كتب جوزيف شامي، وهو استشاري ديموغرافي مستقل ومدير سابق لقسم السكان في الأمم المتحدة، مقالاً نشره موقع ذا هيل الإلكتروني بعنوان “التحديات الديموغرافية للسلام بين إسرائيل وفلسطين”، استهله قائلاً إن التطورات الإيجابية الأخيرة تشير إلى أن الوقت قد حان الآن للإسرائيليين والفلسطينيين لتحقيق ما طالما تطلعت إليه تلك المنطقة: السلام.
ويقول الكاتب :”في حديثه في افتتاح الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، أعرب رئيس وزراء إسرائيل يائير لبيد عن دعم حكومته لحل الدولتين مع الفلسطينيين. وقال إن “إبرام اتفاق مع الفلسطينيين، على أساس دولتين لشعبين، هو الشيء الصحيح لأمن إسرائيل واقتصادها ومستقبل أبنائنا”.
ويضيف :”وفي بيانه أمام الجمعية العامة في اليوم التالي، أشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي لحل قائم على فكرة الدولتين، مضيفاً أن فلسطين تتطلع أيضاً إلى تحقيق السلام مع إسرائيل. وقال عباس، “دعونا نصنع هذا السلام لنعيش في أمن واستقرار وازدهار لصالح أجيالنا وكل شعوب المنطقة، كما دعا الرئيس الأميركي جو بايدن في تصريحاته إلى سلام دائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وبالإضافة إلى ذلك، روجت لجنة مبادرة السلام العربية، التي كانت تجتمع في وقت انعقاد الجمعية العامة، لاقتراحها الذي مضى عليه عقدين من الزمن والذي يدعو إلى إقامة السلام والتطبيع بين الدول العربية وإسرائيل مقابل انسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي الفلسطينية التي اُحتلت خلال حرب عام 1967 وإلى قيام دولة فلسطينية.
وقد “اُقترحت خيارات متعددة لمعالجة الصراع المستمر منذ ما يقرب من قرن من الزمن، بما في ذلك إقامة كونفدرالية من إسرائيل والأردن وفلسطين، ومنح الحكم الذاتي الإضافي للفلسطينيين، وإقامة اتحاد من المحافظات أو الكانتونات الفلسطينية الأصغر، وطرد الفلسطينيين أو نقلهم من الضفة الغربية، وحل دولتين يخلق أراضي منفصلة للإسرائيليين والفلسطينيين، وحل الدولة الواحدة يتقاسم فيه الإسرائيليون والفلسطينيون الأرض بالتساوي”.
ويقول الكاتب “توفر التركيبة السكانية الإسرائيلية والفلسطينية نظرة ثاقبة ذات صلة بالتركيبات الدينية المحتملة لحل الدولة الواحدة وحل الدولتين والتحديات التي يمكن أن تنشأ عنهما. ففي عشية العام اليهودي الجديد 5782، الذي جرى الاحتفال به في يوم 25 سبتمبر، بلغ عدد سكان إسرائيل 9.6 ملايين نسمة، منهم 7.1 مليون أو 73.7% من اليهود. ويُقدّر عدد سكان دولة فلسطين بما يزيد قليلاً عن نصف عدد سكان إسرائيل، بحوالي 5.3 ملايين نسمة. وينتج عن الجمع بين سكان إسرائيل وفلسطين إجمالي عدد سكان يبلغ 14.8 مليون نسمة، ونسبة اليهود من هؤلاء السكان مجتمعين ستشكل أقلية تبلغ 48%. وعلاوة على ذلك، في هذا السيناريو، من المتوقع أن تنخفض النسبة اليهودية من السكان إلى 46% بحلول عام 2030 ثم إلى 45% بحلول عام 2048”.
وفيما يتعلق بآفاق حل الدولتين، “بينما يؤكد البعض أنه (حل الدولتين) مرغوب فيه وقابل للتحقيق، يعتقد البعض الآخر أنه لم يعد خياراً بالنظر إلى حقائق اليوم. إذ يعيش ما يقرب من 700ألف إسرائيلي في مستوطنات في القدس الشرقية والضفة الغربية. وبالإضافة إلى ذلك، لا يدعم العديد من القادة السياسيين في إسرائيل، حتى أولئك الذين ينتمون إلى اليسار الوسطي، قيام دولة فلسطينية ذات سيادة فعلية. وكان قد تعهد رئيس الوزراء السابق بنيامين نتانياهو بفرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية”.
بالإضافة لذلك “من الناحية العملية، خلص البعض إلى أن إسرائيل ضمت الضفة الغربية منذ فترة طويلة. ويؤكد الكاتب أن تحقيق حل دولتين عادل وشامل للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني هو مهمة هائلة تنطوي على العديد من التحديات الخطيرة مثل وضع القدس، وما يزيد عن مليون لاجئ فلسطيني في البلدان المجاورة، والمتطرفين الدينيين، والحدود الدولية، والأمن القومي. ولكن حل الدولة الواحدة يأتي مع تحديات خاصة به، وسيتناقض مع بقاء إسرائيل “دولة يهودية وديمقراطية”.
ورغم التحديات، بحسب الكاتب “سيقود السلام التفاوضي القائم على أي من الحلين إلى فوائد لا حصر لها. فبدلاً من العنف والقمع واليأس، يمكن للإسرائيليين والفلسطينيين أن يتطلعوا إلى جني ثمار السلام والمصالحة وآفاق مستقبل أكثر إشراقاً. وبالإضافة إلى ذلك، سيعزز السلام الإسرائيلي-الفلسطيني وسيوسع العلاقات بين الدول في هذه المنطقة ذات الأهمية الإستراتيجية. ولطالما سعت الولايات المتحدة إلى إيجاد حل للصراع وشجعت محادثات السلام ويسرت الاتفاقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين والدول المجاورة”.
ويختتم الكاتب مقاله بالقول “وبالنظر إلى الرغبة في السلام بين الشعبين وزعمائهم الحكوميين، يجب على الولايات المتحدة السعي بنشاط مرة أخرى وراء محادثات السلام. ويختتم الكاتب المقال بالإشارة إلى أن كلا طرفي الصراع مستعدان للتغيير، وقد حان الوقت الآن بالنسبة للإسرائيليين والفلسطينيين للتفاوض من أجل سلام دائم”.