تشهد الضفة الغربية في الآونة الأخيرة، تزايدًا في عمليات إطلاق النار والمواجهات مع الاحتلال والتي كان آخرها عملية مستوطنة (كريات أربع) بالخليل، والتي أسفرت عن مقتل مستوطن وإصابة خمسة آخرين بينهم حالة وصفت بالحرجة جدًا وفق التصريحات الإسرائيلية الأخيرة، أعقبتها عملية الدهس في أريحا والتي أدت لإصابة عدد من جنود الاحتلال.
ووفق ما يراه محللون مختصون بالشأن الإسرائيلي والسياسي، فإن عملية مستوطنة (كريات أربع)، وكذلك عمليات إطلاق النار الأخرى التي شهدتها الضفة في أيام مضت تؤكد فشل عملية (كاسر الأمواج) التي أعلن وزير جيش الاحتلال بيني غانتس والتي أراد من خلالها وفق قوله: “تصفية المقاومين بالضفة”.
وبحسب المحلليين، فإنه لا يمكن لهذه العمليات عدم التأثير على مصير الانتخابات الإسرائيلية، لطالما تحاول حكومة إسرائيل الحالية توظيف دماء الفلسطينيين في أعمال الدعاية الانتخابية لبعض الأحزاب والمعسكرات، ولكن مع عدم استطاعت جيش الاحتلال تحقيق أهدافها يضع القيادة الحالية موضع الحرج أمام المترددين في الذهاب لصناديق الاقتراع وبالتالي حسم انتخابات (كنيست) لتيار على حساب آخر.
فشل (كاسر الأمواج)
في السياق، قال المختص بالشأن الإسرائيلي عصمت منصور، إن “عملية الخليل بالأمس تؤكد فشل عملية (كاسر الأمواج) لأنها كان هدفها الأساسي منع العمليات، والاستفراد بالمقاومين وتصفيتهم، وما نراه أن العمليات تتزايد والحاضنة الشعبية تتسع، وبالتالي هذا يسجل فشلًا”.
وأضاف منصور في حديث لـ “دنيا الوطن”: “كما وتعتبر العملية فشلًا لسياسية وزير جيش الاحتلال بيني غانتس الذي اعتقد أنه من خلال الرشاوي الاقتصادية يضمن هدوء الشعب الفلسطيني، وفيما يتعلق بتأثير العملية على الانتخابات الإسرائيلية، باعتقادي أن آخر ثلاثة أيام هي الأكثر حساسية بكل فترة العملية الانتخابية”.
وذكر أن الدارسات في إسرائيل تثبت أن نسبة كبيرة من المترددين يحسمون مواقفهم بالأيام الأخيرة وعند صندوق الاقتراع، لذلك هذه العملية سيكون لها تأثير باتجاه تعزيز فقدان الأمن الشخصي وعدم الثقة بالقائمين على الوضع الأمني وسياسيًا ورئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد، وهذا يمكن مرحليًا أن يخدم بن غفير وبنيامين نتنياهو واليمين الإسرائيلي.
وأردف منصور: “إذا خمن الاعتبار أن هناك منافسة شديدة وحالة تساؤل بين المعسكرين، كل صوت يمكن يحسم لهذا المعسكر أو لآخر، وقد تكون عملية الخليل إحدى العوامل التي ترجح تيار على الآخر وتحسم الانتخابات”.
ورجح أنه قد يكون للعملية تداعيات غير مباشرة على الوسط العربي، بمعنى حالة الاستنهاض والمقاومة التي تعيشها الضفة من الممكن أن تنعكس على أهلنا في نابلس وأراضي 48 وعلى نسب تصويتهم ورغبتهم بالتأثير، أي عدم ترك اليمين يستفرد خاصة وأنه أصبح يقف بقوة على (كنيست) ونسبة التصويت بالوطن العربي.
عنف المستوطنين
بدوره، أكد المحلل السياسي من مدينة الخليل، عثمان أبو صبحة أن منفذ عملية (كريات أربع) من سكان الحي بالخليل، والمستوطن الذي تم قتله بالأمس كان يربي فسادًا في هذه المنطقة، وقام بعمل الكثير من العنف ضد أهالي سكان منطقة (جعفرا).
وقال أبو صبحة في حديث لـ “دنيا الوطن”: إن “العمليات التي تجري في فلسطين نتيجة الظلم الذي يقوم به الاحتلال، وخاصة عنف المستوطنين في المواجهة ضد الأهالي، وهناك سكوت كامل من الحكومة الإسرائيلية على هذه الجرائم، مما يدفع شعبنا على أن يدافع عن أبسط حقوقه”.
وقدر أن الوضع محمل بالمزيد من المستقبل الغير واضح (الجو ضبابي)، إذا بقي العنف والاستغلال الإسرائيلي، فالشعب الفلسطيني جاهز ليدافع عن حقوقه، مضيفًا: أن “هذه القضية حساسة، وهذا يعتمد على الجانب الإسرائيلي متى ما أعطى الحقوق لشعبنا”.
وزاد أبو صبحة: “من وجهة نظري نظر فالشعب الفلسطيني ليس شعبًا طالب الموت بل الحرية وحياة بكرامة، فطالما كرامته مضغوط عليها بالتنقل والحواجز بالتأكيد سيدافع عن حقه”.
ما مصير غزة؟
من جهته، عقب المحلل السياسي، طلال عوكل، على عملية (كريات أربع) ومدى تأثير على تطورات الوضع بين قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي التي لطالما يحمل القطاع مسؤولية تمويل عمليات إطلاق النار في مدن الضفة الغربية.
وقال عوكل في حديث لـ”دنيا الوطن”: إن “الإسرائيليين مرتبكين إلى حد كبير، ويذهبون لجنين ونابلس ويقومون باعتقالات، وكذلك يدَعون أنهم فعلوا شيئًا كبيرًا، وكانت هناك توقعات بأن السلاح الموجود في الخليل يوظف بالصراعات القبلية، ولكن في النهاية تفاجئوا أن كل السلاح يتم توجيهه إلى إسرائيل”.
وأضاف أن “هذا إعلان فشل بأنهم يُحمّلوا غزة المسؤولية والهروب من المسؤوليات اتجاه الواقع، وبالتالي لا أتوقع أن إسرائيل بصدد تطوير أزمة مع غزة، مستبعدًا أن يحصل ارتدادات بالعلاقة ما بين إسرائيل والقطاع، وإسرائيل المستفيدة من الوضع في غزة، وهناك تصاريح عمال وبحر وتسهيلات والمصريين موجودين على الخط طوال الوقت”.
وختم عوكل بالقول: “الاحتمالات تشير بأن تطور العلاقات بغزة، غير مرهون بقرار إسرائيلي ولا فلسطيني، بمعنى إذا المقاومة رأت أن الوضع لا يحتمل وبإمكانهم أن يضحوا بكل هذه التسهيلات كما حصل في القدس، بالتالي هذا ليس واضحًا بهذه الفترة وهناك إمكانية لحصوله”.