معاريف- بقلم تال ليف رام- كيفما سمينا هذا، موجة أم انتفاضة، فالواضح أنه ميل واضح نحو فترة هجمات آخذة في التعاظم حين قتل 34 إسرائيلياً في السنة الأخيرة وحدها.
من ناحية مهنية جافة، هذه ليست انتفاضة ولا تعبر عن عنصر الثوران الشعبي الجماهيري. ومع ذلك، فالسنة الأخيرة بلا شك هي الأصعب منذ الانتفاضة الثانية قبل نحو عقدين.
معظم العمليات القاسية في السنوات الأخيرة خرجت من شمال الضفة – جنين ونابلس وقرى أخرى في المنطقة. لكن، عندما يتسع ميل الهجمات إلى أرجاء الضفة، فإن منطقة جنوب جبل الخليل هي الأخيرة التي تفاجئ جهاز الأمن. ففي السنة الأخيرة، مثلما في السنوات السابقة، وقعت عمليات قاسية في هذه الجبهة، التي تتأثر بمدن الخليل ويطا التي تعتبر مراكز قوة حماس.
تميزت فترة الهجمات في 2014 – 2015 بعمليات طعن ودهس، نفذها في معظمها أفراد في مبادرات خاصة، بالهام تحريض المنظمات وعلى رأسها حماس. بالمقابل، أصبحت فترة العمليات الأخيرة فتاكة على نحو خاص بسبب استخدام شائع للسلاح الناري.
نميل للتفكير، خطأ، بأن وفرة السلاح الذي يصل إلى المنظمات أو الفرد ليست موضوعاً جديداً. الحقيقة أن الحصول على السلاح في “المناطق” [الضفة الغربية] كان دوماً مهمة ممكنة من ناحية المنظمات. لتنفيذ عمليات قاسية، كان المطلوب سياقاً كاملاً لمرات عديدة. ومع أنها لم تكن مهمة متعذرة، لكن يخيل أن السد قد تحطم في السنوات الأخيرة؛ إذ إن حجوم تهريب السلاح إلى الضفة، وأساساً من حدود الأردن الفالتة، ارتفعت بشكل دراماتيكي والسلاح الناري متوفر بحجوم غير مسبوقة في بيوت فلسطينية كثيرة.
إن الدافعية المتصاعدة لتنفيذ العمليات والتحريض من جانب المنظمات والمشاركة المتصاعدة من جانب إيران أيضاً في دعم المنظمات، إلى جانب الوفرة غير المسبوقة للسلاح، كلها عناصر مركزية ترتبط معاً فتخلق نتائج قاسية في الميدان.
من ناحية استخبارية أيضاً، من الصعب إحباط العمليات. في الماضي، في مرحلة شراء السلاح من قبل فرد أو خلية ينظمون أنفسهم للقيام بعملية، شكلت هذه نقطة ضعف للمنظمات من ناحية الكشف الاستخباري.
أما اليوم، وبسبب وفرة السلاح في الشارع الفلسطيني، ودافعية عالية لتنفيذ العمليات، فإنه كلما كان الانتظام لتنفيذ العملية محلياً أكثر ومؤطراً أقل، بتوجيه مباشر من إحدى المنظمات، يصعب على جهاز الأمن تشخيص المؤشرات الدالة التي يفترض أن توفر المعلومة الذهبية لإحباط العملية.
إن نقطة الضعف المركزية للجيش ولجهاز الأمن هي في الدفاع عن محاور حركة السير؛ فهو منذ الأزل يعد جزءاً كبيراً جداً من العمليات القاسية التي تنفذ في محاور حركة السير.
وهنا يكمن التحدي المركزي للجيش وقيادة المنطقة الوسطى. ففي فترة عمليات إطلاق النار الكثيرة في نابلس، أدت نشاطات هجومية مركزة في المدينة إلى جانب نصب كمائن عديدة في الميدان إلى تحسين الجواب الأمني. ثمة إنجاز مشابه كان عقب الحملة بمخيم اللاجئين في جنين. غير أنها نجاحات لزمن محدود. الجيش الإسرائيلي الآن مع أكثر من 20 كتيبة في الضفة، وهو معطى يؤثر بشكل مباشر على التدريبات للحرب.
يقدر جهاز الأمن أن التصعيد سيستمر. ويعتقد كثيرون في الجهاز أن استخدام القوة العسكرية الهجومية أو التعزيز الإضافي لأجهزة الدفاع لن توفر حلاً سحرياً خصوصاً مع غياب أي أفق في العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين.
كلما حدث تفاقم إضافي في الوضع، تتقلص بطانة الجيش النظامي في الضفة. ومن هنا، ثمة حاجة لاستخدام مزيد من قوات الاحتياط. لكن التوتر حول الإصلاح القضائي يضاف إلى إدارة الوضع في المستوى السياسي.
كما أن التصعيد الأخير يعبر عن فوارق هائلة داخل الائتلاف. عندما كان أعضاء الائتلاف الحالي في المعارضة، كانوا يهاجمون الحكومة بالسم، ويتهمونها بالمسؤولية عن العمليات لأنها تكبل زعماً أيدي الجيش. أما الآن، وبغياب عنوان آخر، فإن إصبع الاتهام موجه لقادة الجيش الكبار ولوزير الدفاع يوآف غالانت.
يدور الحديث عن ميل مقلق من المتوقع أن يحتدم لدرجة أزمة سياسية حقيقية. من يعتقد أن حلاً سحرياً لتصفية “الإرهاب” الفلسطيني يكمن في تلك الأقوال الكبرى والحماسية من جانب الوزراء، يخطئ خطأ جسيماً. إلى جانب مكافحة “الإرهاب”، سيتعين على رئيس الوزراء إدارة السياسة بشكل موضوعي وعاقل كي لا يجر جمهوراً إضافياً في الشارع الفلسطيني إلى دائرة التصعيد.
لهذا الغرض، سيتعين على رئيس الوزراء العمل بالشراكة مع وزير الدفاع، ويمنح إسناداً للجيش وغيره من محافل الأمن. غير أن الشهر الأخير لا يبشر بالخير في هذا السياق.