في غزة لم يسلم الأموات قبل الأحياء من قرارات حكومة حماس والتي تواصل وبشكل شبه يومي من اصدار قرارات جديدة في قطاع غزة تمس في مجملها مصلحة المواطن وتعطي الأولوية لأعمال الحكومة ومصالح أشخاصها على حساب الصالح العام ضاربة بعرض الحائط حالة الغضب الجماهيري في القطاع والاحتقان الداخلي للمواطنين.
فقد وافقت حكومة حماس في غزة يوم الثلاثاء على قرار نقل المقبرة القديمة المسماة “التوانسي” وسط شارع بغداد في حي الشجاعية لإقامة مجمع مدارس وسط معارضة أهالي الحي وتقديم عدد من الشكاوى لمجلس الاجتهاد الفقهي وذوي الاختصاص.
إقامة مجمع للمدارس
بدوه، أوضح منير أبو زعيتر مدير التربية والتعليم شرق غزة أن مشروع إزالة المقبرة القديمة سيوفر مساحة لإقامة مجمع للمدارس تخدم أهالي الحي في ظل الاكتظاظ السكاني الكبير.
وخلال كلمة ألقاها في المؤتمر الصحفي الذي نظمته حكومة حماس مع بدء إطلاق المشروع، أفاد أبو زعيتر، أن المدارس المتوفرة في المنطقة الشرقية لمدينة غزة لا تلبي احتياجات الطلبة الذين يفوق عددهم الـ 70 ألف طالب وطالبة، مشيرًا إلى أن مشروع إزالة المقبرة شكّل بارقة أمل لإنهاء معاناة الطلبة الذين يقطعون مسافة طويلة للوصول إلى مدارسهم.
وأوضح، أن المنطقة الشرقية بحاجة لتوفير 4 مدارس في الوقت الحالي تخدم مختلف المراحل الدراسية لإنهاء معاناة طلبتها المتواصلة منذ وقت طويل؛ مثمناً جهود المؤسسات الحكومية بالتعاون مع المجتمع المحلي في الموافقة على البدء في إزالة المقبرة التي تبلغ مساحتها 27 دونمًا تمهيدا لإقامة المدارس عليها في أسرع وقت ممكن.
وقال: “إن وزارة التربية والتعليم ومديريته تسعى وبالتواصل مع وجهاء المنطقة والمخاتير والمؤسسات الشريكة ومنذ سنوات لتوفير قطع أراضي ليتم تخصصيها للمدارس لخدمة الطلبة”.
القبر ليس ملكاً وميراثاً للميت
وعلى الرغم من السخط العام بين الأهالي وشكواهم بضرورة احترام حرمة الأموات وعدم العبث بالقبور ونبشها، وجه رئيس مجلس الاجتهاد الفقهي في قطاع غزة مازن هنية نداءً لأهالي الحي باحترام التعليمات الصادرة عن وزارة الأوقاف التي تسعى لتحقيق الصالح العام والخاص على حد سواء.
وقال: “من الناحية الشرعية القبر ليس ملكاً وميراثاً للميت، القبر مرحلة توارى فيه جثة الانسان وهناك مدة زمنية إذا انتهت هذه المدة انتهى موضوع القبر ويجوز أن تستعمل الأرض بحسب اعتبارات كثيرة “.
وأوضح مدير دائرة المقابر في أوقاف حماس زياد أبو عيد أن المصلحة الشرعية في هذه المقبرة القديمة ما يحقق مصلحة أهل المنطقة بمنع الاعتداءات المتكررة على هذه المقابر وتحويلها للمصلحة العامة.
وأشار إلى أن الوزارة ستقوم بالدور المنوط بها في نقل القبور بطريقة شرعية تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية والضوابط الصادرة عن مجلس الاجتهاد الفقهي.
غضب جماهيري
قرار تجريف مقبرة التوانسي، أثار غضب جماهيري واسع في قطاع غزة ورفضا تاما لاستباحة حرمة للأموات، حيث رفض عدد من مخاتير ووجهاء حي الشجاعية، قرار أوقاف غزة بهدم ونبش القبور واعتبره قرارا خارجا عن الشرع والعرف الي نادى بضرورة الحفاظ على حرمة الأموات.
ورفض وجهاء ومخاتير الشجاعية، في بيان وصل “أمد للإعلام” نسخة عنه موجه للجنة العمل الحكومي مؤكدين أن هدم مقبرة الشجاعية، قرار مرفوض بشكل تام.
وأوضح المخاتير، أن هذا القرار مخالف للوازع الديني والموروث الأخلاقي والتاريخي كون أن الآباء والأجداد مدفونين بها.
وأكد بيان وجهاء الشجاعية على أنه لا يجوز من الناحية القانونية إزالة المقبرة إلا بموافقة ذوي المدفونين إلى جانب أن وجود العشرات من الشهداء، الذين واراهم ذويهم الثرى في هذه المقبرة.
وأكد مخاتير ووجهاء الشجاعية بضرورة الغاء هذا القرار فورا لما يترتب عليه من نزاعات واشكاليات لا يحمد عقباها.