منذ مطلع العام الجاري، تكرر الحصار الإسرائيلي على مدينة أريحا عدة مرات، ما أثر عليها وعلى القرى والبلدات المحيطة، وكبدها خسائر اقتصادية كبيرة، تقدر بعشرات ملايين الشواقل، وأضر القطاع السياحي بشكل خاص.
الحصار الرابع بأربعة أشهر!
منذ بداية العام الجاري، فرضت قوات الاحتلال الإسرائيلي الحصار على أريحا أربع مرات، ووصلت عدد أيامه حتى الآن 21 يومًا، بزعم البحث عن منفذي عمليات إطلاق نار تجاه أهداف إسرائيلية.
ويؤكد محافظ أريحا والأغوار جهاد لأبو العسل في حديث لـ”القدس” دوت كوم، أن الحصار على أريحا ليس كما يدعي الاحتلال بأنه أمني، بل هو حصار اقتصادي بحت أضر بكافة مناحي الحياة في محافظة أريحا والأغوار.
ومنذ بداية العام الجاريوحتى الآن، قدمت أريحا 8 شهداء جميعهم من مخيم عقبة جبر جنوب أريحا، لا زال الاحتلال يحتجز 7 جثامين منهم، علاوة على عشرات المعتقلين، وعشرات الجرحى، وفق أبو العسل.
ووفق أبو العسل، فإنه كان من المتوقع ان يدخل أريحا فترة عيد الفطر المبارك نحو مليون شخص، لكن حصار وإجراءات الاحتلال المتواصلة حتى الآن، كبد اريحا خسائر كبيرة، فلم يدخلها سوى 200 ألف شخص، خاصة أن الناس أصبحوا يتجنبون الدخول حينما يعلمون أنهم لا يستطيعون الخروج من أريحا بسهولة.
مائة مليون شيقل، بحسب أبو العسل، كان من المتوقع أن يكون العائد على اقتصاد أريحا، لكن المبلغ العائد لم يتجاوز الـ20 مليون شيقل، وهو ما شكل ضربة اقتصادية لمحافظة أريحا، فالاحتلال يعي جيدًا أنه بالإغلاق يعاقب الشعب الفلسطينيي بأسره.
ضرب القطاع السياحي
الحصار الإسرائيلي على أريحا أضر بالسياحة المحلية والوافدة بشكل كبير جدًا، حيث تراجعت السياحة الداخلية بنسبة 80% مقارنة مع العام الماضي، و50% تضررت السياحة الأجنبية مقارنة بالعام السابق، وبخاصة فترة الأعياد، يؤكد مدير عام وزارة السياحة والآثار في محافظة أريحا والأغوار إياد حمدان في حديث لـ”القدس” دوت كوم.
ويشير حمدان إلى أن السياح الأجانب أصبحوا يتجهون للمناطق القريبة من البحر الميت ويستثنون أريحا، بينما السياح المحليين عزفوا عن زيارة أريحا إلى مناطق الضفة الغربية، وهو ما أصاب أريحا بشبه شلل.
ووفق حمدان، فإن أريحا اعتادت على السياح خلال فترة الأعياد، وفترة نهاية الأسبوع، وكان يزور أريحا سنويًا أكثر من 2 مليون ونصف المليون سائح، لكنه ومنذ بداية العام الجاري وحتى الآن لم يصل العدد إلا نحو 400 ألف سائح، وكان العام السابق وصل عدد السياح في الربع الأول منه نحو 750 ألفًا، ما يعني أن السياحة إلى أريحا انخفضت بنسبة 50%.
خسائر بعشرات ملايين الشواقل
تكبدت أريحا خسائر تقدر بعشرات ملايين الشواقل منذ بداية العام الجاري وحتى الآن، بفعل حصار الاحتلال لها، وما كبده من ضرر للقطاعين السياحي والزراعي، وهما عمودا الاقتصاد في محافظة أريحا، يوضح تيسير الحميدي رئيس الغرفة التجارية الصناعية الزراعية في محافظة أريحا والأغوار، في حديث لـ”القدس” دوت كوم.
ويقول الحميدي: “إن أريحا محافظة سياحية تعد أحد أضلاع السياحة في فلسطين والمتنفس الوحيد لأبناء شعبنا، وهي بلد زراعية تعتبر سلة الغذاء الفلسطيني، والحصار الإسرائيلي أثر وما كبده لهذين القطاعين سبب الضرر لباقي القطاعات في أريحا“.
ووفق الحميدي، فإن السوق المركزي للخضار والفواكه تضرر ولم يعد يزوره التجار من جميع المحافظات كما السابق، بفعل الحصار والإغلاق الإسرائيلي، وهو ما أدى لخفض أسعار الخضار والفواكه، وربما تلفها.
ويتابع الحميدي، كما أن أريحا تعتبر مشتى ومكانًا سياحيًا مرموقًا، وبسبب الحصار لم يتمكن السياح من دخولها، ما كبد القطاع السياحي أضرارًا، ولأن أريحا تعد بوابة فلسطين إلى العالم، فإن المسافرين تضرروا ولم يتمكنوا الدخول إلى أريحا بسبب الإغلاق، وهذا رافد اقتصادي لأريحا تضرر كذلك.
جهود لكسر الحصار
تحاول مؤسسات وفعاليات محافظة أريحا بذل قصارى جهودها لكسر الحصار الإسرائيلي عن المحافظة، حيث يؤكد محافظ أريحا والأغوار جهاد أبو العسل أن الحكومة تبذل جهودًا كبيرة، كما أنه يتوجب الانفتاح على الهيئات الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان لإطلاعها على العقاب الجماعي الذي تفرضه إسرائيل.
ويقول أبو العسل: “إن إسرائيل حاصرت أريحا بدواعٍ أمنية، لكن ذلك غير صحيح، خاصة أن الاحتلال يستطيع الاقتحام دون رادع ومتى يريد ويعتقل من يريد! فيما يشير إلى أنه سوف تنظم وقفات احتجاجية أمام مؤسسات دولية من أجل كسر الحصار عن أريحا.
ويؤكد رئيس غرفة تجارة وصناعة وزراعة أريحا والأغوار تيسير الحميدي أن فعاليات ومؤسسات أريحا تداعت لاجتماع بحثت فيه كيفية كسر الحصار الإسرائيلي على أريحا، ويقول: “لقد وجهنا عبر وزارة الإعلام بعقد مؤتمر صحفي، لإطلاع العالم على الحصار الإسرائيلي المفروض دون أسباب، سوى عقاب جماعي وفرض عقوبات اقتصادية على المحافظة”.
ودعا الحميدي أبناء الشعب الفلسطيني بضرورة زيارة أريحا وكسر الحصار عنها، وعدم تحقيق مأرب الاحتلال بضرب أريحا اقتصاديًا.
من جانبه، يؤكد مدير عام وزارة السياحة والآثار في محافظة أريحا والأغوار إياد حمدان، أن الوزارة وجهت نداء لكسر الحصار الإسرائيلي عن أريحا بضرورة زيارتها، وهذا ينطبق على كل المدن الفلسطينية، من أجل تعويض ما فقدته أريحا من خسائر للسياح او الأضرر التي لحقت بالقطاع السياحي.
ويبلغ عدد سكان محافظة أريحا والأغوار60 ألفًا، بينهم 25 ألفًا يسكنون في مدينة أريحا لوحدها، وتضم أريحا أماكن تاريخية هامة، وهي من أقدم مدن التاريخ، وتعتبر أريحا من أقدم مدن فلسطين الكنعانية، حيث يرجع الخبراء والأثريون تاريخها إلى العصر الحجري، أي إلى ما قبل سبعة آلاف عام قبل الميلاد.