هآرتس – بقلم: يوئيل زنغر الاتفاق الذي تم التوقيع عليه الأسبوع الماضي بين قوائم الليكود و”قوة يهودية” ينص، ضمن أمور أخرى، على أن تعيين إيتمار بن غفير في منصب وزير الأمن القومي، الذي سيكون مسؤولاً أيضاً عن شرطة إسرائيل، وأن حرس الحدود في مناطق “يهودا والسامرة” سيخضع لشرطة إسرائيل. ونشر بأن الليكود يستعد لشرعنة خاطفة لقانون ينفذ بنداً آخر في الاتفاق مع “قوة يهودية”، الذي بحسبه سيتم إخضاع الشرطة (وحرس الحدود في يهودا والسامرة) مباشرة لسياسة بن غفير (وليس لسياسة المفتش العام للشرطة).
إذا تم تطبيق هذه التفاهمات فستكون النتيجة لاحقاً فصل حرس الحدود في “يهودا والسامرة” عن خضوعه لقائد المنطقة (قائد المنطقة الوسطى)، وإخضاعه مباشرة لوزارة مدنية، وزارة الأمن القومي، وسيعمل حسب السياسة التي سيضعها بن غفير، وليس وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي. وهو تغير قد يخلق واقعاً جديداً، غير قانوني وغير منطقي، وكارثي.
حرس الحدود هو وحدة لها علامات ونشاطات مختلطة، نصف شرطية ونصف عسكرية. بناء على ذلك، فإنه منذ إقامته كان يخضع أحياناً للجيش وأحياناً أخرى للشرطة، حسب الظروف المتغيرة. هذا داخل إسرائيل. في المقابل، كانت نشاطاته في “يهودا والسامرة” منذ العام 1967 خاضعة للجيش الإسرائيلي. في إسرائيل نفسها، واصل كونه يخضع للشرطة.
حسب قواعد القانون الدولي التي تسري على المناطق المحتلة – إسرائيل قررت العمل حسب هذه القوانين في يهودا والسامرة – فإن صلاحيات الحكم كلها معطاة للقائد العسكري في المنطقة (الآن قائد المنطقة الوسطى). وإذا قام القائد بتشغيل المدنيين إلى جانب العسكريين في المناطق المحتلة، الذين تم استئجارهم للمساعدة في تشغيل الحكم العسكري (الإدارة المدنية)، فسيعملون أيضاً على الأرض بخضوع كامل لقائد المنطقة. هذا رغم أنهم يحصلون على التعليمات المهنية من الوزارة الأم في إسرائيل. إذا كان إخضاع الإدارة المدنية لقائد المنطقة قد ألغي وأخضع لسموتريتش كما طلب الأخير في المفاوضات الائتلافية، فسيطرح الادعاء بأن إسرائيل تقوم بتغيير مكانة “المناطق”: من كونها تحت سيطرة عسكرية إلى منطقة مدنية إسرائيلية، وبذلك فإن هذا يخرق القانون الدولي. هذا يسري أيضاً إذا تم إلغاء خضوع حرس الحدود في “يهودا والسامرة” لقائد المنطقة الوسطى وتم إخضاعه لبن غفير، حسب الاتفاق بين الليكود و”قوة يهودية”.
إضافة إلى ذلك، كل نشاطات حرس الحدود في “يهودا والسامرة” لها طابع عسكري أكثر من كونه شرطياً. ومن غير المعقول أن يتم تشغيل عدد من القوات العسكرية أو شبه العسكرية في وحدة ميدانية واحدة مثل “يهودا والسامرة”، لا لكونها غير خاضعة لقائد واحد فحسب، بل وخاضعة لوزارتين مختلفتين، من الواضح أنهما سترغبان في تنفيذ سياسة مختلفة. لذلك، منذ العام 1967 عملت قوات الأمن دائماً في “المناطق” تحت إمرة قائد المنطقة والجيش الإسرائيلي – ومن خلالهما لوزارة الدفاع. هذا رغم الانتماء المهني لوزارات حكومية أخرى، بما في ذلك “الشاباك” الذي ينتمي لمكتب رئيس الحكومة، وحرس الحدود والشرطة الزرقاء ومصلحة السجون التي تنتمي لوزارة الأمن الداخلي (في القريب وزارة الأمن القومي).
حتى في اتفاقات أوسلو، عندما قرر إسحق رابين وشمعون بيرس، لأسباب سياسية واضحة، السماح للشرطة الفلسطينية بالعمل في “يهودا والسامرة” إلى جانب قوات الأمن الإسرائيلية، ظهرت حاجة إلى تقسيم المنطقة إلى وحدات ميدانية منفصلة ومحددة، حيث تعمل الشرطة الفلسطينية فقط في مناطق “أ”، وقوات الأمن الإسرائيلية (أيضاً قوات حرس الحدود) في مناطق “ب” و”ج”. وعندها كانت النتيجة معروفة؛ فالاحتكاكات لا يمكن تجنبها حتى الآن. أما الآن، إزاء نية فصل حرس حدود الضفة الغربية عن قائد المنطقة والجيش وإخضاعه لبن غفير فهل ثمة حاجة لتحديد وحدات جغرافية جديدة ومنفصلة عن التي يعمل فيها الجيش الإسرائيلي في “يهودا والسامرة”، ومنطقة “د” مثلاً، لصالح قوات الأمن الخاصة لبن غفير، أي حرس الحدود؟ هل سنبدأ قريباً نسمع عن احتكاكات وأحداث بين قوات الجيش الإسرائيلي وشرطة حرس الحدود في “يهودا والسامرة”؟
حسب أي قانون سيعمل حرس حدود “يهودا والسامرة” في أداء مهماته إذا أراد مثلاً اعتقال مشبوهين أو إغلاق منطقة أو الإعلان عن حظر التجول؟ هل سيتصرف حسب الأوامر والتعليمات لقائد المنطقة (في منطقة صلاحيات الحكم والتشريع والإدارة فيها معطاة لقائد المنطقة) أم أن المفتش العام للشرطة أو بن غفير سينشران أوامر خاصة بهما؟ وإذا أراد حرس الحدود في “يهودا والسامرة” أن يقدم مشبوهين تم اعتقالهم في المنطقة للمحاكمة، فأمام أي محكمة سيتم تطبيق الإجراءات القانونية، هل المحكمة العسكرية التي شكلها قائد المنطقة في 1967 وما زالت تعمل حتى الآن، أم أن هناك محاكم جديدة ستشكلها الشرطة أو بن غفير في “يهودا والسامرة”؟ الإجابة على هذه الأسئلة واضحة. فحرس الحدود في “يهودا والسامرة” يعمل ويجب عليه مواصلة العمل، كجزء لا يتجزأ من الحكم العسكري في المنطقة، وأن يكون خاضعاً لقائد المنطقة.
البند الثاني في الاتفاق الائتلافي، إخضاع حرس الحدود في “يهودا والسامرة” (كجزء من الشرطة) لسياسة بن غفير و”قوة يهودية”، بدلاً من السياسة المهنية وغير الحزبية للمفتش العام للشرطة من جهة، وسياسة وزارة الدفاع والجيش من الجهة الأخرى، يثير خوفاً آخر. الأجواء في “يهودا والسامرة”، حيث يشتبك فلسطينيون مع يهود، وزيادة طوال الوقت في وقود الإشعال، وكل شرارة صغيرة قد تؤدي إلى اشعال. كما نذكر، الانتفاضة الأولى اندلعت في 1987 نتيجة حادث طرق بسيط بين سيارة إسرائيلية وفلسطينيين من غزة. والانتفاضة الثالثة قد تندلع في أي لحظة نتيجة حادثة عابرة مشابهة.
في هذه الظروف، يجب أن تعمل جميع قوات الأمن في “يهودا والسامرة”، بما في ذلك حرس الحدود، تحت قيادة واحدة، بل وتحت سياسة موحدة. من غير المعقول، مثلاً، أن الجيش الإسرائيلي، على أساس سياسة مهنية، قرر تخفيف الضغط العسكري في “يهودا والسامرة” في رمضان، في حين يقرر بن غفير مثلاً إرسال جنود حرس الحدود إلى جميع المساجد للبحث عن مطلوبين. هذا ينطبق أيضاً على تعليمات أوامر فتح النار وقواعد سلوك السكان الفلسطينيين وكل جوانب السياسة الأخرى في “يهودا والسامرة”.
رئيس الحكومة الأول دافيد بن غوريون أدرك جيداً إشكالية استمرار النشاطات المنفصلة للمنظمات السرية المختلفة، التي كانت تخضع لأحزاب مختلفة: الهاغاناة تابعة لمباي، البلماخ تابعة لأحزاب اليسار، الايتسل وليحي تابعة لأحزاب اليمين. لذلك، كان أحد الأعمال الأولى لبن غوريون بعد بضعة أيام على إقامة الدولة، وفي ذروة حرب الاستقلال، هو حل جميع التنظيمات السرية ونقل جميع المقاتلين فيها إلى إطار رسمي واحد: جيش الدفاع الإسرائيلي. هل تنوي الحكومة الجديدة أن تقوم الآن بانعطافة كاملة والبدء بعملية تفريق قوات الأمن مع إخضاعها للأحزاب المختلفة؟ الاستنتاج المرغوب فيه بسيط: يمكن إعطاء بن غفير كوزير للأمن الداخلي والمسؤول عن الشرطة، بما في ذلك حرس الحدود، مسؤولية مهنية على حرس الحدود في “يهودا والسامرة”، بما في ذلك المسؤولية عن تجنيد رجال الشرطة وإعدادهم ودفع رواتبهم وما شابه (بالمناسبة، هذه المسؤولية في يد الشرطة بين حين وآخر)، ولكن لا يمكن فصل حرس الحدود في “يهودا والسامرة” عن خضوعه لقائد المنطقة، ومن المحظور السماح بإخراج المسؤولية عن وضع سياسة تشغيل حرس الحدود في “يهودا والسامرة” من يد الجيش الإسرائيلي ونقلها إلى بن غفير.