أطلق رئيس الوزراء محمد اشتية، اليوم الأحد من رام الله، فعاليات المؤتمر العربي الرابع للمياه الذي تنظمه دولة فلسطين تحت شعار الأمن المائي العربي من أجل الحياة والتنمية والسلام، تحت رعاية السيد الرئيس محمود عباس، والذي سيبدأ أعماله في العاصمة المصرية القاهرة يوم الأربعاء القادم.
وتأتي فعالية إطلاق المؤتمر من فلسطين، التي تعذر استضافتها للمؤتمر على أرضها بسبب معوقات وصول الأشقاء العرب وتنغيصات الاحتلال، حيث تم تقديم أوبريت غنائي يعبر عن جوهر المؤتمر والأمل بالوحدة المائية العربية، بحضور رئيس سلطة المياه مازن غنيم، ورئيس سلطة الطاقة ظافر ملحم، ورئيسة سلطة جودة البيئة نسرين التميمي، والعديد من الشخصيات الرسمية والأمنية.
وقال رئيس الوزراء: “المياه في الوطن العربي أمر سياسي اقتصادي ويحتاج إلى رؤية استراتيجية كونه يتعلق بالأمن المائي العربي، وبلادنا تواجه تحديا حقيقيا بخصوص شح مواردها المائية وتعرضها للسرقة”.
وأوضح رئيس الوزراء أن منابع الأنهار العربية الكبرى تقع خارج دولنا العربية، ما يعطي العديد من الدول ميزة جيوسياسية علينا، داعيا إلى ضرورة الحوار بخصوص الحقوق المائية كي نتجنب حروبا قادمة سببها المياه.
وأشار: “رغم أهمية الحلول التكنولوجية لأزمة المياه، إلا أنها ليست بديلة عن إحقاق الحقوق المائية استنادا للقانون الدولي، وذلك لمواجهة الفجوة بين توفر المواد المائية والحاجة المتزايدة بتزايد السكان”.
وقدم رئيس الوزراء تسلسلا تاريخيا لأزمة المياه التي خلقتها إسرائيل منذ احتلال فلسطين عام 1948، وانعكاسها على الموارد المائية الفلسطينية اليوم.
وقال: “في فلسطين، الماء مُرَكب رئيسي في الصراع، وإسرائيل تشن حربها على الإنسان والأرض والمياه، فبرنامج الاستيطان الزراعي وضع خططه للسيطرة على الموارد المائية منذ وقت مبكر، ابتداء من مشروع جونسون الذي حوّل مياه نهر الأردن إلى طبريا وكان شرارة انطلاق الثورة الفلسطينية عام 1964 في عملية تفجير نفق عيلبون”.
وتابع: “بعد عام 1967 بدأت إسرائيل حفر آبار مياه في الضفة الغربية أكثر عمقا من الآبار الفلسطينية ما أدى لسيطرتها على معظم المياه الجوفية، وأدى لجفاف ينابيع مثل عين العوجا”، متابعا “هذه السرقة أثرت على تحول نمط الزراعة في فلسطين، إذ انخفضت مساحة الأرض المروية من 6% إلى حوالي 2% من الأراضي المزروعة، وتحوّل المزارعون من زراعة الحمضيات والموز إلى زراعة تحتاج كميات أقل من المياه، مثل التوت الأرضي وغيره”.
وأكد رئيس الوزراء أن إسرائيل تسرق 600 مليون متر مكعب من المياه الجوفية الفلسطينية البالغة نحو 800 مليون متر مكعب، وتحولها إلى داخل مدنها ومستوطناتها، حيث أن ثلث مياه الضفة يتم استخدامها داخل اسرائيل، وبالوقت الذي يستهلك الإسرائيلي 430 لتر مياه يوميا، يستهلك الفرد الفلسطيني 72 لترا فقط، وهو أقل من المعدل العالمي 120 لترا يوميا”.
وقال رئيس الوزراء: “نناضل من أجل حقوقنا المائية، وهذا المؤتمر فاتحة عيون نحو مزيد من التعاون العربي بخصوص قطاع المياه”، متابعا “الحكومة تنفذ استراتيجية الحصاد المائي، كما أطلقت مشاريع السدود بداية من سد في وادي الفارعة، وتعمل على مشاريع ضخمة لتحلية مياه البحر في غزة، بتمويل من الاتحاد الأوروبي وغيره من المانحين”.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الحكومة منذ استلامها مهامها قبل 3 أعوام ونصف، استثمرت نحو 500 مليون دولار في مشاريع المياه والصرف الصحي، موجها الشكر للشركاء الدوليين في تمويل هذا القطاع الاستراتيجي.
وقال رئيس الوزراء: “البحر الميت مهدد بالموت والجفاف بشكل كامل حتى عام 2044، بسبب الإجراءات الاسرائيلية بحقه، من تحويل موارده المائية واستنزاف مقدراته ومنها المعادن والاملاح التي تستخرجها شركات إسرائيلية”.
وشكر رئيس الوزراء سلطة المياه على جهودها في تنظيم وإدارة المؤتمر بالشراكة مع الأشقاء العرب، وتمنى النجاح للمؤتمر في رسم مشهد عربي مائي مكتمل.
من جانبه قال رئيس سلطة المياه مازن غنيم: “يعتبر هذا المؤتمر حدثاً اقليمياً هاماً، لتسليط الضوء على الوضع المائي العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص، من خلال استعراض الإنجازات الاستراتيجية التي استطعنا تحقيقها في قطاع المياه، بالرغم من التحديات والعراقيل التي يواجهها هذا القطاع والمتمثلة بشكل رئيسي في الاحتلال الإسرائيلي، الذي كان وما زال يمثل التحدي الأول لعملية التطوير والبناء في فلسطين، واستمراره في سلب الحقوق المائية العربية والفلسطينية والتي تنعكس سلباً على الحياة والتنمية والسلام”.
وأضاف غنيم: “إن تنظيم فلسطين لهذا الحدث الهام له أبعاد ومعانٍ على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، حيث يؤكد على قدرتنا كفلسطينيين على المساهمة الفاعلة، في دعم وتعزيز العمل العربي المشترك الذي يصب في خدمة حاضر ومستقبل شعوبنا، باعتباره منصة هامة لحشد التأييد الدولي لقضيتنا وحقوقنا الوطنية المشروعة، وفضح الممارسات العنصرية للاحتلال الإسرائيلي”.
وتابع غنيم: “كما يؤكد هذا المؤتمر على العمق العربي الداعم للقضية الفلسطينية وللحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا، وخصوصاً أن هذا المؤتمر يأتي بالتزامن مع يوم التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، حيث حرصنا من خلال التحضيرات لهذا المؤتمر إلى تحقيق الرؤية الفلسطينية العربية المشتركة، والمتمثلة بالنهوض بواقع قطاع المياه العربي والفلسطيني، وتعزيز آليات التعاون والتكامل العربي بهدف تحسين مستوى خدمات المياه والصرف الصحي في الدول العربية بما يساهم في تحقيق الأمن المائي العربي”.
وأردف غنيم: “لا تزال أطماع الاحتلال الإسرائيلي في المياه العربية تعد أهم التحديات التي نواجهها نتيجة استمراره في سرقة الأرض والموارد المائية في الجولان السوري المحتل وجنوب لبنان، وحقيقة سيطرته على أكثر من 85% من مصادر المياه الفلسطينية، واستغلاله غير المشروع لها والذي يعد خرقاً واضحاً للقانون والمعاهدات والمواثيق الدولية ذات العلاقة، وبناءً على هذا الواقع الخطير تبرز أهمية المؤتمر في تسليط الضوء على الحقوق المائية العربية وآليات الدفاع عنها، من خلال تعزيز العمل العربي المشترك لضمان حق الأجيال الحالية والقادمة في مصادر مياه كافية وآمنة ومستدامة كما نصت عليه جميع الأعراف الدولية والحقوق الإنسانية”.