“عدالة”: التشريعات في وزارة بن غفير عنصرية ضد العرب وغير قانونية

أكد مركز عدالة في رسالة أرسلها إلى المستشارة القضائية للحكومة والمستشارة القضائية للكنيست، إن التعديلات التي يصر عليها عضو الكنيست إيتمار بن غفير حول عمل الشرطة ووزارة الأمن الداخلي والصلاحيات التي يطمع في الحصول عليها من خلال التشريعات التي ألزم بها الائتلاف الحكومي الجديد في الاتفاق بينهم، هي عنصرية بالدرجة الأولى وموجهة ضد العرب بالأساس، وهي غير دستورية وغير قانونية بموجب قانون أساس – الحكومة، وكذلك تنتهك قانون أساس – حرية الفرد وحقه في العيش بكرامة ومساواة. حسب “كل العرب”.

 في يوم 12.12.2022 تم تقديم اقتراح قانون في الكنيست من قبل رئيس حزب قوة يهودية، إيتمار بن غفير، والذي يقضي بتوسيع صلاحيات وزير الأمن الداخلي، وإخضاع الشرطة بشكل تام لسلطته وسياساته. 

يذكر أن تقديم اقتراح القانون يأتي كجزء من الاتفاقات لتشكيل الائتلاف الحكومي الجديد، والذي تم الاتفاق عليه بين حزب الليكود وحزب قوة يهودية في يوم 25.11.2022، بموجبه سيتولى عضو الكنيست ايتمار بن غفير منصب وزير الأمن القومي (وزير الأمن الداخلي مع صلاحيات أوسع من السابق)، وبالتالي سيكون مسؤولًا عن عمل جهاز الشرطة وبالتعديلات المطلوبة في اقترح القانون ستمنحه صلاحيات واسعة في حالات معينة ومطلقة في حالات أخرى.

 يذكر انه تمت المصادقة على اقتراح القانون في الكنيست بالقراءة الأولى يوم 20.12.2022، حيث يتم في هذه الاثناء تداوله في اللجنة الخاصة التي شكلت لمناقشته، تمهيدا للمصادقة عليه في القراءة الثانية والثالثة في الأيام المقبلة. 

ينص جوهر الاقتراح على خضوع المفتش العام للشرطة وجهاز الشرطة بأكمله لـ “مبادئ وسياسات الوزير”، ويمنحه صلاحيات واسعة ومطلقة في كثير من مجالات عمل الشرطة، وبينها تعليمات وتوجيهات في كل ما يتعلق بالتحقيقات، التعامل مع الملفات القضائية، التقديم للمحاكمة، التفتيشات وسياسات إطلاق النار وغيرها.  

قانونيًا، يعمل جهاز الشرطة وفق بنود وقوانين معينة منصوصة في كتاب القوانين بشكل واضح، مثل قانون العقوبات 1982، قانون العقوبات 1996 وقوانين أخرى، مثل هذه القوانين هي التي تقرر طريقة عمل الشرطة ومتى يمكن فتح تحقيق، تنفيذ اعتقال، استدعاء الشهود، الحفاظ على حقوق المشتبه بهم ومن يتم التحقق معهم، إغلاق الشوارع والتظاهر وغيرها.

 مثل هذه الصلاحيات والتعليمات لها علاقة مباشرة في الحفاظ على حقوق المواطنين وقسم منهم معد لحماية حقوق المواطنين أمام سلطة وبطش الشرطة. واقتراح القانون المقدم يمنح الوزير صلاحيات فوق القانون وفي أحيان معينة قد تلغيه بالكامل. 

وهنا تظهر الإشكالية الدستورية والفجوة العميقة في اقتراح القانون المذكور: أولًا، لا يمكن قانونيًا السماح بأن تكون السياسيات العامة أو التعليمات الشخصية فوق القانون المنصوص في كتاب القوانين والتي تم تشريعها وسنها في الكنيست واعتمادها رسميًا منذ عقود. ثانيًا، كون القوانين تحمي حقوق المواطنين، لا يمكن تخطي أي بند من بنود هذه القوانين من خلال سياسات جديدة.  لذلك، هذا الاقتراح يخالف البند 34 لقانون أساس – الحكومة، الذي يمنع أن يمتلك أي وزير صلاحيات مطلقة، مثل صلاحيات الشرطة، خاصة في مجالات التحقيق، التفتيش، الاعتقال، التوقيف، التقديم للمحاكمة وتطبيق القانون، إذ يتحول سلطة القانون في هذه الحالة إلى سلطة السياسة، وهو ما يوصف بالدول الدكتاتورية باسم Rule of Men and not Rule of Law. ثالثا، اقتراح القانون غير دستوري كونه ينتهك بالضرورة مبدأ المساواة أمام القانون، والذي يشمل المساواة في تطبيق القانون، ويمنع التطبيق العنصري والتمييز بين المجموعات السكانية المختلفة.

بالتالي، ستؤدي المصادقة على هذا القانون إلى انتهاك الحقوق الدستورية للمواطن بالكرامة والحرية والمساواة والأمن، المستمدة من قانون أساس – حرية الإنسان وكرامته.  وكذلك، يعتبر اقتراح القانون الذي يمنح وزير الامن الداخلي صلاحيات واسعة ومطلقة خطير جدا، وذلك لشخص مقدم الاقتراح، والذي سيتولى بنفسه ذات المنصب، حين أنه لا يخفي عدائيته للعرب والفلسطينيين، بل ويتفاخر بها بتصريحاته على الملأ.

 بهذا، التغييرات والصلاحيات التي يريدها في عمل الوزارة والأجهزة التابعة لها، لا سيما جهاز الشرطة، ستؤدي إلى ازدياد التمييز والعنصرية والتنكيل بمجموعات سكانية معينة من الأقليات في إسرائيل بالمجمل، وضد الأقلية الفلسطينية والمجتمع العربي بشكل خاص. إذ تتعلق هذه التغييرات بسياسة التحقيقات والتقديم للمحاكمة، والأخطر هي سياسة إطلاق النار وإعفاء رجال الشرطة من المحاسبة والعقاب، وما يؤكد ذلك هو ما نشره مقدم الاقتراح المعروف بعنصريته يوم 8.5.2021 على صفحته في منصة التواصل الاجتماعي فيسبوك، يقول فيه “أطال المستور السياسي يمنح رجال الشرطة صلاحية إطلاق النار دفاعًا عن حياتهم ضد المخربين العرب الذين يلقون الحجارة والزجاجات، ومنحهم حق استعمال الأسلحة النارية وعدم استعمال وسائل معدات تفريق المظاهرات فقط”  

وقال مؤخرًا كذلك في مقابلة نشرت في موقع “واينت” يوم 15.11.2022 “عليا إعادة الأمن والردع، هناك ضرورة لتغيير تعليمات إطلاق النار، وإصرارنا على هذه الأمر في المفاوضات الائتلافية الحكومة لم يأت من فراغ”. 

ولا يقل موضوع الحصانة التامة للقتلة من مرتدي الزي الرسمي وإعفاءهم من المحاكمة والإفلات من العقاب أهمية عند مقدم اقتراح القانون العنصري، لإذ نشر يوم 17.12.2022 مقاطع من مقابلات أجراها مع الصحافة وكتب “أريد تهجير كل المخربين من البلاد ومنح حصانة للجنود ورجال الشرطة واستعادة الأمن والسيادة والسلطة للشوارع في إسرائيل”. 

ولأجل كل ما ذكر أعلاه، يجب اعتبار اقتراح القانون هذا عنصريًا ضد المواطنين العرب ويضطهدهم بشكل واضح ويعاملهم باعتبارهم أعداء يجب التعامل معهم وفق سياسات متغيرة وليس وفق قانون واضح ومكتوب في كتاب القوانين، وليس من قبيل الصدفة ذكر مقدم الاقتراح في شرح اقتراحه أن الحكومة والوزير يحددون سياسة الجيش وهذا ما يجب أن يحدث مع الشرطة كذلك. 

 ومن المهم التأكيد على أنه مع كل ما ذكر وكتب أعلاه، لا يمكن تجاهل أن جهاز الشرطة حاليًا يعمل وفق أجندات وسياسات عنصرية وتمييزية بغض النظر عن اقتراح القانون الموجود حاليًا، ويتعامل مع المجتمع العربي كمجتمع معادٍ. اذ لا يمكن التغاضي عن ان الجهاز ذاته هو من قام في أحداث أكتوبر 2000 بقتل، بدم بارد وبأوامر مباشرة، 13 فلسطينيًا مواطنين في إسرائيل، وأن لجنة التحقيق التي عينت للتحقيق في الجرائم وفي سبب تفاقم المواجهات بين الشرطة والمواطنين كتبت في توصياتها واستنتاجاتها أن “على الشرطة تثبيت حقيقة أن المواطنين العرب ليسوا أعداء، وغرس هذه المفاهيم في أذهان رجال الشرطة ومنعهم من التعامل معهم باعتبارهم أعداء”.

 وعلى الرغم من مرور عقدين على هذه التوصيات، إلا أن التعامل العدائي والقمعي الشرطة ضد المواطنين الفلسطينيين لم يتوقف. بل على العكس تمامًا، ارتكب رجال الشرطة المزيد من الجرائم وقتلوا المزيد من المواطنين الفلسطينيين في الداخل، منهم المربي يعقوب أبو القيعان عام 2017 خلال تهجير واقتلاع قرية أم الحيران في النقب وسكانها من منازلهم، والقمع والتنكيل بالمتظاهرين خلال هبة الكرامة في أيار 2021 والتمييز في تطبيق القانون بين العرب واليهود ومحاكمة العرب بأقسى الأحكام بسبب التظاهر وعدم محاكمة قتلة الشهيد موسى حسونة من اللد وإغلاق ملفات القتلة والاعتداءات على المتظاهرين العرب من قبل المستوطنين المسلحين بعد تدخل مباشر وضغط من وزراء وأعضاء كنيست ومقتل محمد كيوان من أم الفحم وغيرها من الجرائم. 

واليوم، يحاول مقدم اقتراح القانون من خلال اقتراحه تحويل المعاداة، العنصرية والتنكيل ضد العرب إلى أمر قانون ورسمي يتم تشريعه من قبل الكنيست والحكومة، ما سيزيد من تفاقم العنصرية والعنف والتنكيل من قبل الشرطة بالمواطنين العرب.  لأجل كل ما ذكر أعلاه، يطالب مركز عدالة بوقف عملية تشريع هذه الاقتراح وعدم المصادقة عليه، باعتباره غير قانوني ولا دستوري وذو تبعات لا تحمد عقباها.