“هددوني بهدم منزلنا واعتقال والدي .. عزلوني 25 يوماً في زنازين مظلمة، ووعدوني بالسجن لسنوات طويلة، وأفرجوا عني لأن اعتقالهم تعسفي وظالم”، هكذا استهل الشاب محمود عبدالله، حديثه لـ “القدس” دوت كوم، عن معاناته بعدما انتزعته قوات الاحتلال من وسط أسرته في اليوم الثاني من عدوانها على مخيم ومدينة جنين.
وقال عبدالله: “لم أعرف الوقت، ولم أرى ضوء الشمس، ومنعوني من تبديل ملابسي والاستحمام، ومارسوا ضغوط رهيبة للإدلاء باعترافات بتهم ليس لي علاقة فيها، لكني صبرت وتحملت حتى تحررت رغما عنهم”.
يروي محمود عبدالله 30 عاماً، أنه رغم القصف والانفجارات، رفض الخروج من منزله الواقع في أطراف المخيم، ولجأ وأسرته لغرفة داخلية حتى اقتحم جنود الاحتلال منزله الذي كان يهتز بفعل القصف العنيف.
ويقول عن اقتحام منزله: “يقع منزلنا في زقة، وحوله عدة منازل، ولاحظت اختفاء حركة الجميع، حتى بدأت أصوات طرق متتالية على الجدران، وشعرت بخوف وانتقلنا للمطبخ، وفجأة بدأت الجدران تتساقط، ولزمنا المكان حتى هز انفجار كبير بوابة المنزل، وخلال ثوانٍ دخل الجنود بأعداد كبيرة وتحول منزلنا لثكنة عسكرية، وتم انتزاعي من بين أطفالي الذين كانوا يصرخون من شدة الخوف، واقتادوني معهم لغرفة مجاورة حققوا معي حول وجود المقاومين والسلاح، وكلما قلت لهم لا أعرف، كانوا يصرخون ويضربون ويحطمون كل شيء في المنزل”.
وأشار إلى أنه تم اعتقاله بعد 4 ساعات من معاناة رهيبة، واستخدم كدرع بشري خلال تنقل جنود الاحتلال من منزل إلى آخر، قبل أن يتم اعتقال مجموعة من الشبان، قبل أن يتم نقلهم إلى مركز تحقيق الجلمة.
ويقول عن تلك الفترة: “وضعوني في زنزانة صغيرة على كرسي لمدة يومين ووضعوا كيس قذر على رأسي دون سؤال أو جواب، وكنت أسمع أصوات صراخ وشتائم، ثم بدأت جولات من التحقيق، وعرضوا علي صفقة بالاعتراف بكل المعلومات مقابل الإفراج عني، فقلت لهم لا أعرف شيئاً وليس لي علاقة بأحد، وطوال حياتي لم أعتقل”.
ويضيف الشاب محمود عبدالله، أنه تنقل في الأسبوع الأول بين عدة زنازين، ولم يسمح له بالاستحمام، أو تغيير ملابسة، وكان يتم تقديم الطعام له مرة أو مرتين يوميًا وكان سيئًا جدًا، مشيرًا إلى أنه كان يقضي ساعات طويلة مشبوح ومقيد اليدين.
ولفت إلى أنه تم تمديد اعتقاله غيابيًا بعد أن اشتكى في المرة الأولى من عرضه على المحكمة من ظروف اعتقاله، مشيرًا إلى أنه كان يعاني ظروفًا صعبة حتى شعر بأوجاع في مختلف أنحاء جسده وسط رفض من المحققين لعرضه على طبيب
وقال: “قضيت الفترة وحيداً، وأصبحت جلسات التحقيق أطول وسط ضغوط نفسية، وهددوني باعتقال والدي، وأبلغوني أن منزلنا قصف ودمر وأسرتي مشردة، لكن رب العالمين أعطاني قوة وصبر، وطلبت مقابلة المحامي والصليب، وكان ردهم لن ترى العالم حتى تعترف”.
في الأسبوع الثالث من الاعتقال، نقل محمود لمحكمة سالم، ووقف كما يقول “في حالة صحية سيئة أمام القاضي، وأبلغه أنه لا يأكل ولا ينام ومريض والمخابرات ترفض علاجه، وعندما تدخل المحامي الذي قال إن ملفه نظيف ولم توجه له تهمة، أمهل القاضي النيابة 4 أيام لتقديم لائحة اتهام”.
وأضاف: “عندما أعادوني للجلمة، اعتدى السجانين علي بالضرب، ونقلوني لغرفة صغيرة ورائحتها نتنة، ونقلوني للتحقيق، وكرر الضابط تهديداته واستمرت معاناتي دون علاج حتى موعد الجلسة الجديدة التي رفض خلالها القاضي طلب النيابة بتمديد توقيفي للتحقيق، وأصدر قرارًا بالإفراج عني فوراً، وعندما عدت للجلمة، عزلوني وقالوا لي لن تخرج، لكن بعد ساعات خرجت وعدت لمنزلي، وهذا دليل على فشل الاحتلال”.