في إطار سياسة حكومة الاحتلال الأكثر يمينية وتطرفا وعنصرية، وتجسيدا لسياستها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، يواصل الاحتلال تشريع القوانين التي تعبر عن الكراهية الشديدة لحقوق الشعب الفلسطيني ولرموزه الوطنية، وقد أقر الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) بقراءة تمهيدية يوم الأربعاء الماضي 17/5/2023 مشروع قانون يحظر رفع العلم الفلسطيني في القدس وأراضي عام 48. وصوت لصالح مشروع القانون 54 نائبا بالكنيست مقابل 16 معارضا، حسب صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية التي أضافت أن مشروع القانون قدمه النائب آلموغ كوهين من حزب “قوة يهودية” بزعامة وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير.
وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أنه إذا تمت الموافقة على مشروع القانون في 3 قراءات، “فسيكون من الممكن فرض عقوبة تصل إلى السجن لمدة عام على أولئك الذين يلوحون بالعلم الفلسطيني”.
وينص مشروع القانون، الذي بادر إليه الائتلاف الحكومي اليميني المتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو، على حظر الاحتجاجات والتظاهرات التي يرفع خلالها العلم الفلسطيني في مناطق أراضي 48 والقدس المحتلة. وجاء في تفسير القانون أن “هناك خطا أحمر بين الاحتجاج الديمقراطي المشروع والاحتجاجات والمظاهرات الذي يتم خلالها رفع أعلام من لا يعترفون بدولة إسرائيل أو لا يسمحون برفع علم إسرائيل في أراضيهم ومجالهم”.
وحتى الآن، فإن صلاحيات “حظر رفع العلم الفلسطيني” كانت تمنح إلى المفتش العام للشرطة الإسرائيلية، إذ تخوله الصلاحيات إعطاء التعليمات لأفراد الشرطة بمنع رفع العلم الفلسطيني في الأماكن العامة، في حال يشكل العلم “رمزا للإخلال بالنظام العام”. وحسب تعليمات المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، منذ عام 2006، فإن الشرطة لا تطبق هذا الجزء من الصلاحيات والتعليمات بإنزال العلم الفلسطيني وحظر رفعه بالأماكن العامة، إلا عندما يكون هناك “مستوى عالٍ من احتمال حدوث انتهاك خطير للسلم العام”. وتعليقا على مشروع القانون، أصدر مركز “عدالة” الحقوقي، بيانا جاء فيه أن “عناصر الشرطة الذين يمنعون رفع الأعلام في المظاهرات وينفذون الاعتقالات بسبب رفع الأعلام، يتجاوزون صلاحياتهم ولا يتصرفون وفقا للقانون”.
وأوضح المركز الحقوقي أن القانون الذي قدمه الائتلاف الحكومي برئاسة نتنياهو يعتبر أكثر تطرفا من الإجراءات والصلاحيات الممنوحة للمفتش العام للشرطة بخصوص رفع العلم الفلسطيني في الأماكن العامة. وعزا مركز “عدالة” هذا التطرف والخطورة في القانون إلى كونه يهدف لتجريم رفع العلم الفلسطيني وفرض السجن والغرامات على الأفراد، وكذلك فرض عقوبات جنائية على رفع العلم في الأماكن العامة، وليس فقط في المؤسسات التي تدعمها الحكومة الإسرائيلية.
وعمم المركز الحقوقي، “ورقة موقف” تستعرض “العدائية والتحريض على ما يمثله العلم الفلسطيني ورافعيه طوال السنوات الماضية وكيف تعاملت معه الحكومات الإسرائيلية والسلطات القضائية المختلفة”. وقال المركز إن مشروع القانون يأتي ضمن سياق محاولات قمع حرية التعبير السياسي وحرية التعبير عن الهوية الجماعية وسلبها من الفلسطينيين، وهو ما يظهر أيضا في تعامل الشرطة الإسرائيلية مع الفلسطينيين في هذا السياق بشكل غير قانوني. ويأتي التصعيد الخطير في الأشهر الأخيرة من قبل قوات الاحتلال وارتكابها أعمالا غير قانونية ضد الفلسطينيين بسبب رفعهم العلم في الأماكن العامة، التي وصلت حد اعتقال المتظاهرين واعتقال المحامين الذين يمنحونهم استشارات قانونية، وكذلك في ضوء محاولات ترسيخ منع رفع العلم الفلسطيني في القانون.
تشهد الفترة الراهنة وخاصة بعد مسيرة الأعلام التي قام بها المستوطنون المتطرفون في القدس المحتلة، بمناسبة احتلال القدس وضمها لكيان الاحتلال، تصعيدا خطيرا، ضد الشعب الفلسطيني في عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة في أراضي عام 48 وفي القدس وسائر الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بهدف تركيع الشعب الفلسطيني، وانهاء مقاومته للاحتلال، وتظن حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة أن تشريع قوانين عنصرية متطرفة، مثل قانون تجريم رفع العلم الفلسطيني، سيؤدي إلى وقف مقاومة الشعب الفلسطيني، وثنيه عن رفع العلم الفلسطيني أثناء مظاهراته، ووقفاته الاحتجاجية ضد ممارسات الاحتلال وسياساته العدوانية، متناسيا أن الشعب الفلسطيني كان وسيبقى معتزا بعلمه الفلسطيني، وسيستمر برفعه عاليا، كما كان يرفعه في السنوات والعقود السابقة، حتى لو كان ثمن ذلك ليس السجن لمدة سنة، بل ولو كان الثمن دفع حياته فداء لحماية علمه وبقائه خفاقا عاليا يشق عنان السماء، وهذا ما كان يتم منذ وجود الاحتلال وحتى الآن، وستنقلب سياسة التطرف اليميني لحكومة الاحتلال، وسياسة الابرتهايد والكراهية العنصرية التي تمارسها بحق الشعب الفلسطيني، الى حافز أكبر لمقاومة الاحتلال حتى يحقق الشعب الفلسطيني، حقوقه الوطنية المشروعة في العودة والاستقلال وتقرير المصير، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة.