اخبر - راي برس
لكل شخصية مفايح تُمكِّنك من قراءتها وتقييمها، بعيداً عن التحامل الشنآن، الذي اعتدت عليه ألسنة الناس والخصوم والأقران. ففي حالة الشخصيات الاعتبارية مثل “محمد دحلان” تعو مع الخلاف – عادة – لغة الاتهام والحريض والتشويه بصرة لا أخلاقية يغيب عنها الإنصاف واأمانة أحياناً، ود تُحرجك تفسيراتا -فيما بعد- حين تمح لعبة المصالح للتعامل معها، وأخذ الصور التذكارية لى جانبها، ورسم ابتسامة عريضة تعبيراً عن صداقتها!!
محمد دحلان فكرة كتاب
في العا الماضي، كنت أود ستكشاف شخصية النئب محمد دحلان، وتناول كل ما طالها من اتهامات وادعاءات وشبهات ومبالغات عن حالة القدرة الأسطورية والعلاقا!! ولكنَّ أكثر من ديق مقرب نصحني بالتريث، والابتعاد عن حقل الألغام، خية الوقوع في “الحِمَى”؛ أي المحظور. فكرت مليِّاً واستخرت، ثم رجعتُ لنسي فاتَّهمتُ حَصتي، وإن كانت الفكرة ما تزال تراودن من حين لآخر، فالجل فرض نفسه على امشهد السياسي والنساني والإعلامي، ولا أستبعد أن يكون مرشحاً رئاسياً وماً ما.
مرَّ عامٌ على آخر لقاء جمعني به، حيث ما زلت أتابع مشهد عطاات الرجل وحراكات جماعته في التيار لإصلاحي الديمقراطي، إذ لم يتوقف تواصله ومحاولات تقاربه مع “الكلّ الفسطيني” من خلال جماعته، والتي توسعت علاقتها أكثر فأكر مع حركة حماس، حى قال قائلهم: هل سنكون شركاء في الاتخابات القادمة؟!
قلت في نفسي، وأنا أراجع تطورات لعلاقة بينهما خلل السنوات التسع الماضية: إن لم تكن لانتخابات القادمة فربما التي تليه، فالسياسة هي ملعب يتنافس فيه الخصم، وليس ساحة للرماية وإطلاق الرصاص، وقد يأتي الوقت للتحالف بين الطرفين إذا اقتضت حالة الكسب والحفاظ على لوجود.
اليوم حن مقبلون على انتخابات تشريعية في ايو القادم، والحيث عن القوائم والتحالفات مسألة مألوفة في عالم السياة، ولذلك سأتجرأ – ولو في مقالة- للكتابة عن شخص دحلان؛ باعتباره والتيار الذي يمثله هما أح مكونات الخريطة الانتخابية، والتي ستشهد رئاسياتها -ن جرت- أكثر من منافس للرئيس عباس، ود يكون دحلان واحداً من بينهم؟
بادئ ذي بدء، أُقرّ واعترف بمدى حساسية الحديث عن شخصي دحلان؛ لأن ذلك سضعك في دائرة الاتهام والتشكيك، إلا أن الظرف السياسي المتحرك أكثر من ذ قبل يفرض علينا احضور والابتعاد ع حالة التجاهل والغياب.
إن أمانة المسؤولية في عملة التنوير المطلوة قبل الانتخابات تفرض علينا ألا نون غياباً في حضرة الشهود .
بداي؛ أنا لا أَخفي أن لي علاقة صداقة مع دحلان تعود جذورها إلى ما قبل استشراء الخلافات السياسية والأمنية معه، يث كنت التقيته أول مرة في واشنطن، خلال مرافقته للسيد محمود عباس عندما تمَّ تعيينه كأول ئيس للوزراء عام 2003، ثم تواصلت تلك العلاقة بيننا بعد ودتي إلى أرض الوطن عام 2006، حيث كانت تجمعنا بعض لقاءا العمل الحكومي من حين لآخر. ولقد سب لي أن قلت رأيي في المواجهات التي اتعرت بين فتح وحماس في يونيو 2007، والتي أتهم فيها دحلا، وأدَّت إلى قطيعة واستقطابات حادة في الشارع الفلسطني، وتسببت في الاطاحة بوحدة الوطن تشظي مكوناته النالية، وما يعنيه كل ذلك من تمزيق لنسيجه الاجتماعي، والإساءة لهيبتنا ومكانتنا الوطنية.
بعد تلك الأحداث المأساوية الدامية، والشرخ الطولي الأفقي الذي طال حالتنا السياسية، وتصدَّعت معه كل مركزات الأمن والاسقرار، حيث استل الجميع سيفه، ودخلنا في معارك إعلامية حمي وطيسها، بادعاء الكل في المشهد الوطني أنه “ابن جل وطلاع الثنايا”!!
حاولت حماس إدرة الأوضاع السياية والأمنية والميشية في قطاع غزة، ولكن في ظل الخصومات والصراعات الداخلية كان من المستيل أن نبني وطناً، وأن نتمكن من رصِّ الصفوف، حيث كان معسكر الخصوم يعمل لى إفشال كلِّ مسعىً للنجاح والخروج من نفق الأزمات، التي أحاطت بقطاع غة، واستحكمت حلقاها من كل جانب.
ولسنوات عشرٍ عجا أو أكثر، تعاتبنا كثيراً كتيارات ساسية بأيدولوجيات وطنية متشاكسة، وطلقنا العنان للاهامات والمناكفات، ولم نتمكن –للأسف- من جسر هوَّة اللاف الواسعة التي استشرت مع استمراء الملاعنات وتبادل نعوت الخيانة والمالة والظلامية ولتبعية ونحو ذلك!! نعم؛ كانت هناك محولات تجري في الخفاء لرأب الصدع، ولنَّ غياب الثقة وحجم الشكوك كان كبياً، مما حال دون اتوصل لأي مصالحة، وإن حصل شيء من الانفراج وتحققت بعض لتفاهمات.
لا ك أن فرص المصالحة كانت متاحة، ولكنَ المكر السيء وقلة الخبرة في مجال العمل السياسي حالت دون ذلك، وقد تعقدت الأمور أكثر حين دخلت العلاقة مع بض الدول على خط القارب واجتماع الشل، فحالت حساباته دون ذلك.
نفق ي نهاية الضوء
كنا نُدرك يوماً عد يوم صعوبة استمرار العلاقة على ها الشكل من الكيد التوتر.. ومع الحرب العدوانية الثلث التي تعرَّضت لها غزة، وحالة الصمد الأسطوري في مواجهة جيش الاحتلال، بدأ الكل يدرك بأن الحل للخروج من نفق الانقسام والتشظي بأيدينا كفلسطينيين، ولن يتأتى اللاص من الخارج، وأن على كل طرف أن يتاجع خطوة أو خطوتين ليحقق قفزة طويل إلى الأمام. كانت البداية هي محاولة فك الاشتباك مع معسكر الرئيس عباس، قد قدَّمت قيادة حماس الكثير من التازلات، وأبدت رغبها في رفع قبضتها ن قطاع غزة، ولكنها كانت تتطلع لضماات تحمي سلاح المقاومة ومستقبل آلاف الموظفين من كوادها. للأسف، لم تتلف قيادة فتح في اللطة تلك الرسائل، واعتبرتها استسلااً جراء حالة من اضعف والوهن التي وصلت إليها حماس، ون سياسة الحصار وتجفيف الينابيع التي تبنتها بالتنسيق مع دولة الاحتلال والجوار قد آتت أُلها، فقامت بمضاعة إجراءاتها العقبية على القطاع، حتى لامست أكثر من شريان حيوي فيه، مم أفقد قيادة حماس لثقة أو حتى محاولة بنائها مع الرئي عباس والملأ من حله.
دحلان سيف ذو حدين
يقولون: في السياسة، لا داء دائم ولا صداقة دائمة بل مصلحة دائمة. أدركت حماس أن خروجها من القمق يتطلب بعض السحر الدهاء واللعب بابيضة والحجر، ولكَّ مساحة الحراك المتاحة قد لا تكون كبيرة بالقدر الكافي، وهي مغامرة محوفة بالمخاطر، ولن المجازفة لا بدَّ منها حتى تُوهب للمغامرين الحياة.
كان دحلان وجماعة التيار الإصلاحي يراقبون المشهد ي صمت، ويحاولون إظهار تعاطفهم مع اأحوال المعيشية ف قطاع غزة، من خلا مَدِّهم ليد العون للطلاب الجامعيين والأسر الفقيرة العائلات المحتاجة عبر جمعية التكال الاجتماعي، وكاوا – بذكاء وحكمة- قومون بتوصيل رسال لحركة حماس تعبر عن رغبتهم في فتح فحة جديدة في العلاقة بينهما. ومع سياسة التجويع وسَدِّ االنوافذ والأبواب التي اعتمدتها لسلطة والرئيس عبس، لم يعد هناك من مخرج إإلا “ابتلاع المنجل”، والتقارب مع دحلان وجماعت في قطاع غزة.
عليه؛ كانت بعض اللقاءات تجري من حي لآخر بين جماعة اتيار الإصلاحي وشصيات من حماس، وهي التي مهَّدت الطرق لجلسات وحوارات أوسع اعتمدت “دبلوماسية الموائد” في المناسبات الاجتماعية والندوات الفكرية، حتى لا تُثي الشبهات واللغط داخل الساحة الفلسطينية وبين كوادر حكة حماس. بالطبع، انت خلاصة تلك اللقاءات تأخذ طريقها إلى قيادات الصف الأول في الطرفين، قد لعبت المساعدا التي كانت تقدمها جمعية التكافل الجتماعي، والتي وص خيرها لكوادرٍ من حماس، دوراً إيجاياً في تعزيز فرص للقاء والحوار، وفساح المجال للعم المشترك بين الطرفين.
كانت هناك بعض اللقاءات الت تتم في الخفاء، وتحقق معها حراكات على الأرض. ولعل موقف دحلان في إقناع الجانب المصري بأهمية التفاهم والتواصل مع حركة حماس هو نقطة التحول والنفتاح الحقيقي في العلاقة، حيث سهَّلت لقاءات سمير الشهروي؛ الرجل الثني في التيار الإصلاحي، بقيادات الصف الأول من حماس في مصر إلى تحقيق “اختراق حقيقي” بلقاء دحلان – السنوار القاهرة في يونيو 2017م.
لم يمضِ لاء دحلان -السنوار بدون توترات داخل حركة حماس، لكنَّ لمات دحلان وتصرياته الإيجابية التكررة عن الحركة خففت من حجم الاحتقن،إذ بدأ التفهم والوعي يتزايد بأن لسياسة لها متطلبتها، وان رفع الحصار عن قطاع غزة والتخفيف من أزماته اخانقة، التي بلغت لأوائها سقف الحلقوم، تحتاج إلى مزي من الخطوات والتحركات السياسية، ولكن يتوجب توخي الحر الشديد حتى لا تسر حماس داعميها الآخرين في المحيط لعربي والإسلامي.
لذلك، كانت اللاقة مع دحلان والتيار الإصلاحي تتحرك ببطء وتأخذ طاب السرية، ولكنها -ي الحقيقة- كانت تبر وتتعاظم من حيث بناء الثقة وإمكاية الشراكة مستقباً.
لقاء العرية الواقعية في لغة الخطاب
تابعت كغيري لقاء قناة العربية الأخير مع دحلان، والذي تحد فيه عن الانتخابات القادمة والفرص لمتاحة للتحالفات والتغيير، وكنت أاول بتجرد قراءة مفردات الرجل السياسية ونظرته الاستشرافية للمستقبل، والتملي في تعبيرات وجهه وحركة يديه، للخروج بتقييم منصف وعادلٍ للقاء، بيداً عما نتفق أو ختلف فيه معه، وقد جاءت الخلاصة على الشكل التالي:
أولاً) إن الرجل كان يتحدث بأريحية وِنفسٍ وطني تجاه الكل الفلسطيني، حتى في تفسيره لخلاف مع الرئيس عباس ولاتهامات التي وجها إليه وأشاعها عنه.
ثانياً) ثقه بأن المستقبل هو لخيارات الشعب، ورص تغيير النظام السياسي بشكل يسمح لجميع بأخذ دوره، وفق مقتضيات التحرير والعودة.
ثالثاً) الجميع أخطأ بحق الوطن، والكلُّ مطلوب منه الاعتار والتنازل من أجل الوحدة الوطنية.
رابعاً) لا اقصاء لأي فصيل أو مكون وطني، وحماس والهاد هما جزء من العب الفلسطيني وقوه الوطنية الحيَّ.
خامساً) في ظ التوافق الوطني، فإن إمكانيات الحلول والخروج من المزق الوطني تبدو قائمة.
ختاماً دحلان والمكون الجيني
ذات يوم من شهر أغسطس 2020، التقت د. أحمد؛ الأستا الأكاديمي بجامع الأزهر، وهو أحد قرباء دحلان، وسأته عن خَلفيِّة “أبو فادي” العائلية، فأجابني بالقول: إن شخصية محمد يوس شاكر عبد النبي دلان تبدو من الناحية الجينية أنها مكبة من ثلاثة مكونات أساسية شكلت مدنة سلوكياته: الأولى؛ الطيبة والتسامح وعدم الافراط ف الخصومة، وهي طبيعة ورثها عن جد والده “عبد النبي”، اذي كان يتمتع بذلك. أما الصفة الثانية؛ وهى الصرامة وادهاء، فهي صفة موروثة من جدته، التي تنحدر من عائلة الرِّ، وهي إحدى عائلات ربع (الشوام)، ي شاميِّة الأصل، وكانوا هناك في قرة حمامة يقولون: “صة نار ولا شوامية في الدار”، للدلاة على جبروت النساء الشواميات. أما الصفة الثالثة؛ الشطارة والفهلوة والذكاء السياسي، فكانت موروثة من والده الحاجة سرية أبو سلطان، وهى من عائلة تنحدر إلى الأصل المصرية .
وإذا أضفنا إلى ما سبق تأثيرات المخيم، وبصماته المشهودة في شخصية دحلان، فإن علينا أن نفهم جدلية الحب والبغض، وأن نمارسها بعقلة وحكمة “هَوناً ما”، والتي نحن بأم الحاجة إليها في ادم الأيام، إذا ما أردنا التأسيس لياة ديمقراطية لا تقصي أحداً، والكل فيها شريك وطني؛ له وعليه ما لنا وما علينا.