العلاقة مع الفلسطينيين “أمن قومي” للأمريكان.. تقرير: حكومة نتنياهو دخلت مسار الصدام مع إدارة بايدن

حددت مصادر إعلامية إسرائيلية نقاطًا خلافية عديدة يمكنها أن تضرب منظومة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، وتصل بها إلى طريق مسدود، وذلك بعد أقل من 10 أيام على ولاية حكومة بنيامين نتنياهو السادسة، والتي قطعت أولى خطواتها في مسار الصدام مع البيت الأبيض.

وذكر موقع “تايمز أوف إسرائيل” العبري يوم السبت، على سبيل المثال، أن دبلوماسيين أمريكيين “يعكفون حاليًا على طمأنة حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، بشأن الموقف الأمريكي الرامي إلى ضرورة حفظ الوضع الراهن بمدينة القدس”.
يعكف دبلوماسيون أمريكيون حاليًا على طمأنة حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط بشأن الموقف الأمريكي الرامي إلى ضرورة حفظ الوضع الراهن بمدينة القدس

وتابع أنه مر أكثر من أسبوع بقليل على تشكيل حكومة نتنياهو رسميًا، إلا أن تلك الحكومة “أصابت إدارة جو بايدن بالصداع”، وأن ثمة اعتقادا بأن اقتحام الوزير المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يتولى حقيبة الأمن القومي، للحرم القدسي الشريف أخيرًا “ينذر بتحركات أخرى استفزازية”.

غضب أمريكي

وأكد الموقع أن حالة من الغضب تنتاب دبلوماسيين أمريكيين عقب تلك الزيارة، وأن المخاوف الأمريكية تطال أيضًا ملف التوسعات الهائلة في بناء المستوطنات اليهودية بالضفة الغربية.

ولا يقتصر الأمر على ملف الوضع الراهن بالقدس وبناء المستوطنات؛ إذ يشدد الدبلوماسيون الأمريكيون على حكومة نتنياهو بعدم قطع خطوات نحو التقارب مع روسيا، ويحذرونها من سد الآفاق بشأن القضية الفلسطينية.

وأوضح الموقع أن الإجراءات العقابية التي اتخذتها حكومة نتنياهو بحق السلطة الفلسطينية، ردًا على تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يطالب محكمة العدل الدولية بالنظر في مسألة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، تتعارض بدورها مع الخطوات الأمريكية نحو التقارب مع رام الله وتعزيز العلاقات مع السلطة، وإزالة آثار السياسات التي اتبعتها إدارة الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب.

وقرر المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن السياسي “الكابينت” في وقت سابق، حجب ملايين الدولارات عن السلطة الفلسطينية وتحويلها إلى برنامج تعويضات لعائلات ضحايا العمليات الفلسطينية ضد إسرائيليين، كما قرر حرمان المسؤولين الفلسطينيين الذين يقودون الصراع السياسي والقانوني ضد إسرائيل من مزايا، منها حرمانهم من تصاريح السفر.

محاولات الاحتواء

وتعقد السياسات الإسرائيلية التي تنتهجها حكومة اليمين الموقف بالنسبة لإدارة بايدن، التي تواجه حملات من جانب الجمهوريين لإظهارها على أنها غير ودية تجاه إسرائيل، في إطار الاستعدادات للانتخابات الرئاسية في عام 2024، حسبما أفاد موقع “تايمز أوف إسرائيل”.

ويرى الموقع أن الحكومة الجديدة في إسرائيل “تؤثر سلبًا على توجهات الأمن القومي الأمريكي؛ إذ تريد إدارة بايدن تحويل الانتباه عن ملف الشرق الأوسط وتركيزه صوب منافسيها أمثال الصين وروسيا”.

وكشف أن الرئيس الأمريكي بصدد إيفاد مستشاره للأمن القومي، جيك سوليفان، إلى إسرائيل بمنتصف كانون الثاني/ يناير الجاري، ضمن محاولة لحل الخلافات مع حكومة نتنياهو، مضيفًا أن تلك الزيارة قد تتبعها زيارة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل.

شدد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في اتصال هاتفي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي على أهمية الحفاظ على الوضع الراهن بالقدس

تجنب الصدام

وأشار الموقع الى أن الخلافات بين واشنطن وتل أبيب تتجاوز الملف الفلسطيني، وتطال أيضًا ملف العلاقات الروسية – الإسرائيلية، في وقت تلعب فيه إيران، كعدو رئيسي لإسرائيل، دورًا مهمًا في العمليات العسكرية في أوكرانيا.

ويقول الموقع إن السفير الأمريكي توم نيدز، حث وزير الخارجية الإسرائيلية الجديد إيلي كوهين، على عدم تخفيف حدة الانتقادات الإسرائيلية تجاه روسيا، خلال اجتماع عقد ليلة الأربعاء الماضي، وأبلغه أن إسرائيل “ينبغي أن تقف في الجانب الصحيح من التاريخ”.

ومضى قائلًا إن واشنطن في البداية سعت إلى الحد من أسباب الصدام مع حكومة نتنياهو الجديدة، وقالت إنها ستحكم على حكومته من خلال الأفعال وليس من خلال الأشخاص.

وأشار إلى أن مسؤولين أمريكيين في إدارة بايدن، عملوا في السابق مع إدارة باراك أوباما، يشعرون باستياء تجاه نتنياهو الذي عرقل إنجازهم المهم على صعيد السياسية الخارجية، أي الاتفاق النووي مع إيران، الذي وقع عام 2015 في فيينا، قبل أن تنسحب منه إدارة ترامب الجهورية عام 2018.

سبل التعاطي

وعقد الموقع مقارنة بين تعاطي الإدارة الأمريكية مع حكومة لبنان التي تضم أعضاءً من حزب الله، وبين إمكانية تطبيق المنطق ذاته على حكومة نتنياهو التي تضم شخصيات متطرفة، وهو المنطق الذي قام على تجنب التعامل مع مثل هذه الشخصيات رغم التعامل مع الحكومة نفسها.

ودللت على تطبيق النهج ذاته بتصريح للمتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، الأسبوع الماضي، حين سأله صحفيون عن اتصالات محتملة مع وزير الأمن القومي الجديد بن غفير، الذي أثار اقتحامه للحرم القدسي غضبًا كبيرًا، ورد قائلًا: “سنتعامل مباشرة مع رئيس الوزراء نتنياهو”.

“لو أراد الأمريكيون ممارسة ضغوط بالفعل على نتنياهو، من المتوقع أن يعلن بايدن النظر في إعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، ووقتها ستهتز الأرض في إسرائيل”

وفي وقت لم تفِ إدارة بايدن بعد بتعهدها بإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، ولم تتخذ أي خطوة لإعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، إلا أن المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، ألون ليئيل، أخبر الموقع أن “المزيد من التقارب الأمريكي مع الفلسطينيين قد يكون السبيل الوحيد للتأثير على نتنياهو”.

وختم الموقع ناقلًا عن الدبلوماسي الإسرائيلي قوله إنه “لو أراد الأمريكيون ممارسة ضغوط بالفعل على نتنياهو، من المتوقع أن يعلن بايدن النظر في إعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، ووقتها ستهتز الأرض في إسرائيل”.

يديعوت

ونشر موقع “يديعوت أحرنوت” تقريرا عن الصدام المتوقع بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو يوم الشبا، أشار الى أن ” يبدو أن الحكومة الجديدة ستجعل من الصعب على مجلس الأمن القومي التابع لبايدن محاولة تغيير الاتجاه والتعامل بشكل أقل مع الشرق الأوسط وأكثر مع روسيا والصين. هذا الشهر، من المتوقع أن يصل مستشار الأمن القومي لبايدن، جيك سوليفان، إلى إسرائيل، ووفقًا لمصادر في الإدارة الأمريكية، قد يصل وزير الخارجية أنطوني بلينكن إلى إسرائيل في وقت لاحق. لن تتعامل رسائل سوليفان وبلينكن مع التوترات مع الفلسطينيين فحسب – ولكن أيضًا مع طلب عدم الاقتراب الشديد من روسيا – لدرجة “عدم الإطراء عليها” ، خاصة الآن – عندما تعتمد على إيران في الحرب. أوكرانيا.

ويضيف، منذ فوز نتنياهو في الانتخابات في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، حاول الأمريكيون تجنب الصدام بين الأحزاب – مذكرين مرارًا وتكرارًا أن الحكومة ستحكم عليها من خلال أفعالها ، وليس من قبل العاملين فيها. كما حرص بايدن نفسه في كل مرة على التحدث عن علاقته الطويلة مع نتنياهو، وقال بايدن الأسبوع الماضي، عندما دخل نتنياهو مكتب رئيس الوزراء: “لقد كان صديقي منذ سنوات، وأنا أتطلع إلى العمل معه بشأن التحديات والفرص الإسرائيلية في الشرق الأوسط – بما في ذلك التهديدات من إيران”. بعد ذلك مباشرة، قرر الوزير بن غفير الصعود إلى الحرم القدسي، وجذب إدانات من العالم العربي ورسائل “معنية” من الولايات المتحدة.

وقال الموقع، جاءت العقوبات الإسرائيلية على الفلسطينيين على وجه التحديد في وقت تعمل فيه إدارة بايدن في الاتجاه المعاكس تمامًا: منذ دخول الرئيس إلى البيت الأبيض، رفعت إدارته الحظر الذي فرضه ترامب على المساعدات للفلسطينيين – ونقلت المزيد أكثر من 800 مليون دولار لمساعدة الفلسطينيين من خلال وكالة الغوث الدولية.

إلى جانب ذلك، نشرت وزارة العدل الأمريكية قبل بضعة أشهر رأيًا يسمح للمسؤولين الفلسطينيين الرسميين بزيارة الولايات المتحدة وإجراء المعاملات على أراضيها. وجاء هذا الرأي بهدف الالتفاف على القوانين التي تمنع دخولهم. صرحت وزارة العدل الأمريكية أن “الإدارة قد تقدر أن منع وفود منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن سيضر بشكل خطير بالجهود الدبلوماسية للرئيس”.

وأضاف الموقع العبري، في وقت لاحق، قبل أسبوع بالضبط من دخول نتنياهو إلى مكتب رئيس الوزراء، فرضت وزارة الخارجية الأمريكية عقوبات على القيادة الفلسطينية، لكنها تراجعت عنها على الفور – معلنة أن العلاقات مع الفلسطينيين هي مسألة تتعلق بالأمن القومي.

وأبلغت نائب وزيرة الخارجية، ويندي شيرمان، الكونغرس أن هؤلاء القادة “لا يمتثلون” لمطلب منع الهجمات ضد الإسرائيليين وإدانتهم، ولكن في نفس الرسالة كتبت شيرمان أنها تنازلت عن الحظر المفروض على السماح لهم بالدخول الولايات المتحدة، لأن “مثل هذا التنازل هو تنازل عن مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة”.

وأكمل، لا تزال إدارة بايدن لديها خطوات تخلت عنها في عهد حكومة بينيت لابيد: افتتاح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، والتي ظلت حتى إغلاقها واحدة من أهم نقاط الاتصال للفلسطينيين مع الولايات المتحدة، وكذلك إعادة فتح مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.

وقال الموقع العبري، في الوقت الحالي، لا يُظهر الأمريكيون أي بوادر على نيتهم إعادة فتح القنصلية – ولا يظهرون أي نية لفتح مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن. وقد تم إغلاق هاتين المؤسستين، اللتين يمكن اعتبارهما وسيلة ضغط على إسرائيل، خلال إدارة ترامب.