مصممة باريسية شابة تعطي حياة جديدة لقمصان كرة القدم المستعملة

تعطي شابة في التاسعة عشرة من العمر من داخل غرفتها التي تتخذ منها مشغلاً لها في ضاحية باريس، حياة جديدة لقمصان كرة قدم قديمة، من خلال تحويلها إلى كورسيهات، في مبادرة ملتزمة أخلاقياً ومراعية للبيئة استرعت انتباه إحدى أهم دور الأزياء على مشارف المونديال القطري.

وتقول مي جراش وهي تخرج قطعتها المفضلة التي استخدمت فيها قميصا لنادي برشلونة “أقوم بذلك بمفردي، من جمع القمصان إلى التصميم والخياطة”.

وتضيف الشابة المولودة لأب أرجنتيني وأم فرنسية “لا أريد أبداً استخدام قمصان جديدة، إذ إن الفكرة تقوم على مبدأ إعادة التدوير للأفضل (upcycling)، أي من دون تدخل كيميائي، الأمر ليس إعادة تدوير عادية”.

وتشير جراس إلى أن الأمر “لم ينطلق في البداية من قناعة بيئية، بل من تنديد بسوء معاملة اليد العاملة في بعض البلدان. لقد قلصت استهلاكي للألبسة الجديدة واتجهت نحو علامات تجارية تعتمد معايير أخلاقية”.

وفي بادئ الأمر، طورت الشابة هذا المشروع للدخول إلى كلية “ستوديو بيرسو” للموضة.

وفي وقت لاحق، لفتت مي انتباه المدير الفني في دار “ميزون شاتو روج” الباريسية يوسف فوفانا الذي التقى فيها يوماً وهي ترتدي أحد الكورسيهات من تصميمها.

وبعدما أُعجب بقطعة الملبس هذه، اقترح فوفانا على الشابة طرحها للبيع خلال الفترة التي ستشغل فيها دار “ميزون شاتو روج” مقر شبكة الملابس الفرنسية اليسيرة التكلفة “تاتي” في حي باربيس الباريسي خلال الأسابيع المقبلة أثناء فترة مونديال كرة القدم في قطر (20 تشرين الثاني/نوفمبر إلى 18 كانون الأول/ديسمبر).

وتوضح المصممة الشابة “كنت محظوظة بلقاء شخص لطيف يحترم قيمي، يوسف فوفانا”. وهي اضطرت للتعجيل في العمل بسبب المهلة الضيقة، إذ تقول “لقد عملت طوال الصيف في قبو جدتي في منطقة فينيستير مع آلة الخياطة خاصتها، وطلبت من أقربائي قمصانا”.

وتولي عائلتها أهمية كبيرة لكرة القدم… فوالدها الأرجنتيني مولع بنادي ريفر بلايت الشهير في بوينوس ايرس. أما شقيقة مي المدعوة لوس، فتلعب ضمن فريق نادي باريس سان جيرمان للأشخاص دون سن الخامسة عشرة.

وخلال هذا الصيف المزدحم بالأنشطة، أنجزت المصممة الشابة أحد عشر كورسيهاً، لكنها اضطرت أيضاً إلى “إطلاق ماركة في خلال ثلاثة أشهر، وقد حصلت الأمور بسرعة كبيرة”.

واختارت مي شعاراً لماركتها، وأطلقت لها حساباً عبر إنستغرام. وتقول “أصدقائي يظهرون في الصور، إناثاً وذكوراً، لأن هذه الكورسيهات للجميع، وصديقي يُنجز الصور”.

تفضّل مي إنجاز قطع بمقاسات الأطفال، خصوصاً لسهولة تداولها بين شخص وآخر نظراً إلى أن الناس يستغنون عنها بسرعة أكبر حين تصبح ضيّقة.

وتضم مجموعة الفتاة المقيمة في منطقة ليلا بضاحية سين سان دوني الباريسية، كورسيهين بألوان نادي ريد ستار، وأيضاً بألوان نادي ليون الفرنسي، ومنتخبات فرنسا والبرازيل والمكسيك المشاركة في كأس العالم لكرة القدم.

ولا تزال المصممة الشابة تقيم مع والديها، داخل مشغل قديم تم تحويله إلى مسكن في أحد أزقة منطقة ليلا. وتقول مي “إنها أول مرة أكسب المال”، إذ تبيع الكورسيه الواحد بمبلغ 120 يورو.

وتوضح أن “التعاون مع دار ميزون شاتو روج يخفف عني الضغط المرتبط بإيجاد نقطة بيع”، لكن سيتعين عليها في المستقبل التفكير في طريقة لتسويق عملها، “بلا شك من خلال فتح باب الطلبات المسبقة، لأني أصنع قطعاً فريدة”.

وتقول مي الحريصة على الطابع الأخلاقي لعملها “لا أريد الانخراط في نظام الإنتاج المكثف”.