كتب المحرر بالشؤون العربية في الإذاعة العسكرية الإسرائيلية جاكي حوجي، في صحيفة معاريف العبرية، مقالاً أوضح فيه أن حماس هي الطرف المنظم والقوي في الجانب الفلسطيني، إلا أنها تتطلع لأن تكون محسوبة على المعتدلين، وذلك خلق نافذة من الفرص أمام إسرائيل ليس لتقوية حماس ولكن لمنع إخطار مستقبلية.
وقال:” نادرا ما تصادفنا في طريقنا فرصة سياسية، اذا عرفنا أن نستغلها، فإننا سنغير ميزان القوى في المنطقة، هذا ما حصل عام 1977 عندما أطلق السادات مبادرة سياسية تجاه إسرائيل، وهذا ما حصل عام 1993 عندما وافقت منظمة التحرير الفلسطينية التي هزمت وحطمت في الانتفاضة الأولى والتي كانت تعاني أيضا من التجاهل العربي، على الاعتراف بإسرائيل والتوصل لاتفاق سلام معها . في الحالة المصرية طرقت الفرصة على أبوابنا بقوة ونتيجة للصدمة العسكرية التي سبقتها أيضا.
وأضاف”: مع عرفات وضعت الأسس التي قام عليها الاختراق الجوهري سرا بفضل عدد من الوسطاء، ايضا اليوم وضعت أمامنا فرصة سياسية، لكنها على النقيض من سابقتيها فإنها مخفية في الضوضاء وتحت الأقنعة، لقد ولدت اللحظة المناسبة للتحدث مع حماس والسعي للتوصل لحل معها في القطاع.
وتابع:” اذا رغبت إسرائيل بذلك فإنها قد تجد انفتاحا في الطرف الثاني، بالنسبة للكثيرين من الإسرائيليين تبدو هذه المبادرة أنها خطوة مرعبة، لكنها تهدف إلى المبادرة لتقديم حل استباقي لأن بقاء الوضع على حاله قد يقود إلى نتائج بالغة الخطورة، ربما يستغرق ذلك عاما، ربما عامين، ربما أربعة أو خمسة سنوات أيضا.
وأكمل:” في المستقبل المنظور سيبدأ السباق على قيادة الشعب الفلسطيني، تصل إليه حماس وهي في موقع جيد ومع عدد كبير جدا من المزايا، اعطيت إسرائيل الإمكانية أن تقرر اي حماس ستكون هذه، عدو أم شريك، ممر الخيارات الأخرى المتاحة لإسرائيل فيما يتعلق بحماس يتقلص شيئا فشيئا.
وقال:” لقد اخفقنا في خيار إعادة السلطة إلى قطاع غزة بعد إخراجها منه بعد انقلاب عسكري، السلطة الفلسطينية أضعف من أن تقوم بالمهمة، من الممكن الاطاحة بحماس والسيطرة على قطاع غزة مرة أخرى ، لكن من يريد إدارة الصرف الصحي والنقل لمليوني اجنبي، بقي الخيار الثالث التوصل لتسوية في غزة، لا نتحدث عن اتفاق سلام ، إنما نوع من الترتيبات بين جيران، يتم فيها الاعتراف بالواقع وهو أن حماس هي صاحبة السيادة.
وأضاف:” هذه الترتيبات ستلزمهم تقديم الهدوء لمستوطنات الغلاف ومدن الجنوب وتجعل استخدام العنف من طرفهم غير مجدي، وعلى نفس القدر من الأهمية ستضع الأسس لمحادثات مباشرة مع حماس في اللحظة الحاسمة عندما يغادر ابو مازن الساحة . أن تعاظم قوتها داخل الجانب الفلسطيني لا يمكننا منعه.
واستكمل:” حماس اليوم هي ليست حماس التي عرفناها قبل عقد أو عقدين، أنها حركة وطنية لها مؤسسات، وقدرة على الحكم، علاقات خارجية وتطلعات استراتيجية، أنها تعرف كيف تستجيب للمتغيرات الإقليمية، ومع مرور الوقت اجتازت عملية طويلة من النضوج ، شئنا أم أبينا ، قطاع غزة يشبه الدولة صغيرة ومحاصرة ولا تعترف بها الدول الأخرى، لديها جيش مقاتل، ولكنها كيان دولاني.
وأضاف:” من يراها أنها قوة عسكرية فقط ويعتقد أن لغة الحوار الوحيدة معها هي فوهات المدافع إنما يضع رأسه في الرمال، منذ عدة سنوات وحماس في قلب حملة للسيطرة على كابينة القيادة، نظرا لأن ذلك هدفها الأسمى فإن الباقي وسائل لتحقيقه، لذلك لم تنضم للجهاد الإسلامي عندما قاتل إسرائيل، لقد أثار وقوفها على الحياد انتقادات من الجمهور لكن ذلك سمح لحماس بان تركز على الجوهر وترسل أيضا رسائل مسؤولة للجميع،
وتابع:” الطريقة الأفضل من وجهة نظرها للسيطرة على السلطة الفلسطينية هي الانتخابات . وهي تأمل أن هذه اللحظة ستأتي في اليوم الذي يلي ابو مازن رئيس السلطة الآن هو ابن 87 عاما وهو بالتأكيد سيخلي كرسيه خلال السنوات القريبة القادمة، لهذا السبب تعمل حماس بقوة على الوصول إلى القلوب، توسيع قاعدة التأييد لها في الشارع الفلسطيني وخلق التعاطف معها في اليوم الحاسم في الماضي حصلت على تأييد الجمهور من خلال الهجمات.
وقال:” في جولة القتال الأخيرة في غزة فعلت العكس، وقفت مكتوفة الأيدي حتى لا تدهور الأوضاع، قبل عامين فرضت على إسرائيل جولة من القتال استمرت عشرة أيام حتى تثبت تضحيتها في سبيل القدس، قبل خمس أو ست سنوات عندما أشعلت الأوضاع على السياج الحدودي كانت تريد تحقيق بعض التسهيلات للسكان، اتفاق الدولار، تصاريح عمل، تمويل السولار لمحطة الكهرباء.
وتابع:” حتى لو لم تحصل انتخابات لقيادة السلطة الفلسطينية، فإن قاعدة الدعم التي بنتها حماس بين الجماهير يجب أن تساعدها في تحقيق تطلعاتها الاستراتيجية، ساعدها خاصة في تعزيز مكانتها طرفين السلطة الفلسطينية التي تضعف يوما بعد يوم وفعليا أخلت الساحة تدريجيا لحماس وكذلك إسرائيل، التي أضعفت السلطة بشكل متواصل وفي المقابل توجت حماس سيدا حقيقيا في القطاع عبر التفاهمات والترتيبات.
وقال:” في الشرق الأوسط عام 2023 اسم اللعبة هو التنمية و التطوير، قبل خمس سنوات كانت السعودية تمنع قيادة السيدات للسيارات، هذا الأسبوع ارسلت السعودية رائدة فضاء إلى الفضاء، الامارات ارسلت اثنين، أما الاسد فاعادته الجامعة العربية ليس حبا فيه إلا في محاولة لابعاده عن المعسكر الإيراني.
وقال:” العالم من حولنا ينطلق بسرعة هائلة، حماس تراقب كل ذلك وتفهم حجم المسؤولية، السلطة جريحة وعرجاء، والجهاد يخوض معارك طفولية في صندوق من الرمال، من اين ستأتي القيادة المستقبلية للشعب الفلسطيني، من سيخرجهم من الوحل، مخلصة لعقيدتها في تجاهل الفلسطينيين، تخلت إسرائيل عن واجبها في خلق قيادة فلسطينية معتدلة في المناطق في اليوم الذي يلي، كان يمكنها أن تفعل كل ذلك بظروف مريحة نسبيا، لان السلطة كانت شريكا قويا، وكانت تريد العمل معنا وطاردت العناصر ( الإرهابية )، لم تنجح إسرائيل في تثبيت واستقرار السلطة حتى من الناحية الاقتصادية، هذا الضعف يقوض مكانتها السياسية أكثر وأكثر ويزيد من هشاشتها، خلفاء ابو مازن سيجدون صعوبة بالغة في ترسيخ سلطتهم بعده، وقد لا يكونوا قادرين على ذلك مطلقا.
وقال:” في مواجهة تعزز قوة حماس في الجانب الفلسطيني، لا تضع إسرائيل تصورا سياسيا منظما، لا فيما يتعلق بحماس ولا فيما يتعلق بالعيش المشترك مع الفلسطينيين مستقبلا، أنها ترى بحماس كما كانت قبل 20/30 عاما – منظمة عسكرية لا اكثر من ذلك، الحل الدائم في غزة هو مبادرة سياسية معقدة لكنها ممكنة، هذا يتطلب من إسرائيل فهما عميقا للوضع، حساسية تجاه كل الأطراف والقدرة على الاستمرار، يتطلب هذا الامر قدرات تحليلية رصينة عند صناع القرار في اسرائيل، وقبل كل شي اظهار القدرة على القيادة، كما هو الحال في الرقص مع الأعداء هناك مخاطر . لكن ليس أمام إسرائيل خيارات كثيرة حماس اليوم هي الجهة الاقوى في الساحة الفلسطينية الأكثر تنظيما وشعبية لدى الجمهور ، في ذات مرة قال رئيس الوزراء أن من يهرب من الإرهاب سيطارده الإرهاب.
وتابع:” الإرهاب كما في صناعة السياسات، من يفر من المشاكل السياسية الصعبة ستلاحقه هذه المشاكل، حتى اليوم نجحت إسرائيل بالافلات من اي سعي للتوصل لتسوية دائمة في غزة بسبب المبدأ الأساسي القائل أننا لا نتفاوض مع القتلة، حماس هي بالفعل عدو مرير ولمقاطعتها هناك شرعية أخلاقية كبيرة، لكن إسرائيل تحدتث في السابق مع الأعداء ووقعت معهم على اتفاقيات، مع مصر الذي قتل جيشها أسرى إسرائيليين، ومع ياسر عرفات الذي لا يحتاج تعطشه للدماء الاثبات، اذا تحدتث مع قيادة حماس بهدف السعي للتوصل لتسوية فليس الهدف من ذلك منحهم جائزة إنما الهدف دفعها نحو الاعتدال وتقليص المخاطر الذي تمثلها .