“الأرض روحنا معلّقة فيها… الشّجر جدي وأبوي زرعوه واحنا حرثنا الأرض وبنعتني فيها لليوم.. هون كل حياتنا”… جملة يرددها الشاب موسى ابراهيم عليان وهو ينظر الى أرض العائلة في قرية بيت صفافا وأشجار الزيتون والتين والسرو التي تغطيها، ويفكر في الخطر الذي يتهدد الأرض في الأيام القادمة، والمخطط الّذي يهددها وما عليها لبناء مستوطنة وشق الشوارع.
ورثة المرحوم ابراهيم عليان، يعانون منذ عدة سنوات لمحاولات عديدة وطرق ملتوية للسيطرة على أرضهم الواقعة على تلة قرية بيت صفافا في منطقة “الطبالية”وطردهم منها، تحت ذرائع وحجج مختلفة، لتنفيذ مخطط مستوطنة “جفعات هموتس” لتضاف إل ىسلسلة من المستوطنات التي تحاصر القرية بعد الاستيلاء على الأراضي بطريق ممنهجة.
يوم أمس اقتحمت أرض العائلة عنوة واعتقال أحد الاشقاء “أحمد عليان”، ورغم ذلك تمكنت العائلة من التصدي للقوات وطواقم البلدية بمنعهم من القيام بأعمال “المسح وأخذ مساحات” داخل الأرض.
وأوضح موسى عليان أن محاولات انتزاع أرض العائلة بدأ منذ سنوات، مستغلين القوانين الإسرائيلية التي تمكنهم من ذلك، ففي عام 2010 أعادوا “تقسيم الجبل “الطبالية” دون الرجوع ودون علم أصحابها ودون موافقتهم”، وقال:” نحن كعائلة نملك في هذا الموقع 25 دونما “لدينا أوراق وطابو يثبت ذلك”، ولكن وبعد “تقسيم الجبل” تم إخراج 7 دونمات من الموقع واستبدالها بموقع آخر، وأرضنا حولت لتكون في المستقبل “مستوطنة وشوارع، بمعنى أن “ارضنا اعطيت لآخرين ونحن أخذنا قطع أخرى متفرقة بعيدة عن المنازل التي نعيش فيها”.
وأضاف عليان:” فور علمنا بالأمر اعترضنا للبلدية، ثم للمحكمة المركزية والعليا، وجميعهم رفضوا الاعتراضات التي قدمت، وأقروا “تقسيم الأرض”، وبعد عدة سنوات تحاول البلدية شق الشوارع وعمل بنية تحتية وبناء وحدات استيطانية على الأرض، وتمكنا من أخذ قرار توقيف العمل في المكان، ورغم ذلك اقتحموا الأرض أمس لأخذ مساحات وقياسات لها”.
وأوضح عليان أن البلدية ترفض حتى اليوم تسجيل الأراضي التي أعطيت للعائلة “بعد إعادة تقسيم المنطقة” في السجلات والدوائر الرسمية، لتثبيت حقها بها، واليوم نحن نطالب بذلك فهذا حقنا ولن نتراجع عنه، فرض علينا القانون وبالقوة انتزع منا حقنا.
ولا يتخيل الشاب موسى عليان وأشقائه وشقيقاته العشرة ومعهم الأولاد والأحفاد، أرضهم والتي من الممكن أن تتحول في أي لحظة الى مستوطنة، وأن تجرف الأشجار المثمرة والمعمرة لصالح لذلك.
أرض عائلة عليان، ليست الأرض الوحيدة المهددة بالمصادرة أو التي صودرت بالقوة من اصحابها في قرية بيت صفافا، فهذه القرية التهمت أرضيها منذ عام 1948 حتى اليوم، ففيها أقيمت مستوطنات وشقت الشوارع والطرقات فصلتها عن امتدادها ومحيطها، وشبه المهندس عبد الكريم لافي قرية بيت صفافا “بجزيرة عربية إسلامية تحيط بها المستوطنات من جهاتها الأربع”.
واوضح المهندس لافي أن مساحة بيت صفافا التاريخية تبلغ 5288 دونما واليوم لم يبقى منها سوى 2350 دونما “قرية بيت صفافا وشرفات”، ففي عام 1948 صادرت السلطات الاسرائيلية حينها ثلثي الأرض، في المنطقة الغربية الشمالية، وبقي ثلث واحد للفلسطينيين في المنطقة الشرقية الجنوبية، وبعد حرب 1967 مباشرة استولت السلطات على 12 منزلا داخل بيت صفافا بحجة وجود أصحابها خارج البلاد، ولا تزال عائلات المستوطنين تسكن في 8 من هذه المنازل، وفي تلك الفترة استولت على أقدم مستشفى بني في فلسطين عام”1936” وحولته إلى مدرسة دينية .
وأضاف المهندس لافي عام 1967 سقط طيار على تلة طبالية في القرية، ووضعت السلطات مخططا منذ سنوات لبناء مستوطنة “جفعات هموتس /تلة التيار” وهذه استولت على ثلث ما تبقى من أراضي القرية، حيث تمتد وحسب المخططات من “الطنطور جنوبا الى محطة الحافلات شمالا”.
ولفت المهندس لافي أن السلطات الإسرائيلية وبسبب ملكية الأراضي، وزعت وقسمت القرية الى 4 مناطق: الأولى طبالية”جفعات هموتس”، منطقة “ب” الجنوبية الشمالية معظم سكانها فلسطينيين، أما المنطقة الثالثة “المنطقة الشمالية” 70 % منها وضعت تحت اسم “حارس أملاك الغائبين” وتم الاعتراض على ذلك، والمنطقة الرابعة “بمحاذاة شارع القدس الخليل مقابل “دير مار الياس” ووضعوا مخطط لبناء ما بين 5- 6 فنادق اسرائيلية.
وتحدث لافي الى الشوارع التي قضمت أجزاء من أراضي القرية، والذي بدأ منذ عام 1967، “شارع دوف يوسيف” صادر 200 دونما من أراضي القرية وقسمها الى”قسم غربي وشرقي”.
أما شارع رقم “4” الذي خطط واعلن عنه عام 1992، فقسم القرية من وسط الغرب الى منتصف الجنوب، وصادر ما بين 200-300 دونما من اراضيها .
وأضاف لافي أنه أقيم على قرية بيت صفافا 80% من “المنطقة الصناعية في تلبيوت”، مستوطنة”بات” وسط القرية، وجزء من القطمون.
كما تحيط بأراضي القرية بالاضافة الى المستوطنات التي أقيمت على أراضيها، مستوطنة “حار حوما/ جبل أبو غنيم”،وتلبيوت/ المنطقة السكنية، ومستوطنة “جفعات هموتس” والتي يتم اليوم القيام بأعمال تجريف ونقل أتربة وحفر للآثار والبنية التحتية والشوارع تمهيدا لبناء وحدات استيطانية.