والدة الأسير مارسيل عنزاوي: نريدهم أحياء وأن يبقى الأمل في قلوبهم حتى الحرية

“في العام الجديد، أتضرع لرب العالمين أن يكون عام خير وفرحة واستقلال لوطننا، ورؤية فلسطين دولة بعاصمتها القدس الشريف محررة من الاحتلال والاستيطان، ونتمنى الحرية لابني ولكافة الأسرى، نريدهم أحياء وأن يبقى الأمل في قلوبهم حتى نتعانق للأبد”.

بهذه الكلمات، استهلت الوالدة رابعة العنزاوي، حديثها لـــ”القدس” دوت كوم، مع دخول بكرها الأسير مارسيل عناد محمود العنزاوي، عامه الخامس عشر خلف القضبان، فما زالت تقاوم المرض الذي حرمها زيارته، وتستعد لاستقباله حراً بعدما شيدت وجهزت له منزلاً خاصاً، لتفرح بحريته وزفافه.

الأسير مارسيل، نشأ وتربى على قصص وحكايات البطولة لعمته الشهيد أسماء العنزاوي وأبناء مدينته ومخيمها المجاور لمنزله، فترسخت في ذاكرته الصور وتأصلت في أعماقه روح النضال والتضحية والعطاء، فكبر وفي قلبه عشق وانتماء وحب لوطنه وشعبه، وتمرد ورفض للاحتلال، فحمل الراية وأكمل المشوار، مقاتلاً صلباً، شارك في الانتفاضة، وقاوم الاحتلال وأصر على تأدية واجبه حتى اعتقل، فلم تنال من عزيمته أقبية التحقيق.

وفي سجن “النقب “، يستقبل عامه الجديد بعزيمة ومعنويات عالية، تفخر بها أسرته وفي مقدمتها والدته التي تصفه بالفارس المقدام والشجاع المغوار، لكن يؤلمها عجزها عن زيارته بسبب المرض، وتتمنى أن يكون عامه الأخير خلف تلك القضبان.

صفحات من مسيرة نضال الأسير مارسيل، الذي أبصر النور في مدينة جنين، بتاريخ 9/12/1988، ليكون باكورة أبناء عائلته المكونة من 5 أفراد، وتقول الوالدة رابعة: “لا يغيب لحظة عن ذاكرتي، فغياب مارسيل غصة في كل يوم ومناسبة، وعندما يجتمع الأبناء والأهل، أشعر بألم ووجع كبير بافتقاده، بصوره ورجولته وشخصيته الجميلة وضحكاته”.

وتضيف: “منذ صغره، تميز ببر الوالدين، صاحب قلب طيب وحنون، مطيع ومتسامح ويحب الخير ومساعدة الناس، كان العون والسند لنا مع والده وشقيقه، وكلنا نشتاق إليه ولا يوجد طعم أو معنى لفرحة وسعادة في غيابه”.

عاش مارسيل حياة رائعة وسط أسرته التي ربته على الأخلاق وحب الوطن والانتماء إليه، فقد استشهدت عمته أسماء عام 1983، بعدما عاشت تجربة الأسر مرات عديدة، وما زالت العائلة تفخر بابنتها، كما يفخر مارسيل بعمته وكل شهداء الوطن.

وتقول والدته: “تعلم بمدارس جنين حتى أنهى الصف العاشر، وترك المدرسة وتحمل المسؤولية ليشارك والده رحلة كفاحه، تعلم مهنة البلاط وعمل بها، لكن لم ينسى دوره وواجبه النضالي”.

وتضيف: “كان يقسم حياته بين العمل والمشاركة في فعاليات الانتفاضة، مسيرات ومهرجانات ومواجهات، لم يكن يخشى الاحتلال ودوماً في مقدمة الصفوف”.

خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، تأثر مارسيل بالأحداث وجرائم ومجازر الاحتلال، فلم يكتفي بالتعبير عن غضبه بالمسيرات والاعتصامات، وبتاريخ 8/1/2009، أعلن الاحتلال اعتقاله في مدينة طبريا بتهمة تنفيذ عملية، وتقول والدته: “لم يكن يبوح بسره لأحد أو نعلم بنشاطه، حتى سمعنا من وسائل الإعلام العبرية اعتقاله من موقع العملية، شعرنا بقلق وخوف على حياته مع انقطاع أخباره والتكتم على مصيره”.

وتضيف: “استمرت معاناتنا طوال فترة التحقيق مع مارسيل في زنازين “الجلمة” الانفرادية التي احتجز فيها 55 يوماً”.

وتكمل: “بعد التحقيق، وتعرض للعزل مرتين ولم يسمح لنا بزيارته، وكنا نشاهده خلال جلسات المحاكم العسكرية في سالم، حتى حوكم بالسجن الفعلي 16 عاماً، فصمد وتحدى ولم ينال الحكم من عزيمته، وما زال يتمتع بمعنويات عالية رغم ظروف السجن الرهيبة”.

في كل زيارة، يشحن مارسيل والدته بالعزيمة والصبر، لكن بعد نقله لمنفى سجن “النقب” الصحراوي، لم تعد الوالدة رابعة قادرة على تحمل مشاق السفر، بسبب معاناتها من عدة أمراض مزمنة تؤثر على صحتها، وتقول: “صبرت وتحملت من أجل ابني البطل الذي ما زال أقوى من السجن والسجان، لكني حزينة لأن الأطباء نصحوني بعدم الزيارة، بسبب وضعي الصعب، وليل نهار أفكر وأحلم بوضعه وحالته وحياته وباقي الأسرى خاصة في أيام البرد والمطر”.

وتضيف: “الذي يصبرني على تحمل هذا البعد والفراق عن ابني، الصلاة والدعاء لله تعالى، فلا يوجد لنا ملجأ آخر حتى تمر هذه المحطات الصعبة ويجتمع شملنا”.

لم تشارك عائلة ووالدة مارسيل في احتفالات العام الجديد، وتقول والدته: “أشعر بالكثير من الوجع والألم والحزن مع دخوله عاماً جديداً بعيداً عن أحضاني وفراشه ومنزلنا، ومهما عبرت تعجز الكلمات عن وصف هذا الجرح الكبير في قلبي”.

وتضيف: “كل يوم أنتظر حريته وزفافه، فقد بينينا له منزلاً إن شاء الله سيفرح به ويستقر بعد حريته وحلمي الكبير أن أراه في الخارج يطرق باب منزلنا ويدخل واحتضنه وأقبله”.