قال مسؤولون سابقون شغلوا مناصب رفيعة في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، إن تعيين رئيس حزب “عوتمسا يهوديت”، الفاشي إيتمار بن غفير، وزيرا للأمن الداخلي، بعد تغيير اسم هذه الوزارة إلى “وزارة الأمن القومي”، قد يؤدي إلى “إشعال المنطقة”، و”تفاقم الوضع” في المسجد الأقصى، كما سيؤدي إلى “الإضرار بآلية التنسيق السياسي – الإستراتيجي” بين تل أبيب وواشنطن.
وأشار رئيس معهد السياسات والإستراتيجية، اللواء في الاحتياط، عاموس غلعاد، في حديث للقناة 12 الإسرائيلية، إلى أن جعل بن غفير مسؤولا عن قوات “حرس الحدود” العاملة في الضفة المحتلة، يشكل “تحديا أمنيا لإسرائيل وسيؤثر على قدرتها على المواجهة”، واصفا تعيين بن غفير بأنه “وصفة” لإحداث “كوارث”.
وأضاف أنه “عندما تحلل مواقف بن غفير في يهودا والسامرة (الضفة المحتلة) وخاصة في جبل الهيكل (الحرم القدسي)، ترى أن تعيينه يشكل وصفة لإشعال الوضع الإقليمي، الأمر الذي قد يخرب جهودنا في التعامل بشكل فعال مع التهديد الإيراني، الذي يتطلب تعزيز قوة الجيش وكذلك التنسيق الإستراتيجي مع الولايات المتحدة ودعم الغرب”.
واعتبر الرئيس السابق لقسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي (“أمان”) أن “جبل الهيكل (الحرم القدسي) هو قنبلة حقيقية، حماس تراقب لتحويل الصراع مع الفلسطينيين إلى حرب دموية دينية”. وحذّر من اشتعال الأوضاع الميدانية في الضفة الغربية المحتلة، مشددا على أنه سيكون لذلك “تأثير دراماتيكي” على العلاقات مع الأردن.
ولفت إلى أن الإجراءات التي يعتزم بن غفير فرضها في القدس المحتلة والمسجد الأقصى، ستؤدي إلى “الإضرار” بعلاقات إسرائيل مع الدول العربية وستضر بـ”التنسيق الإستراتيجي والسياسي المطلوب مع الولايات المتحدة”، مشيرا إلى أن “مع أيديولوجية بن غفير، قد ينتهي بنا المطاف إلى مواجهة سوف ينجذب إليها جنود الجيش الإسرائيلي أكثر فأكثر”.
من جانبه، رفض النائب السابق لرئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، العقيد في الاحتياط، إيتمار يير، فكرة منح وزير في الحكومة صلاحية توجيه أوامر عملياتية لقوات “حرس الحدود” العاملة في الضفة الغربية المحتلة، وقال إنه “عندما يتلقى حرس الحدود أمرا بالعمل في يهودا والسامرة، خلافا للحاجة إلى تفعيل القوة التي يقررها القائد العسكري للمنطقة أو رئيس أركان الجيش، فستنشأ فوضى أمنية”.
وشدد على ضرورة أن إبقاء صلاحية إصدار الأوامر للقوات العملياتية في الضفة المحتلة بيد القائد العسكري للمنطقة، معتبرا أن إخضاع القوات العملياتية لشخصية سياسية وليس لرتبة عسكرية سيجعلها تعمل وفقًا للاعتبارات الشخصية أو السياسية”.
بدوره، قال نائب المفتش العام الأسبق للشرطة، دافيد تسور، إنه “عليك أن تتذكر أن كل شيء في يهودا والسامرة يعمل وفقًا لأوامر القائد العسكري، بما في ذلك قضايا البناء، كما أن طلب سموتريش بإخضاع الإدارة المدنية لوزارة المالية هو طلب غير معقول”.
واعتبر أنه يمكن لبن غفير “المشاركة في المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) بحكم منصبه، والتأثير على سياسة وزير الدفاع ورئيس الأركان في استخدام القوة، لكنه يحاول تجاوز ذلك وفرض السيادة الإسرائيلية على مناطق يهودا والسامرة من الباب الخلفي”.
تحذيرات من مساعي بن غفير لتغيير “الوضع القائم” في الأقصى
من جابنها، حذرت السلطة الفلسطينية، اليوم الأحد، من تغيير “الوضع القائم” في المسجد الأقصى بعد توقيع الاتفاق الائتلافي بين رئيس الحكومة المُكلف، بنيامين نتنياهو، وعضو الكنيست المتطرف بن غفير، وذلك في بيان لوزارة الخارجية الفلسطينية، تعقيبا على اقتحام عشرات المستوطنين للمسجد الأقصى في مدينة القدس المحتلة.
وقالت الوزارة إن الاتفاقيات التي وقعها نتنياهو مع بن غفير تعطي الأخير “صلاحيات واسعة لممارسة سياسته ومواقفه الاستعمارية العنصرية ضد المسجد الأقصى المبارك، وسعيه لإحداث تغييرات جذرية واسعة النطاق على الواقع التاريخي والقانوني القائم”.
وأضافت الوزارة أنها “تنظر بخطورة بالغة” لنتائج وتداعيات اقتحامات المسجد الأقصى. ودعت المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى “إبداء أعلى درجات الاهتمام واليقظة والحذر من المخاطر التي تشكلها تلك الاقتحامات بما يرافقها من أداء طقوس تلمودية في باحات المسجد، خاصة في ظل حكم نتنياهو بن غفير وأتباعهما”.
وحذرت من أن هذه الاقتحامات “تندرج في إطار محاولات دولة الاحتلال تكريس التقسيم الزماني للمسجد ريثما يتم تقسيمه مكانيا إن لم يكن هدمه بالكامل وبناء الهيكل المزعوم مكانه”. كما حذرت “من مفاهيم ورؤى تدعو لتحويل طابع الصراع من سياسي إلى ديني”، يحملها نجاح اليمين واليمين المتطرف في انتخابات الكنيست التي أُجريت في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
وأكدت أن أي تغييرات في واقع المسجد يعتبر “تهديدا مباشرا بتفجير ساحة الصراع والمنطقة برمتها”. ودعت إلى سرعة التحرك العربي والإسلامي “لتنسيق جهودهما والاتفاق على برنامج عمل (…) لتوفير الحماية الدولية اللازمة للقدس ومقدساتها”.
وتحشد جماعات “الهيكل” المتطرفة في حشد أنصارها لتنفيذ اقتحامات جماعية واسعة للمسجد في عيد “الحنوكاه” (الأنوار) الذي يحتفل به اليهود في 18 كانون الأول/ ديسمبر المقبل لمدة ثمانية أيام.