الحديث عن “مدفن الاحياء” مرارا وتكرارا لم يعد سوى اجترار الألم والمأساة على أسوأ الصور الممكنة، وكانه اصبح تضامنا شكليا لا يسمن ولا يغني من جوع، لذا يجب أن ينصبّ الحديث وفقط حول: ماذا نحن فاعلون؟
ان لم يكن للكلمة فعل الرصاصة فلا داعي لها خاصة ونحن امام رجل أصبح اليوم وقد نزف كثيرا ولم يتبق سوى رمق حياة.
وليد دقة اليوم قد مل دقّ جدران خزانه ولم يعد يقوى على المزيد من هذا الدق.
دق بأدبه وفكره من سنوات طوال، ما لو اسمعت حيا لتحرك وفعل الواجب وسعى سعيا جادّا لتحريره وتحرير الاسرى المرضى قبل فوات الأوان.
دق بلحمه ودمه الذي يفقد كلّ يوم جزءا منه ما يزلزل ضمائرنا ويوقظ قلوبنا من رقدتها او قل من موتها.
دق بسنوات حبسته المديدة ما ضج به حديد وجدران السجن كثيرا فزاد من الاطباق عليه.،،،دق بما حرر من نطفة اصبحت انسانا يخلخل كل ما فينا من روح ومشاعر فاصبحت تنادي أباها وتنتظر دفأ حضنه وقلبه المتلوّع والمحترق شوقا للحظة لقاء.
دقّ بما أرسل من رسائل وبما حرّك من وسائل إعلامية ما ينفطر له الفؤاد وينشقّ له الصدر.
نعود للسؤال المركزي.. ماذا نحن فاعلون؟ وماهو المطلوب الفوري والسريع؟
أعتقد أن شخصية بهذا الحال وبما تملك من تاريخ نضالي فذّ هي فرصة لتحريك الشارع الفلسطيني وإظهار الواجب الوطني والديني والأخلاقي على أصوله، هذه فرصة ليخرج لنا الشارع أفضل ما يجود به من أجل رفع هذا الظلم المقيت، يجب أن لا تضيع كما ضاعت من قبل خضر عدنان، وناصر أبو حميد والقائمة طويلة، وأقول عنها فرصة لأن تحريك الشارع على قضية بهذا الحجم ممكنة ولكنها تحتاج الى أن تضع الفصائل ثقلها وأن تتّخذ القرار المناسب، فهل هذا يحظى أولوية لدى الفصائل، مثلا شاهدنا حجم الحضور في انتخابات جامعة بيرزيت لأن هناك لدى الفصائل إرادة تتحرّك في هذا الميدان وهذا ليس عيبا بالمناسبة ولكن لم لا يكون القرار أيضا هنا واهتبال هذه الفرصة لاخراج الشارع المطلوب كي يفعل فعله ويُري أعداءنا قيمة رجالنا وقيمة حريتهم التي لا يساويها شيء.
ما تفعله اسرائيل التي رفعت من سقف اجرامها يتطلّب منا أن نرفع سقف تحدياتنا وأن نضغط بكلّ ما لدينا من قوة لنرغم الاحتلال على الافراج عن وليد رغم أنفه. ومن الخبرة والتجربة ومما بات معلوما بحكم التجربة الطويلة أن هذا الاحتلال لا يحركه شيء سوى الضغط الذي يعرّض مصالحه للضرر، وهذا فقط هو الذي يجعله يعيد حساباته.