اعتبرت وكالة إعلامية صينية أن واشنطن تعتبر أحد الأطراف في الصراع الذي يجري حاليا بأوكرانيا حتى من “دون إطلاق طلقة واحدة أو نشر أي جنود (أمريكيين) في أوكرانيا”، عن طريق “سلاح هيمنة الدولار”، مؤكدة أن هذه الهيمنة بدأت بالتراجع.
وبحسب التقرير الذي نشرته وكالة “شينخوا” الصينية، اليوم الجمعة، فإن واشنطن تدخل الصراع عبر استخدام “تفوقها المالي العالمي كسلاح”.
واعتبر التقرير أن إرهاب واشنطن المالي يساهم في “تصعيد المواجهة المشحونة للغاية بالفعل ويرسل موجات صدمية في جميع أنحاء العالم”.
وأشار التقرير إلى أنه من بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، سارعت واشنطن بفرض العقوبات المالية ضد روسيا والتهديد بـ”سحق الاقتصاد الروسي”، وبين التقرير أن تداعيات هذه السياسة كانت واضحة على العالم وروسيا.
ونوه التقرير إلى أن هذه العقوبات غذت ارتفاعات حادة في أسعار النفط والغاز الطبيعي في العالم. وساهمت العقوبات أيضا بـ”الزيادة الكبيرة في أسعار السلع الأساسية الرئيسية في تسارع التضخم المرتفع في العديد من البلدان وإضعاف التعافي العالمي المتعثر بالفعل من الوباء”.
وضح التقرير الطريقة التي تتبعها واشنطن المتمثلة باستغلال “الهيمنة العالمية للدولار الأمريكي، تحول النظام المالي الدولي إلى نظام عقوبات دولي”.
“امتياز باهظ” تحول إلى سلاح خطير
وتطرقت الوكالة إلى قيام واشنطن باستبدال أسعار الصرف الثابتة في منتصف الستينات على أساس معيار الذهب بنظام عالمي يعتمد على الدولار كوسيلة أساسية للمدفوعات والاحتياطيات العابرة للحدود، الأمر الذي وصفه وزير المالية الفرنسي حينذاك، فاليري جيسكار ديستان، بعبارة “الامتياز الباهظ”، معبرا عن تذمره “استفادة الولايات المتحدة من هيمنة الدولار بما يخدم مصلحتها الذاتية”.
واعتبرت “شينخوا” في تقريرها أن واشنطن وعلى مدى 50 عاما حولت هذا “الامتياز الباهظ إلى سلاح باهظ للدمار المالي الشامل للنزاع الجيوسياسي، وضغطت على الزناد عدة مرات”.
ونوهت الوكالة إلى أن أمريكا نفذت هذه السياسة ضد ظهران في تعاملها مع القضية النووية الإيرانية، حيث طردت البنوك الإيرانية من نظام “سويفت” وحظرت واردات الطاقة الإيرانية.
وتعد العقوبات الأخيرة والتهديدات بفرض المزيد من العقوبات على روسيا مثالا بارزا آخر على أن واشنطن أصبحت مجردة من المبادئ بشكل متزايد عبر إساءة استخدام هيمنتها على الدولار لأغراض تخدم مصالحها الذاتية.
وشدد التقرير على أنه يجب على المجتمع الدولي أن “يبقى يقظا أكثر من أي وقت مضى ضد إرهاب واشنطن المالي اللامحدود”، مشيرا إلى أن “عبث أمريكا يذكر جميع البلدان بالاحتمال الخطير المتمثل في عزلها عن السوق المالية العالمية بناء على هوى واشنطن”.
إلغاء “الدولرة” خيار متصاعد في العالم
تطرق التقرير إلى أن الدول يوما بعد يوم تعمل على وضع سياسات لتجنب الطريقة الأمريكية المتمثلة بـ”الإرهاب المالي”، حيث “يتنامى قبول إلغاء الدولرة كخيار عقلاني من قبل المزيد” من الدول.
ومنذ عام 2000 بالضبط عندما بدأت واشنطن في استخدام هيمنة الدولار كأداة تهديد للإكراه الجيوسياسي، بدأ اتجاه وضع الدولار كعملة احتياطية مهيمنة في العالم ينحدر هبوطا.(وكالة شينخوا)
ونوه التقرير إلى أن عملات بعض الاقتصادات الناشئة مثل “الرنمينبي الصيني” بدأت تكتسب حصة أكبر في احتياطيات العملات الأجنبية الدولية والمعاملات العابرة للحدود، مشيرا إلى أن “قيمة العملة تعتمد على ثقة الناس في مصدرها، وعادة ما تكون حكومة البلد. ويعتبر تآكل هيمنة الدولار مؤشرا تنبؤيا على تقلص الثقة التي يحملها العالم تجاه واشنطن”.
“برج الدولار” بدأ بالتساقط مع سحب “مكعباته”
وجاء في تقرير الوكالة الصينية: “ثقة العالم في الدولار الأمريكي ونظام المعاملات المالية العالمي المدعوم بالدولار بدأت بالتراجع. هناك طريقة واحدة فقط لتفسير جنون ساسة واشنطن: لقد أصبحوا متغطرسين جدا لدرجة تمنعهم من اتخاذ قرارات عقلانية”.
وشبهت الوكالة الوضع الحالي بلعبة المكعبات “جينغا” معتبرة أن برج الدولار لا يزال قائما، لكن أحجار “برج المكعبات” هذا يجري سحبها تباعا.
ووضح التقرير أن الانهيار الكلي والكامل لهذا البرج قد يستغرق بعض الوقت، “إلا أنه يبدو حتمي الحدوث في المستقبل إذا ما استمرت واشنطن في المضي قدما في المسار الخاطئ والمدمر”.