المكتب الوطني: نتنياهو محكوم لاتفاقيات ائتلافية استيطانية

قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، أن حكومة الاحتلال الحالية محكومة باتفاقيات ائتلافية، لا يستطيع رئيسها “نتنياهو” التنصل منها، خاصة تلك المبرمة مع الأحزاب الصهيونية الدينية والمتعلقة في غالبيتها بالمشاريع الاستيطانية ومخططات التوسع والضم.

وفي هذا الإطار، قال رئيس وزراء الاحتلال “بنيامين نتنياهو” في مقابلة صحفية الأسبوع الماضي بأن إسرائيل سوف تحتفظ بجميع المستوطنات، التي أقامتها في الضفة الغربية، بما فيها القدس، في أية تسوية سياسية مع الجانب الفلسطيني، بما في ذلك المستوطنات البعيدة، أي التي تقع في عمق الضفة الغربية، والتي كان رئيس الوزراء الأسبق اسحق رابين يسميها بالمستوطنات السياسية تمييزا لها عن المستوطنات الأمنية، وكذلك البؤر الاستيطانية والتي سوف تبقى مع تلك المستوطنات البعيدة، جيوبا معزولة محاطة بكيان فلسطيني، لا يملك شبئا من عناصر السيادة.

وأكد نتنياهو أن 90% من نحو 500 ألف مستوطن يعيشون، حسب تعبيره، في كتل حضرية سوف يكونون جزءا من مواطني دولة إسرائيل في أي ترتيب مستقبلي.

 أما ال 10% المتبقية من المستوطنين والمبعثرين في مستوطنات صغيرة في عمق في الضفة الغربية، فلا داعي لاقتلاعهم من جذورهم في اتفاق سلام مستقبلي، فقد سُمح للعرب بالبقاء في إسرائيل بعد قيامها عام 1948، فهو لا يوافق على طرد العرب من دولته ولا يعتقد أنه ينبغي طرد اليهود كذلك، الذين يتعلقون بهذه الأرض منذ 3500 سنة، حسب زعمه.

في تلك المقابلة ردد “نتنياهو الأفكار” التي عرضها الرئيس السابق دونالد ترامب في ما سمي “صفقة القرن” مطلع العام 2020، والتي قامت على تصورات ربط مناطق الكيان الفلسطيني بأنفاق وجسور تسمح بتواصل المعازل الفلسطينية، التي يقترحها الرئيس الأميركي قاعدة لدولة فلسطينية منزوعة السلاح ومنزوعة السيادة على نحو 60 بالمئة من أراضي الضفة الغربية، بما فيها القدس.

 في حينه وجه الرئيس ترامب في السادس والعشرين من كانون الثاني 2020 رسالة سرية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعلن فيها تأييده ضم أراضي فلسطينية في الضفة الغربية إلى إسرائيل، ليرد نتنياهو على رسالة “ترامب” بأن إسرائيل ستمضي قدما في خطط فرض السيادة في الأيام القادمة وضم أكثر من 30 بالمئة من مساحة الضفة الغربية إلى إسرائيل، وبما يشمل جميع المستوطنات وأراضي في محيطها وغور الأردن.

 وحدد يوم الأول من تموز 2020 للبدء في عملية الضم، وعدل عن ذلك بمناورة سياسية جنى من خلالها عمليات تطبيع في اتفاقيات إبراهيمية مع عدد من الدول العربية برعاية أميركية.

مشروع الحد الأدنى هذا، الذي يتبناه الليكود بزعامة نتنياهو، يقابله مشروع الحد الأقصى، الذي يتبناه “سموتريتش”، وعرضه بشكل واضح وتفصيلي منذ أسبوعين. 

يقوم مشروع “سموتريتش” على فكرة أن نموذج حل الدولتين أثبت فشله وخطأه ووصل إلى طريق مسدود، ودعا في ضوء ذلك إلى تغيير ينسبة 180 درجة بعيدا عن طريقة العمل التي اعتادت عليها الحكومات الإسرائيلية السابقة في العقود الأخيرة، يدعو إلى مسك الثور من قرنية، فعلى هذه الأرض لا مكان للتعايش بين حركتين وطنيتين، الأولى أصيلة تعود في جذورها إلى آلاف السنين، والثانية وهمية جرى اختراعها لشعب قبل مئة عام فقط، حسب زعمه.

سموتريتش أطلق على مشروعه تسمية “الأمل الوحيد” يدعو إلى “حل شامل مصحوب بالإيمان الحقيقي بإله إسرائيل، ومواصلة الاستيطان الشامل بإنشاء مدن ومستوطنات جديدة في عمق الأراضي وفرض السيادة الإسرائيلية على ما يسميه “يهودا والسامرة” وجلب مئات الآف المستوطنين، ووضع الفلسطينيين أمام الخيارات التالية: الذين يرغبون في التخلي عن طموحاتهم الوطنية يمكنهم البقاء هنا والعيش كأفراد في الدولة اليهودية، وبالطبع سوف يتمتعون بجميع المنافع التي جلبتها الدولة اليهودية إلى أرض إسرائيل حسب تعبيره، “عرب يهودا والسامرة” هؤلاء سوف يعيشون حياتهم اليومية بشروطهم الخاصة عبر إدارات بلدية إقليمية تفتقر إلى الخصائص الوطنية، سيجرون انتخاباتهم الخاصة مثل السلطات المحلية الأخرى، وسوف يحافظون على علاقات اقتصادية وبلدية منتظمة بينهم وبين سلطات دولة إسرائيل.

 ومع مرور الوقت، وفقًا لولائهم للدولة ومؤسساتها، والخدمة العسكرية أو الوطنية، ستصبح نماذج الإقامة وحتى الجنسية متاحة، أما الذين لا يريدون التخلي عن طموحاتهم الوطنية فسوف يحصلون على مساعدات للهجرة إلى إحدى الدول العديدة التي يدرك فيها العرب طموحاتهم الوطنية، أو إلى أي وجهة أخرى في العالم، أما الذين يرفضون أحد هذين الخيارين ومواصلة محاربة الجيش الإسرائيلي، ودولة إسرائيل والسكان اليهود فسوف يتم التعامل معهم من قبل قوات الأمن بحزم وفي ظروف أكثر قابلية للإدارة.

وفي تفاصيل السياسة والممارسات اليومية، التي تخدم أهداف الصهيونية الدينية، يسعى “سموتريتش” من موقعه كوزير استيطان في وزارة الجيش إلى فرض مزيد من الوقائع على الأرض من خلال هذه الحكومة اليمينية المتطرفة والفاشيية، التي أخذت تفصح أكثر من غيرها من حكومات دولة الاحتلال عن مشاريعها وخططها، فهي لا تكتفي بآلاف عطاءات البناء في المستوطنات وبشرعنة البؤر الاستيطانية، بل تمارس سياسة تعبر من خلالها التزامها بالاتفاقيات الائتلافية بين معسكري الليكود والصهيونية الدينية. 

وفي هذا السياق يعمل وزير الاستيطان في وزارة الجيش، بتسلئيل سموتريتش، على تغيير أولويات العمل التنفيذي في الضفة الغربية، حيث تم الكشف عن خطة للمستوطنين، أعدها كل من كوبي إليراز، الذي كان مستشارا في شؤون المستوطنات لأربعة وزراء دفاع، والمحامي عيران بن آري، الخبير في الأراضي والقانون لمزيد من السيطرة على منطقة الأغوار الفلسطينية، تقضي ببناء فنادق شمال البحر الميت، وإنشاء مدينة سياحية، فضلا عن شرعنة البؤرتين الاستيطانيتين “شوماش”، التي أقيمت على أنقاض مستوطنة “حومش” إلى الشمال من مدينة نابلس وتعتبر حسب نائب وزير الاقتصاد الإسرائيلي، يائير غولان، في حكومة لابيد بؤرة للإرهابيين ووصف المقيمين عليها بأنهم “ليسوا من البشر”، و”أفيتار” على جبل صبيح من أراضي بلدة بيتا إلى الجنوب من مدينة نابلس، وتغيير سياسة الإنفاذ تجاه البؤر الاستيطانية، وتوسيع عدد من الطرق من بينها الطريق رقم 5 بين مستوطنتي “أريئيل” في محافظة سلفيت و”عيلي” شمال رام الله، وبناء مطار جديد في المنطقة، يكون تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة بديلا لمطار القدس (قلنديا) .

إلى هذا، شرع مستوطنون بتشجيع من وزير الاستيطان في وزارة الجيش ببناء بؤرة استيطانية جديدة في محيط المدخل الرئيسي لبرية السواحرة في منطقة تسمى “سطح الغزالة” تقدر مساحتها بنحو 250 دونما، وهي قريبة من مستوطنة “كيدار” بهدف الربط بين مستوطنتي “كيدار” و”بوعز” المقامتين على أراضي أبو ديس والسواحرة، وقد تزامن ذلك مع قيام مستوطنين آخرين الأسبوع الماضي ببناء بؤرة استيطانية جديدة في قلب مدينة الخليل في شارع الشهداء، بعد استيلاء مستوطنين على منزل مواطن جنوب الحرم الإبراهيمي في منطقة لا يوجد فيها تركيز للمستوطنات.

كما عقدت لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الإسرائيلي بحضور وزير الاستيطان الجديد جلسة خاصة لمناقشة سبل منع البناء الفلسطيني في المناطق المصنفة (ج) مقابل تعزيز الاستيطان وبخاصة في منطقة الأغوار.

ضلا عن ذلك، وفي خطوة إضافية لخدمة مشروع الاستيطان والمضي قدما في مشروع الضم، تعتزم الحكومة الإسرائيلية تشريع قانون يسمح بتحويل عائدات المناطق الصناعية (داخل الخط الأخضر) لصالح المجالس المحلية للمستوطنات في الضفة الغربية، حيث ناقشت لجنة الداخلية في الكنيست مشروع القانون استعدادا لطرحه لتصويت الهيئة العامة للكنيست لإقراره في قراءة أولى، في تعديل على القانون الحالي، الذي يمنع تحويل عائدات المناطق الصناعية الإسرائيلية داخل الخط الأخضر إلى المستوطنات في الضفة.

 ويمنح القانون وزير الداخلية الإسرائيلي، الحق في إصدار أمر تحويل عائدات المناطق الصناعية الإسرائيلية داخل الخط الأخضر إلى المستوطنات في الضفة، والعائدات التي يتحدث عنها القانون، هي من ضريبة المسقفات “الأرنونا” التي تفرض على المحال والمصالح التجارية.