في الوقت الذي تواجه فيه دولة الاحتلال تصاعد الأحداث في القدس المحتلة، وتنامي عمليات المقاومة في الضفة الغربية، والداخل المحتل، تتوجه الأنظار الإسرائيلية الى قطاع غزة، والخشية من الانضمام لهذه الموجة من المواجهة الدائرة، في ضوء التقديرات الإسرائيلية المتزايدة من إمكانية تكرار نموذج عملية “حارس الأسوار” التي شهدها القطاع في مثل هذه الأيام من 2021.
وتزعم محافل الأمن الإسرائيلي أن إمكانية انخراط قوى المقاومة ضد الاحتلال في هذه الجولة، إنما يأتي في محاولة منها لإثبات وجودها من جهة، وعدم الاستفراد الإسرائيلي بالضفة الغربية والقدس، فضلا عن رغبة بقاء غزة دائما في بؤرة الاهتمام الإعلامي والسياسي.
دانا بن شمعون خبيرة الشؤون الفلسطينية، ذكرت في مقال بصحيفة إسرائيل اليوم أن “تفاقم الأوضاع الأمنية في القدس والضفة الغربية المحتلتين وضع حركات المقاومة الفلسطينية في غزة، لا سيما حماس، في حالة تأهب خلال الأسابيع الأخيرة، وفي هذه الحالة فإن من الواضح أن حماس بحاجة لتحقيق جملة إنجازات، وقد تحقق لها هذا “الإنجاز” من خلال انطلاق سلسلة الاحتجاجات والمظاهرات في المسجد الأقصى، وإطلاق الصواريخ قبل ساعات باتجاه مستوطنات غلاف غزة”.
وأضافت أن “حماس قد تكون رغبتها بالانخراط في المواجهة الدائرة متزامنة مع تصعيد الاحتجاجات الميدانية في القدس المحتلة، وخلق انطباع لدى الجمهور الفلسطيني بأن الاشتباكات في الأقصى جاءت بعد دعوات من كبار قادة الحركة بعدم التزام الصمت حيال جرائم الاحتلال في القدس، ما أعطى الانطباع بأن حماس لاعب رئيسي في الساحة الفلسطينية، على الأقل عندما يتعلق الأمر بالقدس، بدليل أن المبعوث الأممي وآخرون يتحدثون الآن مع قادة حماس، ما يمنحهم الشرعية، ويعزز مكانتها من جديد”.
وتزعم الأوساط الإسرائيلية أن حماس تظهر إصرارا على تقديم نفسها كمدافعة عن القدس والأقصى، كما حصل في رمضان الماضي، على غرار ما حدث في حي الشيخ جراح، والتأكيد أن خياراتها مفتوحة، وبذلك تحتفظ بحق التصرف في أي زمان ومكان، طالما استمر العدوان الإسرائيلي في الأقصى، والتأكيد على أن الانتهاكات الإسرائيلية تستحق التضحية من أجلها.
في الوقت ذاته، ترصد المحافل الأمنية الإسرائيلية جملة الاتصالات السياسية التي تجريها قيادة حماس، وتأتي إليها من العديد من عواصم المنطقة، ما أظهر أنها تتحكم بمفاتيح الحالة الفلسطينية، من خلال تمسكها بطريق الجهاد والمقاومة حتى “تحرير المقدسات من نجاسة المحتلين”، واعتبار “الأقصى رمزا للأمة الإسلامية في الدفاع عن القدس، وهويتها”، فضلا عن الإشادة بـ”صمود وتضحية الشعب الفلسطيني”.
الخلاصة أن التقدير الإسرائيلي السائد في هذه الأيام يرى أن حماس بإمكانها أن تعمل على تأجيج المنطقة، وتحوز على “الوصاية” الكاملة لأحداث الأقصى، من خلال حرصها على نقل رسائلها لكل الوسطاء بأن إشراك قطاع غزة في المواجهة القائمة ليس سوى مسألة وقت، إذا تجاوزت إسرائيل “الخطوط الحمر” في القدس، ما يعني اقتراب الأمر من إغلاق النافذة الزمنية القائمة أمام إسرائيل.