ما بعد مظاهرات السبت.. إسرائيل تغلي والغضب يتسع.. وشروط متعاكسة للحوار حول “الإصلاح القضائي”

تعيش إسرائيل غليانا شعبيا في جميع الاتجاهات في ظل مواجهة مشحونة بين الحكومة وبين العديد من الإسرائيليين بسبب الإصلاح القضائي الذي يعتزم بنيامين نتانياهو إقراره، ما دفع محللين ومسؤولين إلى التحذير من “حرب أهلية” لم تكن يوما في الحسبان.

 

وتظاهر مئات الآلاف من الإسرائيليين في تل أبيب ومدن أخرى مساء يوم السبت، وحاولوا إغلاق العديد من الشوارع والمحاور الرئيسية، احتجاجا على الخطة الحكومية لإدخال تغييرات على جهاز القضاء.

 

والتظاهرة هي الأكبر ضد خطة الإصلاح القضائي منذ بدء الاحتجاجات قبل أكثر من شهرين، حيث تشير تقديرات إسرائيلية إلى مشاركة ربع مليون إسرائيلي في التظاهرات التي خرجت في 95 موقعاً في إسرائيل، كما دعت ليوم إضراب شامل الخميس المقبل.

 

ووفق خبراء ومختصين فإن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو يمتلك هامش مناورة ضيقاً لتجاوز هذه الأزمة، في ظل فجوة واسعة في المواقف بينه وشركائه في الائتلاف الحكومة من جهة، ومواقف القوى المعارضة من جهة أخرى.

اتساع الاحتجاجات

وعلاوة على الزخم الكبير الذي اكتسبته المظاهرات في إسرائيل ضد خطة الإصلاح القضائي، بعد تسعة أسابيع على انطلاقها، وفق ما يظهره ارتفاع أعداد المشاركين فيها، وبعد أن تطورت الأسبوع الماضي لمواجهات مع الشرطة الإسرائيلية، بدأت الاحتجاجات تأخذ منحى جديداً.

 

وأعلن عشرات الجنود الإسرائيليين، يوم الأحد، في رسالة إلى قيادة سلاح الجو أنهم لا ينوون حضور التدريب الأسبوعي احتجاجاً على خطوات الاصلاح القضائي التي أقرتها حكومة بنيامين نتنياهو.

وبحسب “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، فإن ما مجموعه 37 طياراً احتياطياً من أصل 40 فرداً من سرب المقاتلات الإسرائيلية رقم 69 التابع لسلاح الجو الإسرائيلي أكدوا أنهم لن يحضروا دورة تدريبية مقررة مسبقاً يوم الأربعاء المقبل، احتجاجاً على الإصلاح القضائي للحكومة.

وكشف صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية أن الجيش الإسرائيلي يخشى من فقدان القدرة على تنفيذ طلعات جوية حربية بعدما قام جنود من الاحتياط بالاحتجاج وقرروا عدم حضورهم للتدريبات الجوية.

وتعد هذه الخطوة تطوراً خطيراً في الاحتجاجات ضد خطة ائتلاف نتنياهو للإصلاحات القضائية، بعد أن خرجت دعوات من مسؤولين عسكريين لتنحية الجيش عن الخلافات السياسية في البلاد، خشية التأثير على قدراته العملياتية.

وتضاف هذه الخطوة، لتأثيرات اقتصادية كبيرة محتملة على الاقتصاد الإسرائيلي بعد قرار عدد من الشركات الدولية سحب استثماراتها في إسرائيل، في الوقت الذي تفكر فيه شركات أخرى بخطوات مماثلة.

دعوات للعصيان العسكري

ذكرت وسائل إعلام عبرية، مساء يوم الأحد، أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيعقد اجتماعا طارئا مع وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي يوآف غالانت.

وبحسب إذاعة “ريشت كان” العبرية، فإن اللقاء سيبحث الوضع في الجيش في أعقاب دعوات العصيان العسكري احتجاجا على مشروع قانون إصلاح جهاز القضاء.

وقال وزير الجيش الإسرائيلي: “أي دعوة للعصيان تضر بعمل الجيش وقدرته على القيام بمهامه”.

وحذر رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، في رسالة تحذيرية وجهها إلى رئيس وزراء  الاحتلال نتنياهو ووزير الجيش غالانت من ذهاب الجنود للعصيان المدني احتجاجا على إضعاف جهاز القضاء.

وأوضحت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية أن هاليفي قال في رسالته : “إذا زاد الاحتجاج والعصيان داخل الجيش فقد يضر ذلك بكفاءة الجيش وعمله”، مضيفا: “نحن قلقون للغاية من توسع العصيان داخل قوات الجيش”.

حوار مشروط

وعلى وقع الاحتجاجات، دعا وزير العدل الإسرائيلي ياريف ليفين، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتس، ورئيس لجنة الدستور سمحا روثمان، يوم الأحد، قادة المعارضة في إسرائيل إلى لقاء في منزل الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، للتوافق على خارطة طريق للخروج من الأزمة. حسب ما أكد موقع i24news الإسرائيلي.

وقابلت المعارضة الإسرائيلية، دعوة الحوار بإعلان شروط لقبولها، أبرزها إعلان وقف إجراءات تشريع خطة الإصلاح القضائي قبل البدء في حوار بشأن الخطة المثيرة للجدل.

وقال زعيم المعارضة ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق يائير لابيد، إنه “لن تكون هناك مفاوضات إلا بمجرد إعلان تعليق التشريع”.

 

في حين اتهم وزير الجيش الإسرائيلي السابق وزعيم “معسكر الدولة” بيني غانتس، في تغريدة له، الائتلاف الحكومي بممارسة التضليل، وقال: “لجنة الدستور تجتمع الآن وتسرع تطبيق التشريعات، وتريد منا الحوار، لا داعي لانتظار يوم الثلاثاء، بمجرد الإعلان عن وقف التشريعات، سنلتقي اليوم في مكتب الرئيس”. 

وقال: “الشوارع ستمتلئ بمليون متظاهر في حال استمرت إجراءات قوانين إضعاف جهاز القضاء”.

 

وعلّق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت على المظاهرات ضد الإصلاحات القضائية قائلا: “علينا أن ننتقل إلى المستوى التالي، يجب أن نذهب إلى الحرب.. في الحرب لا تكسب المعارك بالخطابات ولكن تُكسب وجهًا لوجه”.

ضغوط داخلية

وفي الوقت الذي يحاول نتنياهو، احتواء الغضب من خطة حكومته بشأن القضاء، بدأت أزمات داخلية تعصف بالائتلاف الحكومي، بعد أن نقلت تقارير عبرية عن وزير العدل الإسرائيلي ياريف ليفين، تأكيده أنه سيستقيل من منصبه في حال قرر نتنياهو تعليق تطبيق الخطة ولو ليوم واحد.

ووفق ما ذكرت القناة 13 العبرية، فإن “نتنياهو تراجع عن مخطط كان سيعلن عنه لوقف خطة إصلاح القضاء بعد تهديد ياريف ليفين بالاستقالة من منصبه”، لتتعمق الخلافات بين الطرفين، حيث كان نتانياهو يسعى لقبول مقترح من الرئيس الإسرائيلي بشأن الحوار مع المعارضة.

وفي الوقت ذاته، بدأ حزب “شاس” ممارسة ضغوط أكبر على نتنياهو لإعادة زعيمه أرييه درعي للمناصب الوزارية التي تمت إقالته منها بعد إبطال تعيينه من المحكمة العليا في إسرائيل، بسبب إدانته بتهمة التهرب الضريبي.

كما كرر حزب “يهدوت هتوراة” اليميني، اتهاماته لنتنياهو بعد تنفيذ الاتفاقات الائتلافية، بعد أن هدد الحزب في وقت سابق بالانسحاب من الائتلاف الحكومي وهو ما يعني انهياره.