جنرال إسرائيلي يدعو قادة الاحتلال لإثبات المناعة الوطنية ليست “كبيت العنكبوت”

 يدعو جنرال إسرائيلي في الاحتياط قادة دولة الاحتلال للاهتمام بمناعتها الوطنية، كي لا تبدو مبنية من خيوط العنكبوت، فيما يدعو سفيرها الأسبق في القاهرة لسلام مع الشعوب العربية، وعدم الاكتفاء باتفاقات مع الأنظمة. وتأتي الدعوتان في ظل المد العربي الشعب المساند للقضية الفلسطينية، ورفض التطبيع، وفي ظل تصاعد جرائم الاحتلال وازدياد عمليات المقاومة الفلسطينية.

يقول عاموس ملكا، اللواء في الاحتياط، ورئيس سابق للاستخبارات العسكرية، إن كل هجوم فلسطيني مع إصابات، وكل “موجة” هجمات تخلق لدينا ردة فعل هستيرية. محذرا من أن جميع نشرات الأخبار والبرامج الإخبارية الإسرائيلية تبدأ بتقرير طويل من الأرض، ومن الاستديوهات، والتحليلات الكثيرة تزيد، عموماً، في تأثير الصدمة. ويقول، محتجاً، إن الاستوديوهات التلفزيونية تُفتَح ويصل رؤساء الأركان السابقون، ويبدأ تحليل “الفشل الاستخباراتي”، ولماذا لم يتم التصدي مسبقاً لهذا الهجوم أو ذاك. ويضيف، مستعيداً صورة الصراع مع “حزب الله”: “في 26 أيار/مايو 2000، وبعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان، ألقى حسن نصر الله خطاب “بيت العنكبوت”، الذي شبّه فيه قوة الدولة الإسرائيلية ببيت العنكبوت. وادّعى أنّ إسرائيل هذه التي تملك أسلحة نووية وأقوى سلاح جوّ في المنطقة، واللهِ هي أوهن من بيت العنكبوت”. ويرى مالكا أنه يجري تصوير إسرائيل بأنها تملك قوة عسكرية كبيرة ومتفوقة تكنولوجياً، لكن المجتمع الإسرائيلي لا يصمد في مواجهة هجمات “إرهابية”، وبالكاتيوشا، وأن المجتمع الإسرائيلي تعب من الحروب، وليس لديه الحصانة الوطنية للصمود في صراع دامٍ، ولتحمُّل الإصابات.

ويتابع في تحذيراته: “في الواقع، على الرغم من أننا لسنا كبيت العنكبوت، لكننا ننزلق بسهولة كبيرة جداً، في محاولة غير ذكية، ونتساءل “هل هذه موجة؟ هل هذا إرهاب فردي؟”، وأسئلة أُخرى يجري اختراعها من أجل تلبية الحاجة إلى مناقشة الوضع. ويعتبر أن الأجندة التي تقود هذه النقاشات هي أجندة “عملانية” بالأساس، وأنه في مرات قليلة جداً، يُصار إلى معالجة مسائل جوهرية، مثل ما هو الوزن الحقيقي لـ “الإرهاب” اليوم، وهل يشكل تهديداً لإسرائيل، وما هو وزنه الفعلي في التأثير في المناعة الوطنية؟

عن ذلك يقول مالكا، المتميز بمواقفه اليمينية المتشّددة: “هناك حاجة إلى أن نفهم أن “الإرهاب” لن يختفي، لكنه لا يهدد وجودنا، لذا، كيف نعيش في ظل “إرهاب” نتصدى له في أغلب الأحيان، لكنه يعود ويرفع رأسه؟ بالإضافة إلى أسئلة أُخرى عميقة لا تُناقَش. زاعماً أيضاً أن النقاش في الأمن الشخصي يمنحه أهمية زائدة، وأنه لم ير في إسرائيل شوارع مقفرة ومطاعم وقاعات احتفالات خالية من الناس، وشوارع مشاة وأسواقاً غير مزدحمة بالناس. ويدعّي أن الجزء الأكبر من الإحساس بانعدام الأمن الشخصي الموجود في مناطق مختلفة ناجم عن الجريمة الإسرائيلية، وليس بالضرورة عن “الإرهاب”.

قادة منشغلون بالصغائر
وضمن قراءته للنقاش الإسرائيلي الداخلي إزاء ارتفاع وتيرة مقاومة الاحتلال على يد الفلسطينيين، يقول مالكا إن الغائبين عن النقاشات في هذه الموضوعات هم الزعماء، فهم لا يهتمون، بما فيه الكفاية، بقيادة ثقافة تساهم في الحصانة الوطنية وتعزيز الصمود الشعبي، هم منشغلون بأمور السياسة الصغيرة، وبصورة أقل بالقيادة على صعيد الوطن، والوزارة الجديدة للأمن القومي لا تبعث على الثقة بهذه القيادة”.

 ويعتبر مالكا أن “الإرهاب” لا يشكل تهديداً لوجود إسرائيل، وأنه تهديد مُقلق، وفي أسوأ الحالات يعطل نمط الحياة اليومية لفترات قصيرة من الوقت، زاعماً أنه، رغم ذلك، يُمنَح وزناً هائلاً من خلال الرد الاستخباراتي- العملاني عليه، وتخصيص الموارد. كما يزعم أن نسبة النجاح في إحباط الهجمات الفلسطينية هي التي تجعل “الإرهاب” مقلقاً، وليس تهديداً يغيّر الحياة. ويضيف، في قراءته التي تتجاهل بالكامل الحل السياسي وحتمية رد الفعل الفلسطيني على واقع الاحتلال: “لا أبالغ عندما أقارن نوعية التصدي للهجمات، وتأثير ذلك في تغيير قواعد اللعبة بالقبة الحديدية، التي غيرت قواعد اللعبة في كل ما له علاقة بإطلاق الصواريخ على المراكز السكنية في إسرائيل. الحياة في البلاد كانت ستبدو مختلفة لو هبطت نسبة النجاح في إحباط الهجمات إلى 50%، تماماً كما كانت ستتغير الحياة لو تراجعت نسبة نجاحات القبة الحديدية إلى 50%”.

من فولاذ لا من خيوط عنكبوت
ويدعي أن إسرائيل دولة تتمتع بجهاز نادر للتصدي للهجمات، وفريد في نوعه في العالم، وأن دولاً كثيرة تأتي لتتعلم منا كيف تواجه “الإرهاب”، وكيف تتصدى له. ويقول إن جودة الاستخبارات المعمقة، وإدخال التكنولوجيا الأكثر حداثةً في منظومة عملانية فريدة هو الذي يؤدي إلى نِسب تصدٍّ للهجمات لا تعرفها أيّ دولة في العالم. منبّهاً إلى أن أكثرية عمليات التصّدي لا يجري الحديث عنها، وهي لا تُناقَش لساعات، ولا يجري “تسويقها” للجمهور، وحسناً يفعلون، وفي المقابل فإن النسبة القليلة التي لا يتمكنون من إحباطها تُعتبر أحياناً فشلاً عملانياً واستخباراتياً، بدلاً من أن تؤدي النسبة المذهلة في النجاحات إلى موازنة الصورة. ويتابع: “صحيح أن عدم النجاح في التصدي لهجوم منفرد يصبح موضوع تحقيق داخلي، واستخلاصاً للدروس، لكن مسافة كبيرة تفصل بين ذلك وبين الانهيار. في الخلاصة، إسرائيل لا تواجه خطراً وجودياً حقيقياً من “الإرهاب” والحرب ضده تُلحق به ضربات شديدة، ويتعين على مواطني إسرائيل إظهار مناعة وطنية وصمود، كي يثبتوا لمحيط “الإرهاب” أنهم حتى لو نجحوا هنا وهناك، فإنهم غير قادرين على كسرنا. نحن لسنا مصنوعين من خيوط العنكبوت، بل من الفولاذ المضاد للصدأ. يا زعماء إسرائيل، أثبتوا أنكم زعماء وطنيون، وغير مشغولين بالسياسة”.