كتب الأكاديمي والروائي العراقي سنان أنطون في صحيفة “الغارديان” البريطانية يوم الاثنين، مقالا تحت عنوان، “بعد إزهاق أرواح مليون شخص، لا يمكنني أن أغفر ما فعله الإرهاب الأمريكي ببلدي العراق”.
يأتي المقال بمناسبة ذكرى مرور 20 عاما على الغزو الأمريكي للعراق، الذي انطلق في 20 مارس/ آذار عام 2003.
يبدأ المقال بالحديث عن الأسابيع التي سبقت الغزو الأمريكي للعراق، إذ كان الكاتب يعيش حين ذاك في العاصمة المصرية القاهرة، ويعد أطروحة بحثه للدكتوراة.
وشارك في المظاهرات الحاشدة الرافضة للغزو الوشيك في ذلك الوقت، والتي جرت في ميدان التحرير وتوجهت إلى السفارة الأمريكية القريبة منه قبل أن تفرقها شرطة مكافحة الشغب بالهراوات.
وكتب، “كثير منا ممن وقفوا ضد ديكتاتورية صدام حسين ونظامه كتبوا وتحدثوا ضد الغزو المخطط له، لأسباب كانت واضحة بالفعل.
وتابع، لقد تحدينا الرواية الزائفة عن امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، بعد 700 عملية تفتيش، لم يعثر هانز بليكس، رئيس مفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة، وفرقه على أسلحة في العراق”.
وأردف، “بعد كل شيء، ورد أن جورج بوش قرر ضرب العراق في الأسبوع الذي تلا (هجمات) الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول”.
ويحكي الكاتب عن عودته إلى مسقط رأسه، بغداد، بعد أربعة أشهر من الغزو كجزء من فريق لتصوير فيلم وثائقي عن بغداد بشأن الحرب وما بعدها. كانت الفوضى واضحة بالفعل.
كما أجرى فريق العمل عشرات المقابلات مع العراقيين الذين كان بعضهم متفائلا بشأن الاحتلال، وسرد الكاتب حوارا بينه وبين أحد هؤلاء المتفائلين.
“قلت له: لكن الكثير من هؤلاء الأشخاص الذين تجلبهم الولايات المتحدة إلى الحكم هم لصوص ومحتالون. أجاب: يا بُني، إذا سرقوا نصف ثروتنا، سنظل أفضل حالًا بالنصف الآخر”.
وقال الكاتب، “أتذكر تلك المحادثة، كلما قرأت عن الأرقام الفلكية والفساد الهائل للنظام العراقي بعد عام 2003”.
وأعرب الكاتب في مقاله، عندما لم يتم العثور على أسلحة الدمار الشامل غير الموجودة بالأساس، حدث تحول في رواية الدعاية من التخلص من أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها نظام صدام حسين إلى “الديمقراطية” و”بناء الدولة”.
وأضاف، لقد تم تبرير الآثار المميتة للحرب على أنها آلام المخاض الضرورية لـ “عراق جديد”، سيكون دولة نموذجًا في الشرق الأوسط لما يمكن أن يقدمه رأس المال العالمي والأسواق الحرة.
وتابع، لكن الوعود وخطط إعادة الإعمار أصبحت ثقوبًا سوداء لمليارات الدولارات وغذت ثقافة الفساد، واستفاد دعاة الحرب الأمريكيون أنفسهم من الحرب، وفق الكاتب.
وقال الكاتب، “لقد أدى الغزو إلى قيام عراق جديد، مكان يواجه فيه العراقيون يوميًا عواقب الحرب على الرعب الإرهاب، العراق الجديد الذي وعد به دعاة الحرب لم يجلب ستاربكس أو الشركات الناشئة، ولكن جلب السيارات المفخخة والتفجيرات الانتحارية وتنظيم القاعدة والدولة الإسلامية لاحقًا – وولد هذا الأخير في السجون العسكرية الأمريكية في العراق”.
يوجد اليوم 1.2 مليون نازح في العراق، معظمهم في المخيمات. وقُتل ما يقدر بمليون عراقي، بشكل مباشر أو غير مباشر، نتيجة للغزو وتداعياته، حسب الكاتب.
ليس الكيان السياسي فقط هو الذي أصبح مشوها، بل الجسد نفسه: اليورانيوم المستنفد الذي خلفته قوات الاحتلال ارتبط بتشوهات خلقية لا تزال حتى اليوم، خاصة في مدينة الفلوجة، حيث ترتفع معدلات الإصابة بالسرطان.
وأشار سنان أنطون إلى ما أعلنته البحرية الأمريكية، في ديسمبر/ كانون الأول، الماضي عن عزمها إطلاق اسم “الفلوجة” على سفينتها الهجومية البرمائية القادمة.
واختتم ، ” قد يبدو هذا صادمًا، لكنه جزء لا يتجزأ من ثقافة الاستعمار الاستيطاني. أباتشي، لاكوتا، شايان وأسماء أخرى من القبائل الأصلية التي لا تزال تعاني من الآثار المستمرة للاستعمار الاستيطاني الأمريكي أصبحت الآن أسماء أسلحة فتاكة. بعد إزهاق أرواح مليون شخص، هذا ما فعله الإرهاب الأمريكي بالعراق”.