كشفت وسائل اعلام عربية عن فحوى زيارة رئيس جهاز المخابرات العامة المصري اللواء عباس كامل، ورئيس جهاز المخابرات الأردنية أحمد حسني، بزيارة خاطفة إلى الرئيس عباس في رام الله، الثلاثاء، قبل لقاء عباس ووزير الخارجية الأميركي.
وجاءت زيارة عباس كامل بتنسيق مسبق بين المسؤولين في مصر ووزير الخارجية الامريكية انتوني بلينكن، الذي طالب الجانب المصري بالضغط على عباس من أجل التوصل لتهدئة في الضفة الغربية، ومنع اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة، أو دخول قطاع غزة على خط المواجهة، بدعم من أطراف إقليمية، وفق تخوفات الإدارة الأميركية.
رسائل مصرية إلى السلطة الفلسطينية
وبحسب صحيفة “العربي الجديد”، حمل اللواء عباس كامل ثلاث رسائل رئيسية من القاهرة للرئيس الفلسطيني، أولاها تتمثل في ضرورة الإعلان الرسمي عن عودة التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، وهو المطلب نفسه الذي أكد عليه بلينكن خلال لقائه المسؤولين المصريين في القاهرة، حيث شدد على ضرورة عودة التنسيق دون أي شروط من جانب السلطة الفلسطينية.
كما حمل لقاء رئيسي المخابرات الأردني والمصري بعباس وعدد من المسؤولين في السلطة الفلسطينية ضرورة الإعلان الرسمي عن استعداد الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية للعمل الجاد على استعادة الأمن والسيطرة على الوضع في مدن الضفة الغربية، وذلك لتمكين الوسطاء من ممارسة ضغوط على حكومة الاحتلال بوقف التصعيد.
وخلال اللقاء، أكد عباس لرئيسي المخابرات المصرية والأردنية أن ضبط الأوضاع الأمنية في الضفة لا يقتصر على السلطة فقط، وأن الأمر يرتبط بشكل مباشر بحركتي حماس والجهاد الإسلامي، إذ ينشط عناصرهما في عمليات ضد الاحتلال، وهو ما استتبعه نقل كامل للرسالة المصرية الثالثة بأن القاهرة بصدد إيفاد وفد أمني رفيع المستوى إلى قطاع غزة للقاء قيادات حركتي حماس والجهاد من أجل التوصل لتفاهمات واضحة بشأن الحفاظ على الهدنة، ومنع التصعيد مع الاحتلال الإسرائيلي.
ضغوطات مصرية وأردنية على عباس
وبحسب الصحيفة، ما جعل اللقاء بين عباس ورئيسي جهاز المخابرات المصري والأردني متوترا، هو كون الضغوط والطلبات التي قدمت إلى عباس لم يقابلها الحديث عن أي ضغوط ستتم ممارستها بالمقابل على حكومة الاحتلال من أجل وقف ممارساتها، وأن الأمر لم يكن سوى إشارات بمطالب ستنقلها مصر للجانب الأميركي وحكومة الاحتلال بشأن تحسين الأوضاع في مدن الضفة، وأوضاع الأسرى الفلسطينيين داخل السجون.
وأضاف مصدر أمني فلسطيني أن “زيارة وزيري الخارجية المصري والأردني، الإثنين، ولقاءهما الرئيس محمود عباس، صبّا في الهدف نفسه، وهو إقناع القيادة الفلسطينية بالتهدئة، دون ذكر تفاصيل محددة حول ما تتضمنه التهدئة”.
وبحسب المصدر الأمني، فإن الولايات المتحدة معنية بتهدئة تتواصل حتى شهر رمضان، الذي يتوقع أن تعود الأمور فيه للتصعيد حسب التقديرات الأمنية الإسرائيلية.
رفض أميركي لمبادرة مصرية
في سياق متصل، كشف مصدر دبلوماسي أميركي في القاهرة عن رفض بلينكن خلال زيارته للقاهرة مبادرة مصرية بهدف إحياء مسار المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وكشف المصدر، أن المبادرة المصرية كانت تتمثل في دعوة القاهرة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى مفاوضات تمهيدية في مدينة شرم الشيخ برعاية مصرية في آذار/مارس المقبل، بمشاركة الإدارة الأميركية والأردن، وهو المقترح الذي رفضه بلينكن بدعوى عدم ملاءمة الأوضاع الحالية لمثل تلك المبادرة.
وأوضح المصدر أن رؤية بلينكن والإدارة الأميركية في هذا الشأن، تدور حول أن مثل تلك الخطوة تحتاج لتهيئة واسعة حتى تكون مجدية ولا تكون مجرد مباحثات شكلية فقط، مضيفاً أنه في الوقت ذاته فإن تركيز الإدارة الأميركية منصب في الوقت الحالي على التعامل مع الملف الإيراني بالتنسيق مع إسرائيل.
مجدلاني: ضغط أميركي على السلطة لقبول التهدئة
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد مجدلاني، إن “الهدف من زيارة الوفد الأميركي للضفة الغربية ولقاءاته مع القيادة الفلسطينية، هو الضغط لقبول هدنة للتهدئة مع إسرائيل مدتها من 3 إلى ستة أشهر، لكن القيادة الفلسطينية تشترط أن تكون أي تهدئة مرتبطة بأفق سياسي”.
وأوضح مجدلاني لـ”العربي الجديد” أن المسؤولين الأميركيين أكدوا أن فريقاً من كبار المسؤولين سيتابع مع الفلسطينيين، ومع حكومة الاحتلال الإسرائيلي، ما يتصل بالإجراءات أحادية الجانب، وما هي الأولويات بالنسبة إلى الفلسطينيين.
وطلبت القيادة الفلسطينية ضمانات على تراجع إسرائيل عن اقتحامات مناطق (أ) حسب اتفاقية أوسلو، أي المدن والبلدات الفلسطينية، ووقف التصعيد والاغتيالات اليومية، وتجميد الاستيطان ولجم المستوطنين.
وقال مصدر أمني فلسطيني “كان رد جميع المسؤولين الأميركيين الذين حضروا إلى رام الله في الأسابيع الماضية وحتى اليوم، واضحاً، وهو لا نستطيع أن نعطي ضمانات أن إسرائيل ستلتزم 100% لكنها يمكن أن تلتزم بنسبة ما”.
واجتمع عباس ببلينكن، فيما اجتمع أمين سر اللجنة التنفيذية لـ”منظمة التحرير الفلسطينية” حسين الشيخ،أمس الأربعاء، في رام الله، مع مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف، ونائبها هادي عمرو، وكيم هارينغتون من الأمن القومي.
وبحث الشيخ مع الوفد الأميركي الذي ترأسه ليف، الأولويات الفلسطينية التي سيبحثها المسؤولون الأميركيون مع حكومة الاحتلال، ليتم وقفها حسب الطلب الفلسطيني، وهي: العودة إلى ما كانت عليه الأوضاع ما قبل سبتمبر/ أيلول 2000، تجميد الاستيطان، وقف مصادرة الأراضي والموارد الطبيعية، وقف هدم البيوت، وقف الترحيل، والاغتيالات، وأية إجراءات تخل بالوضع القائم في القدس والأماكن المقدسة، والتوقف عن قرصنة عائدات الضرائب الفلسطينية.