بقلم: د. رمزي عودة
الجيش الإسرائيلي لم يقتل ريان!، بهذه النتيحة، توصل تقرير جيش الاحتلال الإسرائيلي في التحقيق بمقتل الطفل الفلسطيني ريان سليمان ابن السابعة من عمره من بلدة تقوع المحتلة.
ريان إستشهد من جراء الخوف الذي ألم به عند إقتحام القوات الإسرائيلية لمنزله وهي تبحث عن أطفال مشتبه بهم قاموا بإلقاء الحجارة على سيارات المستوطنين المتنقلة بكثرة عبر الطريق الرئيس لبلدة تقوع في جنوب بيت لحم. هذا الخوف وقع نتيجة لإرهاب جيش الاحتلال وترويعهم للمدنيين، وهو لم يصب ريان فقط، ولكنه أصاب أطفال السيدة هناء أبو هيكل في تل الرميدة في البلدة القديمة في الخليل، والتي قدمت أكثر من 30 شكوى دون جدوى، ضد الشرطة الإسرائيلية ومجموعا ت المستوطنيين الذين يقتحمون بيتها مع كلابهم البوليسية ويرهبون أطفالها في كل ليلة تقريبا.
هذا الخوف أصاب أيضا 1300 طفل تم اعتقالهم من قبل قوات الاحتلال في العام السابق 2021. هذا الخوف هو نفسه الذي أصاب عائلات وأطفال الأسر التي تمت مداهمة بيوتها من قبل قوات الاحتلال، والتي تجاوز عددها العام الجاري أكثر من 2128 حالة مداهمة حسب تقرير “أوتشا”.
للأسف، الجميع في فلسطين يعيش في بيئة الخوف، على الحواجز الإسرائيلية، وفي الطرق التي تصل بين المدن وتنتشر فيها سيارات الجيش والمستوطنين، وأثناء اقتحامات الجيش والمستوطنين المتكررة. بالمقابل، فإن جيش الاحتلال يعمد بشكل ممنهج ومخطط له الى الانتشار في كل مكان في الضفة الغربية، الى الاقتحامات المتكررة للبيوت، الى إطلاق النار، الى إستجواب الأطفال والنساء، الى قتل المدنيين، وذلك بهدف نشر الخوف بين المدنيين الفلسطينيين، وفرض الهيمنة عليهم، ومنعهم من التفكير بفعل أي نشاط ضد الاحتلال!
من الواضح أن تقارير التحقيق الإسرائيلية لا تعترف بالخوف المترتب على وجود الاحتلال وجرائمه في الأراضي الفلسطينية المحتلة بأنه جريمة ملحقة بوجود جريمة الاحتلال!. كما أن هذه التقارير لا تعترف بالقانون الدولي ولا بإتفاقات جنيف التي تضمن ضرورة إحترام كرامة المدنيين في زمن الحرب ومنع تخويفهم ومنع إقتحام بيوتهم ومدارسهم وأماكن العبادة في مناطقهم. ليس هذا فحسب، بل إن نتائج تقرير جيش الاحتلال الإسرائيلي في مقتل الطفل ريان، لم يذكر كلمة “خوف”، و لا كملة “اقتحام بيت ريان” لأنه يدرك أن وجود مثل هذه الكلمات سيحمل جيشها المسؤولية الجنائية. إضافةً على ذلك، حاول التقرير إخفاء حقيقة إستجواب الأب “أبو ريان” هو وأطفاله بطريقة مذلة. وذكر التقرير أن الاستجواب كان خارج البيت وبلطف !. نعم صحيح، إنهم غاية في اللطف!، مدججين بالسلاح، يصرخون، يطلقون الرصاص، يعتقلون ويضربون، يقودون الكلاب البوليسية، يقتحمون البيوت، انهم بالفعل لطفاء.. وبالتأكيد لا يوجد مبرر منطقي أن يموت الطفل ريان بسبب الخوف!.
في الواقع، لم أسع من هذه المقالة أن أفند تقرير جيش الاحتلال بمقتل ريان، لأنه ببساطة تقرير ضعيف ولم يقدم أي أدلة على نتائجه. ولكنني أردت من هذه المقالة أن أوضح سياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها الدول الغربية.
فكلنا نتذكر، القوانين التي اتخذتها بعض المحاكم الاوربية لاسيما الفرنسية، تجاه منع النقاب في الأماكن العامة لأن النقاب “يخيف الأطفال، ويعرضهم لهواجس ليلية”. وأنا هنا، لا تحدث عن أخلاقية أو لاأخلاقية النقاب، ولكنني أطرح بالمقابل مقاربة لهذه الدول الغربية كي تتناول تلك المخاوف والهواجس والرعب والقلق عند أطفال فلسطين، والناتجة عن وجود جيش الاحتلال وجرائمه المتكررة في المناطق الفلسطينية المحتلة. فإذا كان أطفال أوروبا يخافون من مشاهدة امرأة تلبس النقاب، فكيف بأطفال فلسطين وهم يشاهدون جيشاً مدججاً بالسلاح ينتهكون حقه في الحياة الكريمة والأمن؟