لم تكن محاولة إطلاق صاروخ من إحدى قرى طولكرم شمال الضفة الغربية منذ نحو أسبوعين، سوى مجرد إنذار مبكر أشعل الحراك داخل جهاز الشاباك الإسرائيلي، ومختلف المنظومة الأمنية.
في سيناريو لمسلسل “فوضى” في الجزء الرابع، وهو مسلسل إسرائيلي من عدة أجزاء يحكي بشكل خيالي حربًا إسرائيلية ضد المنظمات الفلسطينية، يمول حزب الله اللبناني خلية مسلحة في جنين من أجل تصنيع صواريخ، ويتم إحباط عدد منها قبل أن تتفاجأ إسرائيل بإطلاق عدة صواريخ تجاه أهداف مختلفة ما أثار حالة من القلق، في ذاك المسلسل الذي كان يتابع فيه أفراد الشاباك عبر شاشات عملاقة الحدث الأمني الخطير.
هذا السيناريو التمثيلي، قد يتحول لحقيقة، وهو ما يقلق الشاباك والمنظومة الأمنية، كما يذكر تقرير لقناة 12 العبرية.
بعد اغتيال القيادي في الجهاد الإسلامي طارق عزالدين، وهو أسير محرر من سكان جنين مبعد لغزة، واغتيل في التاسع من مايو/ أيار الماضي، خرج رئيس جهاز الشاباك رونين بار في أحد المؤتمرات وكشف عن أنه تم إحباط خلية كان يقف خلفها عزالدين، جندها لتصنيع صواريخ من جنين، لإطلاقها تجاه إسرائيل، وقال إننا لن نسمح بتحويل العفولة أو شكيد إلى هدف لإطلاق الصواريخ من جنين.
تقول القناة العبرية، إنه في الثامن عشر من شهر أبريل/ نيسان الماضي، دخلت قوة من الدوفدوفان، والمظليين، وحرس الحدود، إلى قلب مخيم جنين، واعتقلت 3 نشطاء من الجهاد الإسلامي، هم عبد الكريم إبراهيم جرادات، وشقيقه أحمد، وابن عمهم أمجد جرادات.
يقول شالوم بن حنان الضابط البارز السابق في جهاز الشاباك، إن إحباط مثل هذه البنية التحتية يتم بعد تلقي معلومات استخباراتية من مصادر متنوعةـ، بشرية وتكنولوجيةـ.
وتشير القناة إلى أنه في تلك المرحلة كان يجري التخطيط لعمليات الاغتيال المتكاملة بغزة، حتى ولو كان ذلك على حساب التصعيد، وفي المقابل كان يتم العمل على إحباط أي قدرة على تنفيذ هجمات من الضفة، وكانت الضربة الافتتاحية المفاجئة هي الحدث المهم في هذه القصة حين تم إحباط البنية القيادية بأكملها، ممن خططوا ومولوا ويحاولون نقل تجربتهم من غزة إلى الضفة.
وسردت القناة تاريخ طويل من إطلاق الصواريخ من الضفة الغربية، وكان أولها عام 1970 بإطلاق صاروخين من طراز كاتيوشا من قرية بتير قرب القدس باتجاه المدينة ما تسبب بأضرار، وفي عام 1971 أطلقت من دير بلوط قرب رام الله تجاه بتاح تكفا وأدت لمقتل 4 إسرائيليات، وتم حينها تصفية الخلية لدى محاولتها الهرب باتجاه الأردن.
ويقول اللواء متقاعد النائب السابق لهيئة الأركان العامة عوزي دايان، إنه هذا كان جزءًا من التهديدات التي واجهتها إسرائيل، وكادت أن تتسبب بتغيير الأوضاع، وبفضل الاستخبارات التشغيلية والتكنولوجية كان يتم إحباط العديد من الهجمات، مؤكدًا على ضرورة الحفاظ على القدرات الاستخباراتية وعدم الاعتماد على السلطة الفلسطينية في “الحرب على الإرهاب” أو أي طرف آخر، وذلك من أجل إحباط أي تهديد مماثل.
وخلال بداية الانتفاضة الثانية التي انطلقت عام 2000، كانت هناك محاولات مماثلة من جنين وطولكرم ونابلس، وتم في عملية السور الواقي تدمير معامل لإنتاج صواريخ في نابلس كانت ستنقل لمحافظات أخرى، كما تم إحباط تصنيع صواريخ في اليامون من قبل خلية من القسام عام 2005، وإحباط نقل 8 صواريخ أخرى في ذاك العام من نابلس إلى مناطق أخرى.
وأشارت القناة إلى أنه كان هناك محاولات أخرى لتصنيع صواريخ من جنين وغيرها من مناطق شمال الضفة، كما كان هناك محاولات فاشلة لإطلاق صواريخ انفجرت مكانها وجميعها بدائية الصنع، مشيرةً إلى أن آخرها كان منذ أيام من طولكرم وتبين أنه صاروخ يحتوي على ورق مقوى وألعاب نارية.
ويقول عاموس جلعاد الرئيس السابق لقسم الأمن السياسي في وزارة الجيش، ورئيس قسم الأبحاث في “أمان”، إن الضفة الغربية هي أكثر المناطق حساسية، وفي حال أطلقت صواريخ تجاه كفار سابا أو العفولة أو غيرها، فسيكون هذا أخطر حدث، ولذلك يحسب لجهاز الأمن النجاح الهائل حتى الآن في منع امتلاك المنظمات الفلسطينية مثل هذ السلاح منذ عقود إلا في حالات منعزلة وفشلت سريعًا.