كتب: صادق الشافعي
وهي تعلق الآمال الكبيرة، كما في كل مرة، على ما سيخرج عن هذا الاجتماع من نتائج.
ليس المهم – أو الأهم – الخروج بوثيقة اتفاق سياسية تنظيمية وطنية وحدوية كما جرت العادة، حيث هناك الكثير من مثل هذه الأوراق والوثائق خرجت عن اجتماعات عديدة سابقة.
آخر تلك الاتفاقات كان اتفاق الجزائر والوثيقة التي خرجت عنه وبإجماع المجتمعين، وقد لاقت تلك الوثيقة إجماعا وطنيا وشعبيا مؤيدا تأييدا عارما، قابلا بها ومرحبا بصدورها وبما حملته من قواعد اتفاق وما زرعته من آمال في نفوس وعقول أهل الوطن بكل أطيافه وفئاته الشعبية والمجتمعية.
لكن وثيقة اتفاق الجزائر هذه لم تنتقل من خانة ورحابة الاتفاق ونصوصه إلى ركائز وأسس العمل النضالي الوطني الموحد، وفي المركز منه رؤى وتطبيقات سياسية وتنظيمية ونضالية ملموسة. أساس هذه الرؤى وجوهرها: وحدة قيادة النضال الوطني الفلسطيني بكل تعبيراتها وهيئاتها، وفي كافة المجالات.
وبذلك انضم اتفاق الجزائر بكل تميزه واقعيا، إلى عديد الاتفاقات التي سبقته كما تمت الإشارة لها، والتي لم تخرج إلى التطبيق في ارض الواقع بكل تعبيراتها العملية والمحسوسة وفي جميع المجالات وعلى كل المستويات.
ليس التحدي الأهم ولا الأولوية أمام اجتماع القاهرة القريب الانعقاد هو الخروج بوثيقة اتفاق سياسي جديدة – مع استمرار أهمية صدور مثل هذه الوثيقة – أو الاكتفاء بالإشارة إلى الاتفاقات السابقة، وربما مع التركيز على اتفاقية الجزائر.
لقد شبع أهل الوطن الفلسطيني وقواه السياسية والمناضلة من الحديث العام عن وحدة النضال الوطني ومنطلقاته وأهدافه وأدواته، وشبعوا أيضا من الحديث عن ضرورة وحدة هيئات هذا النضال، ولكن دونما تحقق التنفيذ بالمستوى المناسب والمطلوب، وبالذات في المجالات التنظيمية والسياسية والإدارية.
لكن أولوية الاهتمام لدى أهل الوطن باجتماع القاهرة القادم وترقبهم لمخرجاته، هي أن تذهب المهمة المركزية للاجتماع باتجاه ضرورة الاتفاق على وحدة أدوات النضال الوطني وهيئاته ومؤسساته وعلى كافة المستويات وفي جميع المحالات.
وأيضا، أن يتحقق الانفتاح على أساليب وطرائق الأداء النضالي، وعلى تنوعها أيضا. فلم يعد مقبولا الاكتفاء بتحقق الوحدة في المجال النضالي مع استمرار حال الانقسام في المجال السياسي والإداري النظامي السلطوي، وما يرتبط بذلك من خلافات وتعقيدات في أكثر من مجال ترمي بثقلها السلبي والمعيق على قدرات النضال الوطني العامة والشاملة. بينما المفترض والمطلوب أن تكون هذه القدرات موحدة على جميع المستويات لمواجهة التحديات المصيرية والمخاطر الجسيمة والتهديدات الوجودية للشعب الفلسطيني بكافة شرائحه وتشكيلاته وتجمعاته.
وبالعنوان الأعرض والأوضح لم يعد مقبولا بأي شكل استمرار حال تواجد حكمين قائمين منعزلين ومستقلين عن بعضهما ومتنافسين أن لم نقل مختلقين ومتنازعين في بعض الحالات، وبما قد يؤثر سلبا على النضال الوطني بشكل عام، وهو بالتأكيد يفعل ذلك.
ولم يعد مقبولا أيضا، وضع اشتراطات يصعب، إن لم نقل يستحيل، قبولها – أو البعض منها – من أي طرف أو أطراف، وبما يمكن أن يشكله ذلك من “فيتو” مقدم على إمكانات نجاح محاولات الوحدة.
المطلوب من اجتماع القاهرة أن يعطي الأولوية لمعالجة هذا العنوان، وأن تتوفر لدى كافة الأطراف الجاهزية والاستعداد والتصميم الضرورية للنجاح في هذه المهمة.
لم يعد مقبولا بأي حال، أن يكون الفشل هو نتيجة اجتماع القاهرة، ولا أن تكون نتيجته وثيقة اتفاق عامة على غرار الاتفاقات العديدة السابقة لا تحدث التغيير المطلوب والإيجابي في ارض الواقع النضالي بل تتجه للانضمام إلى سابقاتها في الأدراج.
ويبقى أن عنوان هذا التغيير المطلوب هو وحدة وتصعيد النضال الوطني الفلسطيني بكافة تعبيراته وأدواته. وبالتلازم معها، وحدة مكونات وأدوات النضال الوطني الفلسطيني والعام.
كل الأمل أن يتوج اجتماع القاهرة بالنجاح بما يحقق نقلة نوعية ومتقدمة في مسار النضال الوطني بكل تعبيراته وهيئاته ومستوياته.