14 عاماً على عملية “الرصاص المصبوب”: هل كانت ناجحة؟

بالتزامن مع مرور أربعة عشر عاما على اندلاع العدوان الإسرائيلي الأول على قطاع غزة أواخر 2008 التي أسماها الاحتلال “الرصاص المصبوب”، صدرت تقييمات إسرائيلية متشائمة بمدى نجاح هذه الحرب، وما تلاها من عمليات عدوانية وصولا إلى العدوان الأخير في آب/ أغسطس 2022، وما بينهما.

نوعام أمير المراسل العسكري لصحيفة مكور ريشون ذكر أن “الذكرى السنوية لحرب 2008-2009 وما أعقبها من حروب إسرائيلية، تؤكد أن الواقع يثبت شيئا آخر، ومفاده أن غزة لن تذهب إلى أي مكان، وكل بضعة أشهر أو سنوات سيتعين على جيش الاحتلال التعامل معها، سواء أراد ذلك أم لا، بل إنها باقية هنا لمواصلة مضايقة الاحتلال، ويمكن قياس تأثير العمليات السابقة بما تركته من تبعات على المدى القصير والطويل”.

وأضاف في مقال، أنه “في الاختبار قصير المدى، فإن حرب 2008-2009 كبّدت حماس والجهاد الإسلامي أثمانا باهظة، ولكن في الاختبار طويل الأمد لم تحقق هذه العملية الكثير؛ لأن الحرب تسببت بفتح شهية حماس لمزيد من الحصول على الوسائل القتالية والأسلحة، ووضعت استراتيجية لها، وذهبت بعيدا تحت الأرض من خلال الأنفاق، التي فاجأت الجيش ومستوطني الجنوب من خلال حرب الجرف الصامد 2014”.

 

وأشار إلى أن “أحد نتائج حرب 2008-2009، الوصول إلى العملية المعقدة والدموية في صيف 2014، وقد كانت فاشلة باعتراف الإسرائيليين أنفسهم، وما زالت آثار فشلها محسوسة حتى يومنا هذا، وفي القيادة الجنوبية للجيش هناك تفسيرات لهذا الإخفاق، مع بقاء ترسانة حماس الصاروخية، ولعل فرصة نجاحها في تحدي إسرائيل بطريقة أخرى، تتطلب مزيدا من الاستعداد في القيادة الجنوبية أو في فرقة غزة؛ لأن النظر بشكل أكثر دقة، ومن خلال عدسة واقعية عن غزة وتحدياتها، فمن المستحيل عدم ربط كل هذه الحروب في خط واحد مستمر”.

وشكلت الحروب الإسرائيلية على غزة بين 2008-2014، نماذج صارخة على فداحة الأخطاء الاستخبارية، والثغرات الأمنية التي وقعت فيها مختلف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بمختلف مسمياتها، رغم قسوة الخسائر البشرية الفلسطينية، والدمار الذي أحدثته آلة الحرب الإسرائيلية ضد البنى التحتية.

ولعل الذكرى السنوية لحرب غزة الأولى 2008-2009 تؤكد أن الاحتلال استفاق ليجد المقاومة أكثر تنظيما، وأكفأ قتالية وتدريبا مما كان في جولات القتال السابقة، وأسفر عن تغير الوضع مع مقاتليها في ساحة المعركة، حيث تخللت الحروب الإسرائيلية سلسلة من الأخطاء الأمنية الاستخبارية؛ وقصور في جمع المعلومات عن تعاظم المقاومة، والاستعدادات المكثفة التي أعدّتها للمواجهة مع الاحتلال.

وكثرت الانتقادات الإسرائيلية في ميدان المعارك مع المقاومة في غزة؛ لأن نهايات الحروب أثبتت ذلك، ودلّت على الصعوبة الاستخبارية التي تواجهها، وتشعبت الأخطاء الأمنية والثغرات العسكرية، فيما شهدته جلسات المجلس الوزاري المصغر خلال الحروب جملة الخلافات الكثيرة بين رؤساء الأجهزة الأمنية وقادة الجيش وبعض الوزراء، حول مدى قدرة صمود الفلسطينيين.