“بوساطة دول عربية”.. و. س .جورنال: واشنطن تفتح قنوات دبلوماسية “هادئة” مع إيران

استأنفت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن “بهدوء” المحادثات مع إيران في محاولة للإفراج عن السجناء الأميركيين الذين تحتجزهم طهران والحد من برنامجها النووي المتنامي، وفقا لما نقلته صحيفة “وول ستريت جورنال” عن أشخاص مطلعين على المناقشات، مشيرين إلى “وساطة دول عربية”. 

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وعراقيين أنه مع استئناف الاتصالات بين الجانبين، وافقت واشنطن أيضاً على 2.5 مليار يورو (2.7 مليار دولار) كمدفوعات من الحكومة العراقية لواردات الكهرباء والغاز الإيرانية، فيما سبق أن تم تجميد هذه الأموال بسبب العقوبات الاقتصادية الأميركية. 

ووصف مسؤولون أميركيون تحويل الأموال بأنه “روتيني”، و”لا علاقة له بالمناقشات”، في حين تم الإفراج عن أموال مماثلة سابقاً على الرغم من أن ذلك يتم هذه المرة باليورو وليس بالعملات المحلية.  

وبعد بدء المناقشات بين كبار المسؤولين الأميركيين والإيرانيين بنيويورك في ديسمبر الماضي، سافر مسؤولو البيت الأبيض إلى سلطنة عمان 3 مرات على الأقل لإجراء مزيد من الاتصالات غير المباشرة حيث نقل المسؤولون العمانيون رسائل بين الجانبين. 

وسبق أن تعهد بايدن بإحياء الاتفاق النووي الذي فرض قيوداً على برنامج إيران النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية، قبل أن يعلن في نوفمبر الماضي أن مثل هذا الاتفاق قد “مات”.

وتمثل المحاولة الأخيرة للدبلوماسية توازناً سياسياً دقيقاً لبايدن وتركز على تهدئة التوترات، التي تصاعدت هذا العام حيث قدمت إيران طائرات مسيرة لروسيا التي استخدمتها خلال حربها ضد أوكرانيا، ومضت قدماً في تخصيب اليورانيوم واستولت على ناقلات نفط في الخليج. 

وفي مقابل الإفراج عن السجناء وفرض قيود على الأنشطة النووية، تسعى طهران للحصول على مليارات الدولارات من عائدات الطاقة الإيرانية المحاصرة في الخارج بسبب العقوبات الأميركية، وفقاً لـ”وول ستريت جورنال”.

وربط المسؤولون الإيرانيون مراراً احتمال الإفراج عن السجناء بالحصول على 7 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المحتجزة في كوريا الجنوبية وطالبوا بالوصول إلى مليارات الدولارات المحتجزة في العراق لتسليم الغاز والنفط. 

وقال مسؤولون حكوميون كوريون جنوبيون سابقون على دراية بالأمر للصحيفة إن المناقشات مستمرة مع إيران والولايات المتحدة بشأن الإفراج عن تلك الأموال لأغراض إنسانية.

وتحرص إدارة بايدن على تجنب دفع المفاوضات مع إيران إلى قمة جدول الأعمال السياسي مع اقتراب الحملة الرئاسية. ويمكن أن يفرض أي اتفاق رسمي أو حتى تفاهم أقل رسمية، وهو ما يبدو أكثر ترجيحاً، مراجعة في الكونجرس، حيث يعارض الجمهوريون وبعض الديمقراطيين بشدة الاتفاق النووي مع إيران.

“وضع خطير”

ويشعر المسؤولون الغربيون بالقلق من أن أي تحرك من جانب إيران لإنتاج مواد انشطارية تستخدم في صنع الأسلحة من شأنه أن يثير أزمة دبلوماسية، فيما اعتبرت إسرائيل أن هذا المستوى من الإنتاج النووي قد يؤدي إلى ضربة عسكرية. 

وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن: “بعض الإجراءات التي تتخذها إيران يمكن أن تقودنا إلى وضع خطير للغاية، وتعرف إيران والعالم ذلك، لذلك كنا واضحين أنه يجب عليهم تجنب الإجراءات التصعيدية لمنع حدوث أزمة. ليس سراً أننا نحث إيران في الوقت نفسه على اتخاذ مسار خفض التصعيد بعد عدة أشهر من التطورات السلبية”. 

ولم تجر مفاوضات رسمية بشأن الاتفاق النووي منذ الصيف الماضي، عندما انسحبت إيران من اتفاق مقترح. وتضاءلت الاتصالات بين واشنطن وإيران وسط حملة قمع الاحتجاجات في طهران وتصاعد الدعم الإيراني لروسيا في حربها مع أوكرانيا. 

وفي أواخر عام 2022، التقى المبعوث الأميركي لإيران روبرت مالي، في نيويورك، مع سفير إيران لدى الأمم المتحدة، ليبدأ سلسلة من الاجتماعات التي استمرت حتى أبريل، وفقاً لأشخاص مطلعين على المحادثات. 

وقام المسؤولون العمانيون في في فبراير ومارس ومايو بمسقط، بنقل الرسائل بين كبير مستشاري البيت الأبيض في الشرق الأوسط بريت ماكجورك وكبير المفاوضين النوويين الإيرانيين، علي باقري كني، في ما يسمى بالمحادثات غير المباشرة، فيما كان مالي أيضاً في عمان خلال فبراير ومارس، وفقاً لأشخاص شاركوا في المفاوضات أو أطلعوا عليها.

كما سافر ماكجورك إلى عمان في أواخر مايو، وفقاً لدبلوماسيين، قبل وقت قصير من سفر سلطان عمان، هيثم بن طارق، إلى طهران للقاء المرشد الإيراني علي خامنئي. وحضر باقري كاني الاجتماع الإيراني العماني في 28 مايو الماضي.

كما ذكر أشخاص مطلعون على المحادثات أن قطر تتوسط في المناقشات بشأن السجناء الأميركيين، في حين قال مسؤولون عراقيون كبار، إن المدفوعات العراقية التي وافقت عليها إدارة بايدن منذ ديسمبر الماضي تسدد جزئياً ديناً طويل الأمد للغاز والكهرباء الذي باعته إيران إلى بغداد ولم يتم سداده بسبب العقوبات. 

تفاصيل الدفعات

وقال المسؤولون العراقيون، إن الولايات المتحدة طالب العراق بتحويل الأموال مباشرة إلى الدائنين الإيرانيين باليورو، وهو إجراء يهدف إلى ضمان عدم وصول إيران إلى العملة الأميركية وتحويل الأموال لأغراض غير مشروعة. 

وقال المسؤولون إن المدفوعات تشمل 886 مليون يورو إلى تركمانستان، تسدد جزئياً ديوناً مستحقة على إيران. كما دفعت بغداد 80 مليون يورو نيابة عن إيران إلى البنك الإسلامي للتنمية.
وذهب 120 مليون يورو أخرى إلى السعودية لتغطية تكاليف الإيرانيين الذين يسافرون إلى مكة لأداء فريضة الحج، فيما لفت المسؤولون إلى أن العراق دفع مؤخراً ثمن الواردات الإيرانية من الغذاء والدواء. 

وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي في بيان: “هذه معاملات إنسانية وروتينية مماثلة تتفق مع اللوائح والممارسات الأميركية القائمة منذ فترة طويلة”.