربعاء، وقع أكثر من 270 من أعضاء هيئة التدريس في مجالات الاقتصاد والإدارة من جامعات وكليات في إسرائيل على إعلان رأي بشأن الضرر المتوقع للاقتصاد الإسرائيلي نتيجة لذلك.
وقالوا في بيانهم: “نحذر بشدة من المبادرات الحالية للائتلاف، والتي تعني تغييرا جوهريا في نظام الحكم في إسرائيل وخطرا على مستقبل الاقتصاد الإسرائيلي”.
وأضافوا: “نحن، المحاضرون في مجالات الاقتصاد والإدارة، نعرب عن قلقنا العميق إزاء تحركات الحكومة التي من المتوقع أن تضر باستقلال القضاء والخدمة العامة، والتي في تقديرنا ستلحق ضررا غير مسبوق بالاقتصاد الإسرائيلي”.
وجمع البيان كبار المسؤولين السابقين في الاقتصاد الإسرائيلي، وكبار المسؤولين في بنك إسرائيل، ومستشارين اقتصاديين سابقين لوزراء المالية وكبار المحاضرين من الكليات الرائدة في العالم.
وعبر رؤساء الجامعات الإسرائيلية عن “قلق عميق” من الانشقاق والتقاطب الحاصل في المجتمع الإسرائيلي بعد الإعلان عن خطة إضعاف جهاز القضاء، وحذروا من خطوات تقدم عليها الحكومة ومن شأنها أن تؤدي إلى استهداف حقيقي للمناعة القومية واستقرار إسرائيل.
وحذر رؤساء الجامعات من أن تنفيذ هذه الخطة سيلحق ضررا شديدا بالمؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، وسيؤدي إلى هروب أدمغة، وإثر ذلك ستقوم جامعات في دول في أنحاء العالم بإقصاء الجامعات الإسرائيلية.
وجاء في عريضة أصدرها رؤساء جامعات تل أبيب والعبرية وبن غوريون والتخنيون وبار إيلان وحيفا ومعهد وايزمان والجامعة المفتوحة، أنه “نعبر عن قلق عميق من الانشقاق والتقاطب في المجتمع الإسرائيلي ومن خطوات قد تؤدي إلى استهداف حقيقي للمناعة القومية واستقرار دولة إسرائيل. وندعو الحكومة والكنيست إلى الحفاظ على القيم الأساسية لوثيقة الاستقلال، وخصوصا الحفاظ على حقوق الأقليات، وعلى كرامة الإنسان”.
وأضافوا “أننا ندعو الحكومة والكنيست إلى الامتناع عن تغيير دستوري سريع من دون نقاش برلماني وشعبي صادق وثاقب حول المواضيع المختلف عليها وعلى تأثير ذلك على الأمن والاقتصاد والمجتمع الإسرائيلي. ونحذر من خطوة غير مدروسة وندعو إلى تنفيذ التغييرات، في حال تقرر تنفيذها، تدريجيا وعلى مراحل، من أجل ضمان نتائج مثمرة تعود بالفائدة على دولة إسرائيل ومواطنيها”.
تصريحات نتنياهو “تسونامي الكذب”
وعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي مساء يوم الأربعاء، مؤتمرا صحفيا مشتركا مع وزراء المالية والاقتصاد والخارجية في محاولة منه لطمأنة الإسرائيليين.
وقال نتنياهو: “لا مجال للترهيب” فيما يتعلق بالتغييرات المخطط لها في النظام القضائي.
واتهم نتنياهو المعارضة بـشن “تسونامي أكاذيب” حول الأضرار الاقتصادية المحتملة لخطته، واعتبر أن “سيادة القانون والديمقراطية ستعززان بالفعل”.
وأضاف: “سمعت عن تأثير الإصلاح القضائي على قوتنا الاقتصادية. يجب أن تضع الأمور في نصابها الصحيح، فالحقيقة هي عكس ذلك تماما. إن تحركاتنا لتعزيز الديمقراطية في إسرائيل لن تضر بالاقتصاد فحسب، بل ستقويه”.
وتحدى نتنياهو محافظ بنك إسرائيل والمعارضة بالقول إن خطة الإصلاح القضائي ستعيد إسرائيل إلى “المكانة القضائية” التي تتمتع بها معظم الديمقراطيات الرائدة في العالم.
رد فعل على أقواله
وصبت تصريحات نتنياهو الزيت على نيران الغضب في إسرائيل، وقالت شركات “الهاي تيك” التي تعتبر إحدى ركائز الاقتصاد الإسرائيلي في بيان عقب المؤتمر الصحفي: “إذا لم تكن هناك ديمقراطية، فلا توجد صناعة هاي تيك ولا اقتصاد”.
وقالت إن “صناديق رأس المال الاستثماري والشركات العالمية لا تتأثر بالمؤتمرات الصحفية. إنهم قلقون بشأن إلغاء حق الملكية والحريات الفردية. إنهم خائفون من بلد ليس لديه نظام قضائي مستقل – والذي يعد آخر معقل للحرية الفرد”.
وأضافت في بيان: “كبار الاقتصاديين والمستثمرين ورجال الأعمال يقولون لك (يا نتنياهو) توقف – قبل أن تحطم الاقتصاد والديمقراطية. لن نوقف القتال حتى يرفع السيف عن رأس الديمقراطية”.
كما سارعت المعارضة للرد على كلام رئيس الوزراء حيث كتب رئيس المعارضة ورئيس حزب “هناك مستقبل” يائير لابيد على حسابه على تويتر: “المؤتمر الصحفي الهستيري لنتنياهو لا يترك مجالا للشك. بيبي (نتنياهو) ضعيف ويعرف أنه يقود إلى أضرار قاتلة للاقتصاد الإسرائيلي. كل مواطني اسرائيل سيدفعون ثمنها من جيوبهم الخاصة وسيدفعون الثمن غاليا”.
وكتب وزير الجيش السابق بيني غانتس رئيس حزب “المعسكر الرسمي”: سبب وقف الانقلاب ليس فقط انخفاض التصنيف الائتماني وليس فقط حماية قادة الجيش الإسرائيلي في الخارج الذين سيأثرون، لكن أولاً وقبل كل شيء لأنه سيدمر القيم الأساسية التي تأسست عليها دولة إسرائيل”.
وأضاف غانتس: “نتنياهو، التاريخ لن يسامحك على حملة تدمير نظام الحكم والصدع الذي تخلقه في الأمة. لم يفت الأوان بعد للتوقف”.
وكتب وزير المالية السابق ورئيس “إسرائيل بيتينو” أفيغدور ليبرمان: “إن المؤتمر الصحفي بمشاركة رئيس الوزراء والوزراء الثلاثة يثبت أنهم خ-ا-ئ-ف-و-ن لأنهم يعرفون الحقيقة ويفهمون أنه لا يوجد أي طرف في العالم مستعد لابتلاع أكاذيبهم وافتراءاتهم”.
ومضى ليبرمان: “دولة إسرائيل في طريقها إلى أزمة اقتصادية لم نكن نعرف مثلها منذ عقود، والمسؤولية كلها تقع على عاتق بنيامين نتنياهو”.