لا يخفي الاحتلال قلقه من تزايد عمليات تهريب الأسلحة عبر الحدود الأردنية التي تصل أخيرا إلى أيدي المقاومين في الضفة الغربية، في ظل تواصل الهجمات ضده.
ووفق تقارير إسرائيلية، فإن الأسلحة تعبر من الحدود مع الأردن يوميا، وتتدفق إلى دولة الاحتلال والأراضي الفلسطينية.
وتقدر شرطة الاحتلال أن هناك عشرات الآلاف من الأسلحة المتداولة تستخدم، من بين أمور أخرى، في عمليات المقاومة، وقد تجاوز الوضع منذ فترة طويلة الخط الأحمر.
شاي غال مراسل القناة 12 ذكر أنه “عندما تنظر للأسلحة التي تم ضبطها خلال محاولات التهريب إلى إسرائيل، ترى كميات كبيرة من الأسلحة والبنادق، وهذا غيض من فيض، وفقا لما يقوله بيرتس عامير، قائد منطقة تل أبيب في الشرطة، مع أن هناك العديد من الأسلحة الأخرى التي لا يمكن لنا النشر عنها، فالحديث يدور عن عشرات آلاف الأسلحة، وفي كل ليلة يتم تهريب السلاح الذي يغذي معارك المقاومة في الضفة الغربية حتى بات يعلم الجميع أن الخط الأحمر تم تجاوزه بالفعل”.
ونقل في تقريرعن “شالوم بن حنان المسؤول السابق بجهاز الأمن العام- الشاباك لمدة 27 عاما، ومعظم عمله بالضفة الغربية، أن عددا قليلا من الأشخاص يعرفون المنطقة جيدًا، واستمرار التهريب يستدعي سدّ الفجوات المتراكمة خلال السنين، إذ بإمكان أي شخص الحصول على السلاح خلال يومين”.
وأضاف: “الأراضي الفلسطينية فيها تجار سلاح كبار، وأدنى منهم مديرو التهريب على اتصال بنظرائهم في الجانب الأردني حيث يتم تهريب السلاح، وتصل الذخيرة المهربة خلال 24 ساعة إلى تاجر فرعي يقوم فورا بتحويلها لتجار ميدانيين، وخلال 48-72 ساعة يكون السلاح قد تم تسليمه بالفعل في السوق”.
وأشار غال إلى أن “التنظيمات المسلحة أدركت مدى فعالية هذا التهريب، وهي لا تحتاج لبناء نظام منفصل للبنية التحتية للتهريب، حتى إن حركة حماس تطلب من التجار أن يوفروا لها السلاح، فقط تعطيهم المال، وهم يعرفون بالفعل من أين يحصلون عليه”.
وأردف: “نحن في عالم لامركزي عبر شبكات منتشرة، عناصر يعملون بصبر لا نهاية له، حتى إن رونين كالفون قائد وحدة الشرطة قال إن المهربين قد يمكثون في الصحراء لأيام وأسابيع، ويمكن لهم أن يصلوا إلى نقطة التهريب، وإن ظهر شيء لا يبدو صحيحا لهم، فإنه يمكنهم الجلوس في تلك النقطة أياما كاملة، مع بعض الطحين والسجائر والانتظار”.
ونقل التقرير عن أريئيل باربي قائد كتيبة ليفيا في غور الأردن أن “الجيش يقوم بنشاطات ليلية في مخيم عقبة جبر للاجئين في أريحا للبحث عن مهربي الأسلحة وصولا إلى النقطة الأخيرة جنوبا نحو نهر الأردن، وهي منطقة أكثر تعقيدا بالنسبة للتهريب، بسبب العائق الطبوغرافي، لكن الأسلحة التي تصل إلى إسرائيل تأتي عقب تفكك دول الشرق الأوسط، فهي تخرج من سوريا والعراق وليبيا، وتشق طريقها إلى الأردن”.
وبلغة الأرقام، فإن “المسدس الذي ثمنه في الأردن 10 آلاف شيكل، 3 آلاف دولار، سيباع في نابلس بـ40 ألف شيكل، 12 ألف دولار، وفي إسرائيل بـ 55 ألف شيكل، 16 ألف دولار، وكذلك بندقية إم16 التي تباع بمبلغ 35 ألف شيكل في الأردن، 10 آلاف دولار، فإنها في جنين يتم بيعها بـ70 ألف شيكل، 20 ألف دولار، وفي إسرائيل بـ100 ألف شيكل، 30 ألف دولار”.
من جهته، ذكر الضابط إيتسيك قائد فريق العمليات أن “مهربي السلاح مسلحون، وهناك وضع قد يفتحون فيه النار لكي يهربوا منا، وننتظر حاليا وصولهم، مما يجعلنا أمام هدوء جنوني، رغم أننا نجلس لساعات وحتى أيام، ولذلك فإن هناك تصاعدا في تهريب الأسلحة”.
وتابع: “إذا تم ضبط 120 قطعة سلاح في هذه المنطقة قبل ثلاث سنوات، فإنه تم الاستيلاء على أكثر من 500 قطعة سلاح في 2022، لكن المنطقة مليئة بالفعل بالأسلحة، ولن يكون بالإمكان حلّها في غمضة عين، ولذلك فسيستغرق الأمر سنوات، وسيكون الأمر صعبا، لن يسلم أحد السلاح من تلقاء نفسه، وقد تكون هناك معارك، وسوف يسيل الدم”.
وتؤكد هذه التقارير أن الحدود الأردنية الفلسطينية تشهد حربا خفية بين مهربي الأسلحة وقوات الاحتلال، والحديث يدور عن 425 كلم من الحدود المشتركة، غير المحاطة بسياج محكم، ودون إضافة وسائل إلكترونية، وقوات أكبر، رغم أنه في الآونة الأخيرة فقط تمت إضافة وسائل إلكترونية وقوات أكبر لمهمة منع التهريب، ولكن دون جدوى.