قطر تعمل ليل نهار لوضع اللمسات الأخيرة على تحضيراتها للمونديال

إنّها التاسعة ليلاً في وسط الدوحة وعشرة عمّال ينهمكون في إزالة خردة من أمام برج أوشك تشييده على الانتهاء: قبل 17 يوماً من انطلاق المونديال، تعمل قطر ليل نهار لكي يكون كلّ شيء جاهزاً قبل ركلة البداية.
من الضوء المنعكس على نوافذ البرج التي لم يكن لها أيّ وجود في بداية نيسان/أبريل، عندما جرت قرعة توزيع المنتخبات، تبدو الشقق المفروشة وكأنّها أصبحت جاهزة للسكن.
الرافعة التي كانت تعلو البرج المكوّن من 30 طابقاً، اختفت، شأنها في ذلك شأن الكثير من الرافعات الأخرى في منطقة الخليج الغربي.
خلال السنوات الاثنتي عشرة التي انقضت منذ نيلها شرف تنظيم كأس العالم في كرة القدم، نفّذت قطر مشاريع عملاقة: بنت سبعة إستادات وجدّدت ثامناً وأنشأت مترو أنفاق وشقّت طرق وشيّدت فنادق، لا بل بنت مدينة جديدة، بأمّها وأبيها، هي مدينة لوسيل شمال العاصمة.
وردّا على سؤال لوكالة فرانس برس خلال مؤتمر صحافي الخميس، أكّد خالد المولوي، نائب المدير العام للتسويق والاتصال في اللجنة المنظمة لكأس العالم، أنّ “كلّ الأعمال الخاصة ببطولة كأس العالم انتهت وسوف تنتهي في الوقت المحدّد لها، وفقاً لجميع الخطط المرسومة والمعدّة مسبقاً لها”.
وفي هذا الميل الأخير من سباق الألف ميل الذي ينتهي حين تدوّي صفارة انطلاق البطولة في 20 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، لا يزال آلاف العمّال يعملون حتى وقت متأخر من الليل لإنجاز ما تبقّى من أعمال غير منجزة في بعض الفنادق وفي مناطق المشجعين.
على أطراف قرية “كتارا” الثقافية الفارهة في العاصمة، لا تزال سقالات البناء تلفّ أجزاء من مبنى أبيض ضخم يذكّر بتاج محل.
أمام هذا الفندق المؤلّف من 59 غرفة و 32 فيلا والمقرّر افتتاحه في تشرين الثاني/نوفمبر، تمّ إغلاق الطريق للسماح للعمّال بالانتهاء من أشغال تطوير الواجهة البحرية.
فوق أحد شوارع “القرية الثقافية” نصبت مظلّة من الأعلام بألوان الدول الـ32 التي تأهّلت لمونديال قطر، أول دولة في العالم العربي تستضيف هذا العرس الكروي العالمي.
أما تميمة المونديال “لعّيب” فصوره تغزو سائر أنحاء الدوحة منذ أيلول/سبتمبر، استعداداً لأكبر حدث على الإطلاق تستضيفه الإمارة الخليجية الصغيرة.
في إحدى الحديقتين العامّتين المحيطتين بكتارا، نبتت أيضاً خمسة عشر فيلا ضخمة، تطل نوافذها الكبيرة على البحر، بينما تعلو رافعتا بناء المكان.
وداخل بعض من هذه الفيلاّت ينكبّ على العمل بضع عشرات من العمّال، بينما في المتنزّه، يستفيد السكّان من الطقس المعتدل للجري أو لعب البادل أو التنزّه.
وعلى بُعد بضعة كيلومترات إلى الشمال، على الجانب الآخر من الخليج، تضيء شرارات تظهر بشكل متقطع نادي الدوحة للغولف. إنّهم عمّال حديد يشيّدون واحدة من المنصّات الكثيرة التي ستستضيف العديد من الحفلات الموسيقية المقرّرة خلال كأس العالم.
في لوسيل، عدد الرافعات أكثر ولكنّ العمل أقلّ ضجيجاً في الساعة العاشرة ليلاً.
عند مدخل المرسى تقع إحدى مناطق المشجّعين، لكنّها غارقة في الظلمة. وحده صوت الحفّارات يخرق هدوء الليل. هذا الضجيج مصدره “كتارا تاورز”.
هذا المعلم الفندقي المميّز هو عبارة عن برجين يرتفعان على شكل سيفين منتصبين يلتقيان عند قبضتيهما ويجسّدان شعار قطر.
عند أقدام هذين البرجين تنتظر حيوانات من ماعز ودجاج قدوم السياح إلى منشأة تستنسخ مخيّماً صحراوياً تقليدياً.
في الجهة المقابلة تقع جزيرة المها وهي منطقة جذب أخرى مصمّمة لاستقبال المشجّعين الذين سيتقاطرون على البلاد والذين تتوقّع السلطات أن يزيد عددهم عن المليون زائر.
في هذه الجزيرة مدينة ملاه تنتظر بدورها تدفّق السياح عليها.
وإذا كان افتتاح هذه الجزيرة وشيكاً، إلّا أنّ مدخلها الذي أغلقه حرّاس الأمن لا يزال قيد الإنشاء، بدليل أكوام التراب التي ما زالت تحيط به.
إنّها العاشرة والنصف ليلاً وفي الموقع حوالى عشرين عاملاً وقد استسلموا للراحة.
في عمق لوسيل، على الطريق المؤدّي إلى الإستاد الذي يتّسع 80 ألف متفرّج وسيستضيف نهائي كأس العالم في 18 كانون الأول/ديسمبر، تنتصب أربعة أبراج فضية ضخمة تشرف على مبان سكنية صغيرة.
على الأرصفة التي لا تزال قيد الإنشاء، يسير حوالي مئتي عامل نزلوا لتوّهم من الحافلة. إنّها الساعة الحادية عشرة إلا ربعاً ليلاً ومناوبتهم على وشك أن تبدأ.