مقدمات حكومة المستعمرة

بقلم: حمادة فراعنة

الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين “الليكود” وحزب “القوة اليهودية”، بين نتنياهو وإيتمار بن غفير، مساء يوم الأربعاء 16 تشرين الثاني الجاري، حول تعزيز الاستيطان الاستعماري والعمل على شرعنته رسمياً من قبل حكومة المستعمرة المقبلة، بهدف التمدد الاحتلالي الاحلالي الاستعماري على أرض فلسطين في مناطق 67، وجوهره أن الضفة الفلسطينية هي “يهودا والسامرة” وأنها ليست فلسطينية، ليست عربية، ليست محتلة، بل هي جزء من خارطة المستعمرة التي تم تحريرها في القفزة الثانية للتوسع الإسرائيلي عام 1967.
اتفاق نتنياهو مع بن غفير، هو التمهيد لمواصلة الحوار والاتصال والاتفاق على تشكيل حكومة مشتركة بينهما على قاعدة النتائج التي افرزتها انتخابات البرلمان الإسرائيلي ال “25” يوم 1/11/2022، وعليها سيتم الإتفاق مع الطرف الآخر من إئتلاف تكتل الصهيونية الدينية، شريك بن غفير برئاسة بتسلئيل سموتريتش ولها 14 نائباً نتيجة الانتخابات، وصولاً نحو التحالف مع كل من: آريه درعي رئيس حركة “شاس” وله 11 مقعداً برلمانياً، وموشيه غفني رئيس “يهود التوراة” وله 7 مقاعد.
نجاح الإتفاق بين نتنياهو وبن غفير يعني نجاح التوصل إلى اتفاقات مماثلة مع الأطراف الثلاثة: 1-سموتريتش، 2-درعي، 3-غفني، وبالتالي تظهر دلالات الحكومة كما كان متوقعاً، حكومة يمينية متطرفة ودينية متشددة، لديها 64 مقعداً في البرلمان، تدفع نتنياهو للسير بهذا الاتجاه نحو نهاياته، لعدة أسباب جوهرية:
أولاً : أن مصلحته الشخصية الذاتية الأنانية التحالف مع هؤلاء الذين يوافقونه على تعديل الانظمة والقوانين التي تمنع محاكمته، وشطب قضايا الفساد المتورط بها، وتغيير الإدعاء العام والقضاة بما يتفق مع هذا التوجه.
ثانياً: لأنه هو نفسه يحمل المفاهيم والرؤى السياسية الدينية المتطرفة المتفق عليها بين أحزاب الاغلبية الإسرائيلية السبعة التي نجحت في الانتخابات:
1- أحزاب معسكر الأئتلاف الحكومي الأربعة: الليكود، الصهيونية الدينية، شاس، يهود التوراة.
2- أحزاب المعارضة المستقبلية وهي يمينية الاتجاه والمواقف على الأغلب: مستقبل جديد برئاسة يائير لبيد وله 24 مقعداً برلمانياً، المعسكر الوطني برئاسة بيني غانتس وله 12 مقعداً، إسرائيل بيتنا برئاسة ليبرمان وله 6 مقاعد.
ثالثاً :لا يوجد من يقف في مواجهته بقوة تمنعه من مواصلة خيارات التوسع والاستيطان الاحتلالي الاستعماري، رغم أنها متعارضة مع القوانين الدولية وتتصادم مع قرارات الأمم المتحدة.
والطرف الوحيد القادر على مواجهته ميدانياً، ودفع المجتمع الدولي ليتحرك متضامناً مع عدالة المطالب الفلسطينية هو الطرف الفلسطيني.
لا سلطة رام الله ولا سلطة غزة، تفعل ما هو مطلوب منهما لمواجهة ومقاومة تستحق الإنتباه، فالافعال الفردية من قبل بواسل فلسطين ومبادراتهم الكفاحية الاستشهادية بوعي وتصميم وهدف، الممتدة في مدن الضفة الفلسطينية، لم تتمكن من خلق حالة شعبية متحفزة ترتقي إلى انتفاضة شعبية، جماهيرية عامة، ذلك لأن سلطتي رام الله وغزة، اسيرتا التنسيق الأمني والتهدئة الأمنية، وإذا كانت حركة الجهاد الإسلامي تحاول خرق التنسيق في الضفة والتهدئة في غزة، فهي تدفع الثمن بدون أي تحرك أو تجاوب من قبل “فتح” و”حماس”، حيث أن الاولوية لديهما هو الحفاظ على حالة الاستئثار بما يتوفر لديهما من سلطة ورواتب وامتيازات لقياداتهم التي غدت على الأغلب مترهلة، وإن كانت بعضها مازالت تحفظ مفردات المقاومة، ولكنها بلا فعل مقاوم جدي حقيقي.
لن يهزم “رطل” نتنياهو وجماعته، سوى “رطلين” من فلسطين وبسالة وقوة وشجاعة شعبها في مقاومة الاحتلال حتى تتم هزيمته ورحيله.