بعد الكشف عما أسمتها الأوساط السياسية والدبلوماسية الإسرائيلية “الوثيقة السرية” للاتحاد الأوروبي عن توسيع البناء الفلسطيني في المنطقة “ج” بالضفة الغربية، تفاعلت الأزمة عقب دعوة أعضاء الكنيست اليمينيين بطلب إجراء مناقشة عاجلة لهذه الوثيقة، حيث بالتزامن مع دعوة مشابهة لحركة “ريغفيم” الاستيطانية للغرض ذاته.
موريا فالبرغ المراسلة السياسية لـ”القناة 13″، كشفت أن “عشرة أعضاء من الكنيست، بمن فيهم أوفير تسوفير ويولي إدلشتاين وآفي ديختر وأوفير أكونيس من حزب الليكود، إضافة إلى يسرائيل أيشلر من حزب يهودوت التوراة، بعثوا برسالة للرئيس المؤقت للجنة الشؤون الخارجية والأمن يوآف غالانت، لإجراء نقاش عاجل حول مساعي الاتحاد الأوروبي لتعزيز الوجود الفلسطيني في المنطقة (ج)، الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، ورسم خرائط للأراضي في المناطق الفلسطينية، بهدف إثبات وجود الفلسطينيين، واستحقاقهم للأرض”.
وأضافت في تقرير أن “حركة ريغفيم كتبت في رسالتها أن الاتحاد الأوروبي يعمل تحت ستار من النشاط الإنساني، لكنه من الناحية العملية يقوض دولة الاحتلال، ويتعارض مع القانون الإسرائيلي، بهدف تعميق التواجد الفلسطيني الاستراتيجي على المنطقة “ج”، زاعمة أن نشاط الاتحاد الأوروبي ليس دبلوماسياً، وليس مساعدات إنسانية فحسب، بل “تخريب محظور” في ظل دولة ذات سيادة، مما يستدعي من دولة الاحتلال التصرف بحسم ضد هذا التورط الجسيم، ووضع حدّ له”.
من جهتها، هاجمت وزارة الخارجية الإسرائيلية وثيقة الاتحاد الأوروبي، وزعمت أنها “تقدم سلسلة من المواقف غير المقبولة لإسرائيل، بما في ذلك ما يتعلق بالمنطقة “ج”، وأوضحت ذلك للاتحاد في سلسلة من الاتصالات مع ممثليها على جميع المستويات، ومنذ كتابة الوثيقة عقد الجانبان اجتماعا وحوارات نوقشت فيها قضايا على جدول الأعمال في علاقاتهما، خاصة دعوته لمتابعة ومراقبة النشاط الأثري الإسرائيلي في الميدان، لأن الاحتلال يستخدمه لتبرير سيطرته على أراضي الضفة الغربية”.
وأضافت أن “الهدف الأوروبي النهائي هو دمج المنطقة “ج” مع المنطقتين “أ و ب”، من خلال رؤية أوروبية مشتركة ونهج أكثر تنسيقًا بين الأطراف في أوروبا لتعظيم القدرة على توسيع مشاركتهم في المنطقة “ج”، والحاجة لتعزيز البنية التحتية للفلسطينيين في هذه المنطقة، وتقديم المساعدة القانونية والخطوات الأخرى التي يرغب الاتحاد الأوروبي بالترويج لها”.
تجدر الإشارة أن موقف الاتحاد الأوروبي في المنطقة “ج” ليس جديدًا، والحديث لا يدور عن وثائق سرية، بل إن سياسة الاتحاد من صنع دوله الأعضاء الـ27، من حيث التزامها بحل الدولتين، ودعوة الاحتلال للسماح بتحسين حياة الفلسطينيين، والسماح لهم بالبناء، ووقف تدهور أوضاعهم المعيشية في الميدان.
في الوقت ذاته، أكد سفير الاتحاد الأوروبي في تل أبيب ديميتر تازانتشيف في تصريح لـ”القناة 13″ أنه “بعيدا عن الحديث عن وثائق داخلية، فإن مخاوفنا بشأن المناطق الفلسطينية، خاصة المنطقة “ج”، معروفة لإسرائيل، وموقفنا الداعم لحل الدولتين معروف وواضح جدا، وهذا ينطبق على مخاوفنا بشأن المستوطنات في الضفة الغربية، مواقفنا معروفة جيداً، ويتم التعبير عنها دائمًا في اتصالاتنا مع السلطات الإسرائيلية، بما في ذلك خلال الحوار السياسي الذي عقد بوزارة الخارجية”.
وفيما أرسل عضو الكنيست عميحاي شيكلي رسالة لمفوضية الاتحاد الأوروبي، بجانب ثلاثين عضو كنيست آخرين، طالبوه “بوقف انخراطه في البناء غير القانوني في المنطقة “ج”، لأنه تخريب ضد إسرائيل، فقد ساد غضب إسرائيلي كبير لدى العاملين في المستوى الدبلوماسي بجانب ردود الفعل السياسية، وانتقادات لاذعة من مسؤولي وزارة الخارجية ضد الاتحاد الأوروبي”.
جيرالد شتاينبرغ رئيس معهد أبحاث المنظمات غير الحكومية، زعم أنه “منذ الثمانينيات، يعمل الاتحاد الأوروبي على إقامة دولة فلسطينية، وفي السنوات العشرين الماضية، استخدم شبكة من المنظمات غير الحكومية، التي تعتبر مقاولة من الباطن لتعزيز هذا الهدف، وتؤكد الوثيقة السرية المذكورة كيف تستخدم أوروبا مفاهيم المجتمع المدني وحقوق الإنسان لضخ ملايين اليوروهات من أجل إثبات الحقائق الفلسطينية على الأرض، مما يعني أن احتمال نشوب صراع بين إسرائيل وأوروبا حول موضوع التدخل الأجنبي والتمويل للمنظمات غير الحكومية سيتزايد في المرحلة القادمة”.