لم تتوقف وسائل الإعلام الفلسطينية وبالأخص شبكات التواصل الاجتماعي، في الأيام الأخيرة، عن الحديث حول عمليات اغتيال إسرائيلية محتملة ضد قيادات فلسطينية أو غيرها بعد الأحداث الأمنية التي تصاعدت مؤخرًا وخاصة خلال شهر رمضان بعد الجولة القصيرة والتي تم خلالها إطلاق عشرات الصواريخ من عدة جبهات فاجأت إسرائيل باعتراف أجهزتها الأمنية، ما جعلها في مأزق بشأن الرد على ما جرى.
ظهر تقرير في قناة 12 العبرية منذ يومين أن إسرائيل تدرس إمكانية تغيير سياستها بالعودة إلى سياسة الاغتيالات، ولكنها أشارت في الوقت ذاته إلى أن رئيس الحكومة في تل أبيب بنيامين نتنياهو أوعز لوزرائه بعدم الإدلاء بأي تصريحات تتعلق بعمليات الاغتيال، خاصة وأنه يسعى لتمرير ما يعرف بـ “احتفالات عيد الاستقلال” (النكبة الفلسطينية)، بدون أي توتر أمني.
وركز الخبر بشكل أوضح أن العودة لسياسة الاغتيالات سيكون كرد فعل على أي هجوم فلسطيني خاصة في فترة الاحتفالات.
وجاء الخبر في وسائل الإعلام العبرية، مع استمرار تكرار الدعوات الصادرة عن وزراء اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو وخاصة إيتمار بن غفير بالعودة لهذه السياسة.
هذا الخبر والذي ترجم إعلاميًا بشكل مختلف في وسائل الإعلام الفلسطينية، أثار الكثير من الجدل خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من قبل بعض الإعلاميين والنشطاء وحتى المحللين الذين ذهبوا بعيدًا بسيناريوهات كثيرة، حتى بات يطلق العديد عليها بأنها مجرد “بهرجة إعلامية”، وجزء من حرب نفسية.
لا شك أن الاحتلال الإسرائيلي قد يلجأ لتنفيذ عمليات اغتيال وهو لم يتوقف عنها بالأساس خاصة خارج الأراضي الفلسطينية باستخدام أساليب مختلفة آخر كان ضد علي الأسود من قادة الجهاد الإسلامي في سوريا والذي تبين أنه ينشط في العمل العسكري كمهندس عسكري للتنظيم الذي بدأ في السنوات الأخيرة توسيع نشاطاته خارج فلسطين، إلا أنه من المستبعد أن يلجأ لمثل هذه العملية في الوقت الحالي لعدة أهداف أبرزها عدم رغبته في تصعيد عسكري يفتح جميع الجبهات ضده.
ورغم التقارير الإسرائيلية التحريضية ضد نائب رئيس حركة “حماس” صالح العاروري بشكل خاص،إلا أن التقديرات بأنها محاولة لتسليط الضوء على نشاطاته خاصة بعد إطلاق الصواريخ من لبنان واتهام الحركة بالوقوف خلفها، لكنها لا تعني أبدًا أن إسرائيل في حال استطاعت الوصول إليه بطرق تستخدمها كالعادة على طريقة اغتيال شخصيات خارج فلسطين مثل محمود المبحوح، أو علي الأسود أو غيرهم من القائمة التي تطول.
ويقول المختص بالشأن الإسرائيلي مصطفى إبراهيم لـ “القدس” دوت كوم، إن العودة لسياسة الاغتيالات هو مطلب أساسي يطالب به باستمرار وزراء اليمين المتطرف مثل بن غفير وسموتريتش، في ظل تآكل الردع الإسرائيلي في الآونة الأخيرة وخاصة العام الماضي وبداية العام الحالي.
وبين إبراهيم، أن هذه القضية أخذت طابعًا دعائيًا أكثر من الحقيقة التي تسعى إسرائيل لتجنبها بالدخول في عملية قد تؤدي إلى حرب على عدة جبهات، لافتًا في الوقت ذاته أن هذا لا يعني أن هناك نوايا لدى الاحتلال أو تقديرات بإمكانية تنفيذ مثل هذه العمليات كما فعلت ضد فلسطينيين وإيرانيين وغيرهم خارج فلسطين.
ولفت إلى أن أي عملية اغتيال تكون بحاجة إلى قرار سياسي، لكن طرحه بهذه الطريقة الإعلامية بمثابة مجرد حرب نفسية ودعاية إعلامية وسياسية هدفها خلق عملية ردع جديدة.
وأشار إلى أن التحليلات الفلسطينية للقضية ذهبت إلى ما هو أبعد من رؤية الاحتلال لهذه القضية في ظل تركيز المؤسسة الأمنية الإسرائيلية على فكفكة توحيد الساحات التي ظهرت جلية بشكل أكبر في الفترة الماضية وخاصة الأحداث في شهر رمضان، والذي جعلت إسرائيل تفكر مليًا قبل أن تقدم على أي خطوة اغتيال أو عملية معينة وتخشى الرد من تلك الجبهات.
وبين أن إسرائيل بالعادة تعمل سرًا وبعيدًا عن وسائل الإعلام وبشكل حذر وصامت ولا تخرج لوسائل الإعلام حين تقرر اغتيال شخصية ما، وما أثير إعلاميًا قد يكون مجرد محاولة إرضاء لبن غفير وسموتريتش، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أهمية أن يكون هناك حالة حذر لدى المقاومة تحسبًا لأي غدر إسرائيلي.
ولفت إلى أن هذه البروغبندا الإعلامية صاحبها الكثير من التحليل الفلسطيني في وسائل الإعلام المختلفة ما أثار حالة من الخوف والقلق في أوساط المواطنين، مرجحًا أن لا تلجأ إسرائيل لمثل هذا الخيار في الوقت الحالي على الأقل داخل فلسطين، خاصة وأن مثل هذه القضية بحاجة لدراسة أمنية إسرائيلية واتخاذ قرار حاسم بشأنها في ظل نقص الخبرة الأمنية لوزراء الكابنيت وخاصة بن غفير وسموتريتش وتسريبهم لكل ما يجري في جلسات الكابنيت.