فلسطينيون ينددون بـ”عقاب جماعي” في نابلس في ظل التدابير الإسرائيلية

Abdelaziz Alqadi, the Palestinian owner of a supermarket in the village of Deir Sharaf near Nablus in the occupied West Bank, checks on a fridge at his premises on October 26, 2022. For two weeks, Alqadi has only been lighting half of his grocery store in Nablus, which has been losing customers since the Israeli army erected checkpoints to cordon off the Palestinian city in the occupied West Bank. (Photo by JAAFAR ASHTIYEH / AFP)

منذ أسبوعين، يضيء الفلسطيني عبد العزيز القاضي جزءا صغيرا من محله للبقالة، بسبب غياب الزبائن، منذ إقامة الجيش الإسرائيلي نقاط تفتيش على مداخل مدينة نابلس في شمال الضفة الغربية المحتلة.


أمام المحل الذي لا يمكن عادة الركون قربه بسبب الازدحام، سواتر ترابية ومكعبات إسمنية تسدّ الطريق. على الجانب الآخر، ثلاثة جنود.

في 11 تشرين الأول/أكتوبر وعلى بعد أمتار قليلة من المكان، قرب مستوطنة شافي شومرون اليهودية، قُتل جندي في هجوم تبنته مجموعة جديدة من المقاتلين الفلسطينيين تطلق على نفسها اسم “عرين الأسود” تتمركز في البلدة القديمة لمدينة نابلس.

منذ ذلك الوقت، كثّفت القوات الإسرائيلية عملياتها واقتحاماتها في مدينة نابلس الكبيرة مستهدفة هذه المجموعة، وقتلت عددا  من الفلسطينيين، بينهم أحد قياديي المجموعة.

وقام الجيش بإغلاق جميع المداخل إلى المدينة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 200000 نسمة.

عند المدخل الشمالي لمدينة نابلس حيث مفترق الطرق المؤدي إلى المدن الرئيسية الأخرى مثل طولكرم وجنين، يقع محل عبد العزيز القاضي الذي يقدّر خسارته اليومية بمبلغ  1500 شاقل (425 دولارا) منذ أن وضع الجيش سواتر ترابية عند باب محلّه، وأغلق أبواب مطاعم جيرانه.

يتنهد عبد العزيز القاضي بينما يفرز البضاعه الطازجة عن تلك التي انتهت صلاحيتها، ويقول “الى الزبالة.. الى الزبالة”. ويشير إلى أنه أوقف ثلاث ثلاجات من بين أربعة عن العمل لتوفير ما بين “60 الى 70 شاقلا (17-19 دولارا)” ثمنا لتشغيلها.

ويؤكد التاجر لوكالة فرانس برس “أنا مستاء، أنا أدفع ثمن هذا الوضع”، مضيفا أنه يوجه غضبه حصرا نحو الجيش الذي يحتلّ الضفة الغربية منذ عام 1967، لأن “المقاومة الفلسطينية لها الحق في محاربة الاحتلال”.

واستنكر رئيس بلدية نابلس سامي حجاوي الأربعاء “حصار” مدينته وتعطيل الحياة اليومية والرعاية الطبية والاقتصاد المحلي والحياة المدرسية.

في نابلس، تحلّق الطائرات الإسرائيلية بدون طيار في السماء من دون انقطاع، والسكان يستحضرون ذكريات الانتفاضة الثانية التي اندلعت عام 2000 إلى عام 2005 وحظر التجول الذي فرضه الجيش مدة 100 يوم على نابلس.

ويقول طايل الهواري من غرفة التجارة المحلية “الوضع أسوأ” مما كان عليه في تلك الفترة. “في ذلك الوقت، كانت هناك طرق بديلة ولكن اليوم حتى الطرق الترابية الصغيرة عبر القرى مغلقة”.

ويضيف “نتيجة ذلك، تصل صادرات المدينة التي تعتبر المركز الاقتصادي لشمال الضفة الغربية المحتلة اليوم فقط الى 20% من إنتاجها العادي”.

في وسط المدينة حيث الاختناقات المرورية كثيرة عادة، يسود هدوء كبير. بعد حداد وإضراب الثلاثاء، استأنف نحو 25000 طالب وطالبة  من جامعة النجاح المعروفة تعليمهم عن بعد.

إلى الغرب من المدينة، تصطف مئات المركبات للمرور عبر نقطة تفتيش عسكرية، وهو مشهد أصبح مألوفا حدوثة يوميًا.

ويقول محمد مرعي الذي أُجبر على المرور عبرها للوصول الى حقل الزيتون الذي يزرع فيه، إن هذه الحواجز “نوع من الإذلال والتعذيب”.

ويضيف “أصل أحيانًا إلى المنزل حوالى الساعة 11,00 ليلا بسبب الساعات الطويلة على الحواجز. هذه معاناة وإرهاق للناس. إنها  عقاب جماعي”.

وقال الجيش الإسرائيلي لوكالة فرانس برس إن “الغرض من الحصار هو تقييد القدرات العملياتية للإرهابيين في نابلس”، مشيرا الى أن مجموعة “عرين الأسود ارتكبت حوالى 20 هجوما من بينها هجوم مميت على جندي، وهي تواصل التجنيد وتخطيط الهجمات”.

وأضاف أن الجيش “يستنفد كل السبل المتاحة له للحفاظ على سلامة المدنيين في المنطقة والعمل على الحفاظ على روتين حياتهم اليومي”، مشيرا الى أن “إغلاق” نابلس سينتهي “وفقا للتقييمات الاستراتيجية”.

وتقول المعلمة سعدية الخطيب (44 عاما) “الأطفال خائفون، ابنتي البالغة من العمر أربع سنوات لا تفهم ما يحدث”، مشيرة الى أن ابنتها الكبرى البالغة من العمر 24 عامًا قالت لها إن ما يجري يذكّرها بالانتفاضة الثانية، و”أرادت الركون الى حضني كما كانت تفعل في ذلك الوقت”.

في الحافلة الصفراء الصغيرة التي تقلّها مع زملائها من المدرسة واليها، تستغرق الرحلة ساعتين بسبب نقاط التفتيش، بينما كانت لا تتعدّى عادة 20 دقيقة.

على الحاجز، جنود متمركزون خلف كتل إسمنتية يحملون بنادق هجومية ويفحصون كل مركبة واحدة تلو الأخرى. وهي لا تفهم لماذا تجد نفسها تدفع ثمن العملية ضد “عرين الاسود”. وتقول “لا علاقة لنا بهذا، نحن مدرسون”.