عقب الدمار الكبير الذي حل بأوكرانيا بسبب الهجمات الجوية الروسية، وقعت 80 دولة على الاتفاقية التي تشكل “علامة فارقة” لمنع التفجيرات التي تودي بحياة المدنيين، لكن دولة الاحتلال، وكما هو متوقع، لم تنضم للاتفاقية، وهي التي دأبت على مهاجمة مناطق فلسطينية ولبنانية وسورية مأهولة مرات عدة.
صحيفة يديعوت أحرونوت كشفت أن “80 دولة بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، قادت التوقيع في العاصمة الايرلندية دبلن على اتفاقية دولية لتجنب قصف المناطق الحضرية، وهذه الاتفاقية الدولية هي نتاج مفاوضات استمرت أكثر من ثلاث سنوات، لكن بعض القوى العسكرية الكبرى في العالم، بما في ذلك إسرائيل وروسيا والصين والهند، وحتى أوكرانيا، لم توقع عليها”.
وأضافت أن “التوقيع على الاتفاقية يُلزم الموقعين على ضمان أن جيوشهم ستحدّ من استخدام المتفجرات في المناطق المأهولة بالسكان، أو تتجنبها، في حين أن استخدامها قد يتسبب أو يحتمل أن يلحق الضرر بالمدنيين والأعيان المدنية، وتسمح الصياغة للبلدان ببعض السلطة التقديرية، لذا فهي ليست حظرًا تامًا، أو معاهدة ملزمة، ومع ذلك فإن مجرد التوقيع على الاتفاقية، والنية من ورائها يشكلان علامة فارقة مهمة، رغم استمرار الكثير من العمل”.
ونقلت عن نشطاء حقوقيين حول العالم قولهم، أنها “المرة الأولى التي تتوصل فيها دول في العالم إلى اتفاق من هذا النوع، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تغيير قواعد السلوك في زمن الحرب، وقد وقَّع عليها ثلثا أعضاء حلف الناتو، مما يجعل قصف المناطق الحضرية من المحرمات مثل استخدام الأسلحة الكيميائية أو القنابل العنقودية، لأنها السبب الرئيسي لوفاة المدنيين في نزاعات العصر الحديث، والقائمة تطول ولا حصر لها من الموصل إلى طرابلس ومقديشو وخاركيف والأراضي الفلسطينية”.
مركز حماية المدنيين في أوقات الحروب CIVIC ذكر أن “91٪ من القتلى والجرحى من جراء التفجيرات في المناطق المأهولة بالسكان في العقد الماضي كانوا من المدنيين، وهو رقم ارتفع إلى 98٪ بعد الحرب في أوكرانيا، وإن التكلفة الإنسانية لا يمكن تصورها”، مشددا على أن “فكرة توقيع الاتفاقية ظهرت لأول مرة في أعقاب الحرب الأهلية في سوريا، والعدوانات الإسرائيلية في غزة، والحروب في اليمن وأماكن أخرى، لكنها تلقت مزيدًا من الزخم في أعقاب الحرب في أوكرانيا، حيث قصفت روسيا بشكل متكرر مناطق حضرية بشكل شبه عشوائي، مما أسفر عن مقتل العديد من المدنيين”.
تجدر الإشارة أنه تم إقناع الولايات المتحدة بالتوقيع على الاتفاقية، مما مهد الطريق لأعضاء الناتو الآخرين للقيام بذلك، من بينها تركيا وألمانيا أيضًا، لكن الجهة المسؤولة الرئيسية عن هذه الجهود هي أيرلندا التي دفعت إلى توقيع الاتفاقية، وقد بات من المفهوم سبب امتناع دولة الاحتلال على الاتفاقية، لأن جيشها يهاجم بشكل متكرر مناطق مدنية في قطاع غزة ولبنان أيضاً.
واتهمت منظمات حقوقية دولية جيش الاحتلال بارتكاب مجازر دامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، سواء في الضفة الغربية حين نفذت عملية السور الواقي في 2002، أو في قطاع غزة منذ انسحابه في 2005، حيث شرعت بتنفيذ عدوانات عسكرية من حين إلى آخر، خلفت قرابة 4500 شهيد، وإصابة قرابة 25 ألف جريح بسبب القصف العشوائي للمناطق المدنية وإزالة الأبراج السكنية مما شكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وبسببها تم تقديم دعاوى قانونية دولية ضد كبار قادة الاحتلال.