رسائل بوتن “النووية”.. “صواريخ موجهة” للداخل والخارج

يرى خبراء أن التهديدات التي أطلقها مسؤولون روس مؤخرا بشأن الانتقام من الدول التي تتدخل لصالح أوكرانيا، في الحرب الدائرة على أرضها، تخدم غرضا مزدوجا، إذ تحمل رسالة تحذير للغرب وفي الوقت ذاته تمهد للمواطنين الروس احتمال اندلاع صراع “كامل” مع حلف شمال الأطلسي (ناتو).

وفي خطاب، الأربعاء، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتن إن أي دولة “تشكل تهديدا استراتيجيا لروسيا” خلال حربها في أوكرانيا، عليها أن تتوقع “ضربات انتقامية بسرعة البرق”.

وقبل أيام، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مقابلة، إن “الناتو يخوض حربا مع روسيا من خلال وكيل، ويسلح هذا الوكيل”، في إشارة إلى أوكرانيا.

وقال خبراء لمجلة “نيوزويك” الأميركية، إن المسؤولين الروس زادوا من حجم خطاب التهديد كوسيلة لإذكاء الخوف في حلفاء الناتو، بينما يشعر آخرون أنها محاولة لكسب قلوب وعقول المواطنين الروس.

وبحسب يوري جوكوف الأستاذ المساعد في جامعة ميشيغان الأميركية، فإن “الدعاية الروسية أكدت طوال الوقت أن موسكو لا تخوض حربا مع أوكرانيا، بل مع الناتو والغرب، ووراء كل نجاح عسكري أوكراني، وفقا لهذه الدعاية، هناك ضابط من الناتو يخبر العسكري الأوكراني أين ومتى وعلى من يطلق النار”.

وتابع جوكوف: “هذا يجعل من السهل على موسكو تفسير الخسائر العسكرية للشعب الروسي، كما أنه يساعد على إرساء الأساس لتعبئة كاملة محتملة من أجل الحرب، بعد أن كان النظام مترددا حتى الآن في الإعلان عنها، كما أن هذه اللهجة تخلق تبريرات سياسية لضرب أهداف للناتو، بدءا بخطوط الإمداد”.

وفي السياق ذاته، قال مدير مركز أبحاث “صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة” جوناثان كاتز: “أعتقد أن موسكو تريد بناء حجة مفادها أن هذا الأمر برمته بدأ من الناتو والولايات المتحدة”.

وأضاف كاتز أنه يشعر أن بوتن “يستغل فزاعة الولايات المتحدة لتبرير الإجراءات التي يتخذها تجاه الروس”.

وكانت تقارير صحفية أميركية قد استشفت أن بوتن يلمح إلى استخدام القوة النووية الروسية، عندما تحدث خلال خطابه الأخير عن “الأدوات التي نحتاجها لشن ضربات انتقامية”، تماما مثلما فعل لافروف حين لمح أيضا إلى خطر الحرب النووية، خلال حديثه مع وسائل الإعلام الروسية الحكومية، الإثنين.

وتحدث الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس عن هذه التهديدات، واصفا خطاب بوتن بأنه علامة على “اليأس الذي تشعر به روسيا بشأن فشلها الذريع”.

ومع ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي، الجمعة، إن هذه التهديدات “تؤخذ على محمل الجد”، وطالب بوتن بـ”الامتناع عن الإدلاء بتصريحات مثيرة”.

وقال كيربي خلال إفادة صحفية: “إنه أمر غير مسؤول على الإطلاق أن تقوم قوة نووية بإصدار مثل هذه التصريحات الصاخبة بشأن الاستخدام المحتمل لأسلحة نووية من أي نوع وبأي حجم وبأي مردود. نحث روسيا على الكف عن التصعيد فيما يتعلق بالأسلحة النووية”.

لكن جوكوف يرى أنه “إذا تجاهلت الدول الغربية تهديدات بوتن، فقد يشعر الرئيس الروسي بمزيد من الضغط لاتخاذ إجراءات أكثر حسما”، مضيفا: “هناك انطباع عام في أوروبا والولايات المتحدة بأن تهديدات روسيا بالانتقام جوفاء”، لذلك “أعتقد أنه من المرجح أن تشعر موسكو في نهاية المطاف أنها مضطرة للقيام ببعض الإجراءات الفعلية ضد دول الناتو، حتى لو كان السبب الوحيد لذلك جعل تهديداتها بالانتقام تبدو أكثر مصداقية”.

والخميس ضربت الصواريخ الروسية مدينة كييف، بعد لحظات من انتهاء لقاء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في العاصمة الأوكرانية.

وقال كاتز إن هذا الهجوم، الذي وقع بعد يومين فقط من لقاء غوتيريس مع بوتن في موسكو، يحمل رسائل مفادها أن “روسيا مستعدة لاتخاذ خطوات، بما في ذلك الضربات الصاروخية، لردع حلفاء أوكرانيا عن مساعدتها أو حتى القدوم إليها”.