رجح عقيد سابق بسلاح الجو الأذربيجاني، أن الطائرات المسيرة التي نفذت هجومًا على مصنع عسكري بمدينة أصفهان الإيرانية، أقلعت من الأراضي الأذربيجانية، بحسب ما نقل عنه تقرير عبري.
ومساء السبت، استهدف هجوم بطائرات مسيرة مصنعًا عسكريًا بأصفهان، الأمر الذي أدى لانفجارات ضخمة.
ونقل تقرير لصحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية، عن العقيد السابق غي الجيش الآذري عقيل رستم زادة، قوله: “هناك ترجيحات بأن يكون الهجوم نُفذ بواسطة طائرات مسيرة إسرائيلية”.
وأشار رستم زاده إلى أن الطائرات المستخدمة في الهجوم من نوع “هاروب” الانتحارية، التي يبلغ مداها نحو 100 كيلومتر، وهي محصنة ضد كل الأجهزة الإلكترونية الحديثة مما يجعل من الصعب للغاية اعتراضها، بحسب التقرير.
وأضاف: “من المرجح أن الطائرات المسيرة التي هاجمت المصنع العسكري بأصفهان، أقلعت من الأراضي الأذربيجانية، وذلك بناء على المدى الخاص بالمسيرات التي استخدمت في الهجوم”.
وتربط أذربيجان وإسرائيل علاقات ثنائية، إذ كانت الأخيرة داعما عسكريا للأولى في السنوات الأخيرة، بما في ذلك تأييدها الدبلوماسي في نزاعها مع أرمينيا حول منطقة “ناغورني قرة باغ”.
ولإسرائيل سفارة في باكو منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، فيما عينت أذربيجان سفيرا لها في تل أبيب، في الـ11 من يناير الجاري.
في المقابل، يتصاعد التوتر بين أذربيجان وإيران بسبب علاقات باكو المقربة مع إسرائيل، واتهم وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إسرائيل، العام الماضي، بإقامة وجود عسكري لها وتحالف سري مع أذربيجان.
ورفضت باكو تلك المزاعم، لكن إيران نظمت تدريبات عسكرية واسعة النطاق على طول حدودها مع أذربيجان، ورد رئيس أذربيجان إلهام علييف، بالتقاط صور له مع طائرات مسيرة انتحارية إسرائيلية تُصنّع في أذربيجان.
خدمة لأوكرانيا
قدرت مجلة “فوربس” الأمريكية، أن العمليات الإسرائيلية السرية ضد برنامج الصواريخ الإيرانية ومصانع المُسيرات قد تعود بالمنفعة على أوكرانيا، مشيرة إلى أن الهجوم “يأتي بعد يوم من كشف مسؤول إسرائيلي أن بلاده تعمل الكثير لمساعدة أوكرانيا من وراء الكواليس”.
واستدلت على علاقة هذا الهجوم بالحرب الأوكرانية بتصريح صادر عن السفير الإسرائيلي في برلين، رون بروسور، السبت، قال فيه إن إسرائيل تعمل لمساعدة أوكرانيا “أكثر مما هو معروف علنًا، نحن نساعد أوكرانيا، وإن كان ذلك من وراء الكواليس، أكثر بكثير مما هو معروف”.
وذكر بروسور أن “سبب رفض إسرائيل تزويد أوكرانيا بالمعدات العسكرية، هو الوجود العسكري الروسي في سوريا”، لكنه أشار إلى أن “الجيش الإسرائيلي يعمل بانتظام على منع شحنات الأسلحة من إيران إلى سوريا ولبنان، التي تشمل المُسيرات الإيرانية والصواريخ التي تستخدمها روسيا في أوكرانيا أيضًا”.
تجدر الإشارة إلى أن ترحيب كييف بالهجوم يعد من بين الشواهد التي استندت إليها مجلة “فوربس” بشأن كون هجوم أصفهان على صلة بالحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا.
وكان مستشار مكتب الرئيس الأوكراني، ميخايلو بودولاك، قد غرَّد في تعليقه على القصف قائلًا: “منطق الحرب مميت ولا يطاق، ويجبر أمير الحرب والمتواطئين معه على التعويض”.
وأعلنت وزارة الخارجية الإيرانية يوم الإثنين، استدعاء القائم بأعمال السفارة الأوكرانية في طهران، لشرح تغريدة بودولاك، بشأن القصف الذي تعرض له موقع عسكري بمحافظة أصفهان وسط إيران.
تأثير طفيف
ذكرت المجلة الأمريكية أنه “على الرغم من العمليات السرية ودورها في استباق وصول المُسيرات الإيرانية إلى روسيا؛ لاستخدامها ضد منشآت وبنى تحتية وأهداف مختلفة في أوكرانيا، بيد أن المصانع التي تنتج تلك الطائرات ليست قاصرة على الأراضي الإيرانية فحسب”.
ولفتت إلى أن “مايو 2022 شهد تدشين مصنع إيراني لتصنيع المسيرات في طاجكستان، كما كانت طهران قد وقعت اتفاقًا مع موسكو، مطلع نوفمبر العام الماضي، لتجميع المسيرات الإيرانية داخل روسيا”.
وخلصت إلى أن “العمليات الإسرائيلية ضد المنشآت العسكرية الإيرانية يمكنها أن تساعد أوكرانيا على المدى القصير؛ إذا أسفرت عن تأخير إمداد القوات الروسية بمخزون متجدد من المسيرات الانتحارية قبل نفاد المخزون قيد الاستخدام”.
وقالت إنه “لو لوحظ أي نوع من التراجع في الهجمات الروسية على أهداف أوكرانية باستخدام المُسيرات الإيرانية، وقتها يمكن القول إن العمليات الإسرائيلية التي تجري من وراء الكواليس تحقق نجاحًا، ما يعني أنه في حال لم تتأثر الإمدادات لصالح الروس، فإنه من الصعب الحديث عن نجاح تلك العمليات”.
الموساد المسؤول..
وكشفت مصادر أمريكية لـ “نيويورك تايمز“، إن الموساد الإسرائيلي هو من نفذ القصف الجوي ضد إيران.
وجاء في التقرير، أن عملية القصف بالطائرات المسيرة التي طالت منشأة عسكرية في اصفهان السبت نفذتها إسرائيل بتعليمات من الشاباك وذلك على خلفية مخاوف على أمن الدولة وفق التقرير.
وتقول “ن. تايمز”، أنه “في حين أن الهدف المحدد من الغارة غير واضح، كما أنه ليس واضحا حجم الضرر الذي تسببت به، فإن مدينة أصفهان هي مركز رئيسي لإنتاج الصواريخ الإيرانية والبحث والتطوير”.
اتهام إيراني لإسرائيل
ووجهت أصوات إيرانية أصابع الاتهام لإسرائيل، بالوقوف خلف الهجوم، بالرغم من أن تل أبيب لم تعلن مسؤوليتها عنه.
وقال عضو البرلمان الإيراني، حسين ميرزايي، في حديث لموقع “خبر فوري” الإيراني، الأحد، إن “آثار أقدام إسرائيل على هجمات الطائرات دون طيار في أصفهان واضحة”.
وأضاف ميرزايي أن “الهجوم نفذ مساء السبت في أصفهان بعدة طائرات مسيرة، ودمرتها دفاعاتنا في الجو بشكل كامل، ولم تلحق أي ضرر بالمجمع التابع لوزارة الدفاع”.
“نجاح هائل”
وفي السياق، قال تقرير لصحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، إن “الهجوم على مصنع الأسلحة الإيراني بمدينة أصفهان حقق نجاحاً هائلاً”، مشدداً على أن “المزاعم الإيرانية بشأن فشل الهجوم وعدم تحقيقه أهدافه غير صحيحة”.
وأوضحت الصحيفة العبرية أن “مسؤولين في أجهزة المخابرات الغربية أكدوا أن الهجوم ناجح وحقق أضراراً هائلة في المنشأة العسكرية الإيرانية”، مشيرةً إلى “وجود دور إسرائيلي في استهداف المصنع الإيراني”.
وأضافت: “تلعب إسرائيل دورا كبيرا في مثل هذه الحوادث، ومعظم أجهزة الاستخبارات الغربية والمصادر الإيرانية تنسب الفضل لجهاز الموساد في هجمات ناجحة مماثلة، خاصة الهجمات السابقة التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية”.
وأعلنت وزارة الدفاع الإيرانية في بيان لها، أن 3 طائرات مسيرة صغيرة استهدفت موقعًا عسكريًا في محافظة أصفهان، مشيرة إلى إسقاط تلك الطائرات المسيرة.
وقالت الوزارة إن الهجمات “لم توقع ضحايا، وخلفت أضرارًا بسيطة في سقف المبنى العسكري”.
وأشارت تقارير في وسائل الإعلام إلى أن أنظمة الدفاع الجوي اعترضت إحدى الطائرات المسيرة، في حين انفجرت الطائرتان المتبقيتان إثر سقوطهما في كمائن دفاعية. كما ورد أنه لم يصب أحد في الهجوم، ووقعت أضرار طفيفة في سقف المصنع.
وتأتي الضربة الأخيرة بالتزامن مع وصول وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى المنطقة في جولة استهلها يوم الأحد في القاهرة، ليصل بعدها إلى إسرائيل والضفة الغربية ووسط تصعيد غير مسبوق للأوضاع الأمنية بين إسرائيل والفلسطينيين.
وتتضارب آراء المراقبين عن طبيعة الأسباب التي تقف وراء توجيه هذه الضربة لإيران فهنالك من ينسبها للحرب التي تخوضها روسيا ضد أوكرانيا وهنالك من يرجح أن إسرائيل وجدتها ضرورية لحماية أمنها.
من جانبها، أخلت الولايات المتحدة نفسها أمس من أي مسؤولية على تلك العملية وسط تأكيد أحد الضباط أن إسرائيل من نفذت العملية لكنه لا يملك أي معلومات عن الهدف المحدد. في الوقت الذي يناقش فيه مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون طرقًا جديدة لمكافحة عمليات إيران المزعزعة للاستقرار، بما في ذلك تعميق تعاونها العسكري مع روسيا وتدخلها في الحرب الروسية الأوكراينة على نحو يثير غضب الكتلة الأوروبية، وفق تقرير ن.تايمز.