يرى محللون فلسطينيون أن محاولة سلطات الاحتلال الإسرائيلي فرض “قوة الردع” بعد تعرضها لسلسلة من العمليات، قد تؤدي إلى تصعيد خطير شامل، وأن عملية الاغتيال الأخيرة، وما سبقها من عمليات بالضفة الغربية تركزت في شمالها، تحمل رسائل للمجتمع الإسرائيلي، وللفلسطينيين على حد سواء، محذرين من تصعيد يخرج عن السيطرة.
وفجر السبت، أعلن الاحتلال، في بيان، أن قواته قتلت ثلاثة مسلحين من حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية في تبادل لإطلاق النار بالضفة الغربية المحتلة، ليرتفع عدد الشهداء منذ بداية آذار/ مارس الماضي إلى 16، ومنذ بداية العام الجاري إلى 27.
بينما بلغ عدد الإسرائيليين الذين قتلوا في عمليات نفذها فلسطينيون منذ آذار/ مارس الماضي إلى 11، آخرهم مقتل خمسة أشخاص خلال عملية إطلاق نار في مدينة بني براك، الثلاثاء الماضي، نفذها الشهيد ضياء حمارشة.
ورأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، جهاد حرب، في عمليات الاغتيال الأخيرة، “رسائل تريد إسرائيل منها القول إن أي عمل فلسطيني مقاوم سيكون تحت القوة الإسرائيلية في أي وقت وأي مكان”. وأضاف “يمكن القول إن إسرائيل تريد القول إنه لا حدود لاستخدام القوة”.
واعتبر أن الحكومة الإسرائيلية تريد أن تبعث برسالتين أولاهما للمجتمع الإسرائيلي ومفادها أنها قادرة على حمايته بعد تعرضه لعدة عمليات مؤخرا، وأن “قوتها لا حدود لها وتستطيع أن تصل إلى أي مكان، ولكل من يهددها”؛ وأما الرسالة الثانية، بحسب حرب، فهي للمجتمع الفلسطيني، ومفادها: “ستدفعون الثمن عن أي عمل يستهدف إسرائيل”.
التخلص من قيادات المقاومة
من جانبه، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأميركية في جنين، أمجد أبو العز، أن العمليات الأخيرة محاولة إسرائيلية لتصفية المقاومة الفلسطينية عبر “سياسة الاغتيال المميت”.
وأضاف أن “صورة إسرائيل بعد سلسلة عمليات استهدفتها باتت مهزوزة أمام مجتمعها، لذلك تستخدم قوة الردع لتوفير الأمن لمواطنيها”. وترى السلطات الإسرائيلية في انتشار ظاهرة السلاح في شمالي الضفة الغربية وفي جنين خاصة، قلق وتهديد لأمنها، بحسب أبو العز.
وأشار إلى أن “إسرائيل، لفترة، غضت البصر عن السلاح في الضفة الغربية غير أنه بات اليوم يهدد أمنها، لذلك تريد تصفية أي قيادات عسكرية وخاصة نشطاء حركة ‘الجهاد الإسلامي‘ في جنين، في ظل عدم قدرة الأمن الفلسطيني على التعامل مع بعض التجمعات السكانية وسحب السلاح”.
استثمار الحرب على أوكرانيا
وأشار أبو العز إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تستثمر الانشغال الدولي في الحرب الروسية الأوكرانية، وتعمل على تصفية وقتل واغتيال النشطاء الفلسطينيين.
ولم يستبعد أستاذ العلوم السياسية، تطور التصعيد في الأراضي الفلسطينية، ليصل لمواجهة أشمل، تشارك فيها كافة الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة “فتح”. وقال: “إسرائيل قد تستثمر تفجير الأوضاع لفرض أجندات”.
مواجهة “لا يعرف شكلها”
بدوره، يعتقد مدير مركز “يبوس” للدراسات، سليمان بشارات، أن استمرار عمليات الاغتيال، قد يؤدي إلى “مواجهة أوسع بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل”. وقال إن “السؤال ما هو شكل المواجهة مع استمرار عمليات الاغتيال؟ وهل الفصائل الفلسطينية لديها بنية تحتية ونواة جديدة للمقاومة؟”.
وبيّن أن “الأجواء في الضفة الغربية تشير إلى أننا ذاهبون نحو مواجهة، نتاج عمليات الاغتيال والاعتقالات والتهويد والاستيطان، ومدى انعكاس هذه السياسية على الحالة المجتمعية الفلسطينية، والذي يشكل الشباب نموذجا له”.
في المقابل، اعتبر بشارات أن “إسرائيل تهدف من خلال عملياتها لردم أي جيوب للمقاومة في الضفة الغربية، ووأدها بشكل كامل، ولن يكون ذلك بحسب رؤيتها إلا بالاغتيال”.
“عمليات استباقية”
كما اعتبر الكاتب الصحافي الفلسطيني، نواف العامر، في العمليات الأخيرة، محاولة إسرائيلية لاستباق الأحداث، وتنفيذ عمليات إعدام. وقال: “يبدو أن إسرائيل باتت على قناعة أن عمليات الاعتقال لن تكون رادعة للجيل الفلسطيني الجديد الذي يتصدر المقاومة والمواجهة لذلك تستبق الأحداث وتذهب للاغتيال”.
وأضاف “إسرائيل تفرض وقائع على الأرض من خلال عمليات الاستيطان والتهويد، والأمر يتطلب تفريغ الساحة الفلسطينية من أي مقاومة، لذلك تذهب لسياسة الاغتيال”. ولفت إلى أن إسرائيل ترى في جنين حاضنة المقاومة الفلسطينية، لذلك يتم التركيز على عمليات الاغتيال فيها.
وتوقع تطور الأحداث في حال استمرار الاحتلال في سياسة الاغتيالات، إذا لم يجد من يلجم سياساته. وقال “بدأت تخرج رسائل من فصائل المقاومة تهدد إسرائيل، ومن أبرزها حركتي الجهاد الإسلامي وحماس”.
في ساعة مبكرة من فجر السبت، اغتالت قوة إسرائيلية خاصة، ثلاثة شبان فلسطينيين، بالقرب من مدينة جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة.