بقلم:المحامي علي أبوهلال
في إطار سياستها العدوانية التي تستهدف الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين شرعت الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، بتشريع جملة من القوانين والتشريعات العنصرية التي تمس حقوقهم الأساسية، التي تكفلها لهم الشرعة الدولية لحقوق الانسان، وقواعد القانون الدولي الإنساني، وقرارات الشرعية الدولية، ومبادئ القانون الدولي.
فقد صادقت الهيئة العامة للكنيست بالقراءة التمهيدية يوم الأربعاء الماضي 11/1/2023، على مشروع قانون لسحب المواطنة أو الإقامة من أسرى فلسطينيين “تلقوا تعويضات من السلطة الفلسطينية مقابل تنفيذ عمل إرهابي”.
ووفقا لمشروع القانون، فإن “مواطنا في إسرائيل أو مقيما في القدس المحتلة” وافق على تلقي أموالا من السلطة الفلسطينية، بشكل مباشر أو بواسطة جهة أجنبية، كراتب أو تعويض مقابل عمل “إرهابي” أو مخالفة أخرى تنطوي على استهداف خطير لأمن الدولة، مثله مثل من يشهد على نفسه أنه يتنازل عن مكانته كمواطن أو كمقيم”. وجاء في نص مشروع القانون أنه “تقترح ربطا واضحا بين تلقي راتب لتنفيذ العمل “الإرهابي” وبين الحق بالمواطنة أو الإقامة”.
وفي تصريح عنصري اعتبر عضو الكنيست حانوخ ميلفيتسكي، من حزب الليكود خلال اجتماع لجنة الكنيست أنه “لدى مكافحة الإرهاب ينبغي الاستعانة بوسائل فظة، ووسائل ربما تمسّ بحقوق كهذه وأضاف نحن ندافع عن أنفسنا من “إرهاب” قاتل وأنا لا أشعر بأي حاجة لتبرير نفسي حيال أنني في دولة اليهود أفضل اليهود”. وأضاف “نعم، أنا أفضل قتلة يهود على قتلة عرب”.
وكان رئيس الائتلاف الحكومي ورئيس لجنة الكنيست، أوفير كاتس، أعلن الإثنين الماضي أي قبل يومين من مصادقة الكنيست على مشروع القانون، أنه بصدد العمل عل “سنّ قانون يشرعن سحب الجنسية أو الإقامة عن حامليها بحال أدينوا بعمل عدائي ويتلقون في الوقت نفسه، نوعاً من أنواع المكافآت”. ويذكر أن مشروع قانون سحب الجنسية من الأسرى الذين يتلقون مكافآت من السلطة الوطنية الفلسطينية صودق عليه بالتوافق بين الائتلاف والمعارضة. وعملًا بهذا القانون يتاح سحب الجنسية أو الاقامة من أي مواطن فلسطيني من الأراضي الفلسطينية عام 48 أو من القدس المحتلة، وإبعاده إلى ألأراضي الفلسطينية المحتلة في نهاية محكوميته إذا كان قد ارتكب “عملية إرهابية” تقاضى منها مكافأة على فعلته، ويذكر أن مشروع القانون قد حصل على موافقة أعضاء الكنيست من أحزاب الائتلاف، “الليكود” والصهيونية الدينية” و”عوتسما يهوديت” و”يهدوت هتوراة”، ومن الحزبين في المعارضة “ييش عتيد” برئاسة يائير لبيد، و”المعسكر الوطني” برئاسة بيني غانتس. وسيحول إلى لجنة الداخلية وحماية البيئة لإعدادها للقراءة الأولى، وجاء في نص مشروع القانون أنه “يقترح ربطًا واضحًا بين تلقي راتب لتنفيذ العمليات وبين الحق بالمواطنة أو الإقامة”. وأيّد المشروع واحد وسبعون عضوًا وعارضه تسعة أعضاء.
إن تصويت أعضاء الكنيست من الحكومة والمعارضة الإسرائيلية في الكنيست على مشروع هذا القانون الذي يمس حقوق الأسرى الفلسطينيين، من أبناء الداخل، والقدس المحتلة يعبر عن وحدة موقف الكيان الاسرائيلي العنصري المعادي للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، ويشكل دعما لسياسة وزير الأمن القومي المتطرف اينمار بن غفير، ويأتي جزءًا من سياسة التصعيد والإجراءات الصارمة التي شرع بتطبيقها خلال الأيام الماضية عقب زيارته لمعتقل “هداريم”، حيث هدد خلالها بتطبيق إجراءات جديدة تهدف إلى تضييق الخناق على الأسرى، وجعل حياتهم لا تُطاق داخل المعتقلات. وتصريحاته الخطيرة التي طالب فيها الكنيست بإقرار مشروع قانون الإعدام ضد الأسرى المتهمين بقتل أو محاولة قتل “إسرائيليين” على حد قوله، واصداره أوامر للشرطة بمنع الاحتفالات بالإفراج عن أسرى، وذلك بعد أن احتفى أبناء الشعب الفلسطيني قبل أيام بالإفراج عن كريم يونس الذي أمضى 40 عاما في سجون الاحتلال، واستعدادهم للاحتفال بالإفراج بعد أيام عن الأسير ماهر يونس الذي أمضى فترة مماثلة. وإلغائه قرار وزراء سابقين له بالسماح لأعضاء الكنيست بزيارة أسرى.
ان مصادقة الكنيست على مشروع هذا القانون جاء في إطار تشريع قوانين عنصرية أخرى تستهدف الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة، من ضمنها مصادقة الهيئة العامة للكنيست، بالقراء الأولى على تمديد سريان أنظمة الطوارئ التي تفرض القانون الإسرائيلي على المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، ومصادقة الكنيست على قانون يسمح بتوسيع صلاحيات وزير “الأمن القومي” إيتمار بن غفير، لإحكام سيطرته على جهاز شرطة الاحتلال، والقوات التابعة لها، ويهدف مشروع القانون إلى تعديل “مرسوم الشرطة”، بحيث يمنح بن غفير، صلاحيات واسعة جدًا على جهاز شرطة الاحتلال ومفتشها العام. ومصادقة الهيئة العامة في الكنيست على إجراء تعديل تشريعي يتيح تعيين “وزير إضافي” في وزارة، تمهيدًا لتعيين في وزارة الأمن يكون ممثلًا عن “الصهيونية الدينية” ومسؤولًا عن “وحدة تنسيق عمليات الحكومة في المناطق المحتلة”.
ان مجمل هذه القوانين العنصرية تشكل اعتداء صارخا على حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، وتمس الحقوق الأساسية للأسرى والمعتقلين، وينبغي مواجهتها والعمل على تحشيد المجتمع الدولي ضدها، وعزل ومقاطعة حكومة الاحتلال التي تشرعن بها نظام الفصل العنصري والابارتهايد في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.