منذ مرضها، يواظب نجلها صايل محمد عبد الله الحمور، على رعايتها ومرافقتها للمشفى في رحلة العلاج اليومية، وبعد زجه خلف القضبان، لا تتوقف الوالدة الخمسينية إلهام الحمور “أم ثائر” عن البكاء، فقد أصبح الوجع كما تقول: “مضاعفاً ووجعين، لكن ألم الجسد، قادره على احتماله والصبر عليه، لكن غيابه عني وانقطاع أخباره، ألم ليس له علاج”.
وتضيف: “قبل اعتقاله بثلاثة أيام، كنت في المشفى، بسبب معاناتي من التهابات شديدة على الرئة، وكان صايل المرافق الدائم لي، لكنهم اليوم يحرمونني منه، ويتعرض للتحقيق والعزل وأخباره مقطوعة، فإلى متى يستمر هذا الظلم؟”.
يعتبر صايل، الثالث في عائلته المكونة من 7 أفراد، أبصر النور قبل 28 عاماً، في بلدة جبع جنوب جنين، فيها نشأ وعاش وتعلم حتى أنهى الثانوية العامة بمدارسه، وبسبب الظروف الصعبة لم يكمل دراسته الجامعية، وقرر تأدية واجبه الوطني وخدمة شعبه، وانتسب لحرس الرئاسة.
ويقول شقيقه ثائر: “صايل يعيش حياة طبيعية وملتزم بدوامه، لكن قمع وعدوان الاحتلال يستهدف كل إنسان فلسطيني، وقد تعرص للإصابة بعيار ناري في الصدر، خلال اقتحام قوات الاحتلال لبلدتنا عام 2020، وخضع العلاج وكان وضعه مستقر قبل اعتقاله”.
يروي ثائر، أن قوات الاحتلال اقتحمت منزل عائلته حوالي الساعة الرابعة فجراً بتاريخ 21/12/ 2022، ويقول: “كسروا الأبواب الخارجية، وانتشروا في منزلنا، عزلوا أفراد العائلة بطريقة وحشية وأثارت الرعب لدى الأطفال الذين عاشوا الصدمة والخوف من هول منظر الجنود الذين حولوا المنزل لثكنة عسكرية، تكسير وتدمير حتى لم يبقى شيء دون تخريب”.
ويضيف: “الجنود المقنعين والمدججين بالسلاح، اقتحموا غرفة شقيقي صايا وهو نائم في فراشه دون أن يتنبه لوجودهم، أيقظوره بطريقة بشعة جداً، احتجزوه والجنود يحاصرونه حتى انتهت عملية التفتيش وتكسير جميع محتويات غرفته”.
ويكمل: “لم يسمحوا لنا بوداعه، قيدوه وكلبشوه، وانتزعوه من بيننا، وفوراً اقتادوه مباشرةً إلى تحقيق سجن الجلمة، ولازال منذ تاريخ اعتقاله لغاية اللحظة في أقبية العزل والتعذيب، ولم تصلنا أي أخبار عنه، وقدم محاميه عدة طلبات لزيارته لكن المخابرات ما زالت ترفض بدعوى استمرار التحقيق”.
يعبر ثائر عن قلق أسرته على حياة صايل، ويقول: “نعيش حالة من القلق والتوتر، فأخي ليس له نشاط سياسي أو انتماء حزبي، ولا يوجد أي مبرر لعزله طوال هذه الفترة رهن التحقيق، فهذا ظلم كبير لنا ولشقيقي الذي نريد الاطمئنان على أوضاعه وصحته، فما يمارسه الاحتلال تعسفي وظالم، ونطالب الصليب الأحمر بزيارته فوراً”.
ويضيف: “المعلومة الوحيدة التي وصلتنا، أنه جرى عرضه على المحكمة مرتين، ومددت توقيفه بناء على طلب المخابرات، دون السماح لمحاميه ولنا بحضور الجلسة، فقرار منع زيارته لأسباب أمنية ما زال ساري المفعول حتى إشعار أخر”.
لا تجف دموع الوالدة أم ثائر، فهي كما يقول ابنها: “تبكي ليل نهار، وكل أمنيتها رؤيته وسماع صوته والاطمئنان على أخباره، واعتقاله صدمة كبيرة لها، لأنه لم يكن متوقعاً ابداً”.
ويضيف: “علاقة صايل بوالدتي مميزة، فهو الأقرب لها، ودوماً يرعاها ويتابع حالتها الصحية، المرافق المستمر لها في العلاج لدى الأطباء والمشفى، وكلما حان موعد العلاج، تردد اسمه وتناديه وتنسى لشدة حبها له أنه أسير”.
ويضيف: “ليل نهار على سجادة الصلاة، تتضرع والدتي لرب العالمين، ليرعى ويحمي فلذة كبدها، وكلما رن الهاتف تستنفر لاعتقادها أنه المتصل، وعندما تحل ساعات الليل، تنام في فراشه وهي تحتضن ملابسه وتتحدث عنه”.
ويكمل: “كلنا نفتقد شقيقي، الحنون والطيب والمخلص والمعطاء، وأملنا برب العالمين أن يفرج كربه ويعيد لمنزلنا وحياتنا قريباً”.